بسم الله الرحمن الرحيمالسلام عليكم ورحمه الله وبركاتهمجموع فتاوى و رسائل - المجلد الثالث عشر | صفة الجلوس بين السجدتين | محمد بن صالح العثيمين |
وسئل فضيلة الشيخ: هل ورد حديث صحيح في تحريك السبابة بين السجدتين في الصلاة؟ فأجاب فضيلته بقوله: نعم، ورد
الحديث الذي في صحيح مسلم عن ابن عمر – رضي الله عنهما – أن النبي صلى
الله عليه وسلم كان إذا قعد في الصلاة وذكر أنه يشير بإصبعه (1)، وفي لفظ،
إذا قعد في التشهد (2). فاللفظ الأول عام، والثاني خاص، والقاعدة أن ذكر
الخاص بحكم يوافق العام لا يقتضي التخصيص، ومثال ذلك أن يقول رجل لآخر:
أكرم طلبة العلم، ويقول له: أكرم محمداً، ومحمد من طلبة العلم، فهذا لا
يقتضي أنه لا يكرم بقية طلبة العلم، وقد نص علماء الأصول على هذا، وذكره
الشيخ الشنقيطي – رحمه الله – في أضواء البيان.
لكن لو قال: أكرم الطلبة، ثم قال: لا تكرم من ينام في الدرس، فهذا يقتضي التخصيص؛ لأنه ذكر بحكم يخالف الحكم العام.
ثم في هذا حديث خاص، رواه
الإمام أحمد في مسنده (3) بسند قال فيه صاحب الفتح الرباني: سنده حسن (4)،
وقال بعض المحدثين على زاد المعاد (5): سنده صحيح. "أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم كان إذا جلس بين السجدتين قبض أصابعه وأشار بالسبابة".
ومن قال لا يحركها، فنقول له:
فماذا يصنع باليد اليمنى؟ إذا قلت يبسطها على الفخذ فنطالبك بالدليل. ولم
يرد في الأحاديث أنه كان يبسط يده اليمنى على فخذه، ولو كان يبسطها لبينه
الصحابة كما بينوا أنه كان يبسط يده اليسرى على الفخذ اليسرى. فهذه ثلاثة
أدلة.
وسئل فضيلة الشيخ: عن حكم تحريك السبابة حال الدعاء بين السجدتين في الصلاة؟ فأجاب فضيلته بقوله: الذي أرى
أنه سنة، لحديث وائل بن حجر (6) في مسند الإمام أحمد، وقد صححه من
المتقدمين ابن خزيمة، وابن حبان (7)، ومن المتأخرين الساعاتي في مسند
الإمام أحمد فقد قال عنه: إن سنده جيد، قاله في الفتح الرباني (8)،
والأرناؤوط في زاد المعاد (9).
وفيه التصريح بأن وضع اليد
اليمنى بين السجدتين كوضعها في التشهد سواء، ولي سلف من أهل العلم وهو ابن
القيم – رحمه الله تعالى – في زاد المعاد فقد صرح أن وضع اليدين بين
السجدتين كوضعهما في التشهدين.
ثم يقال: إنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وضع يده اليمنى على فخذه مبسوطة.
أما اليسرى فالسنة في هذا صريحة أنها تبسط على الفخذ أو تلقم الركبة، كل ذلك جائز، وهم صفتان.
لكن يبقى النظر، متى يشير بإصبع اليمنى.
والجواب: الذي بلغني من
السنة أنه يشار بها عند الدعاء، فيحركها الإنسان إلى فوق كلما دعا،
والمناسبة في ذلك أن الدعاء موجه إلى الله عز وجل؛ والإشارة إلى العلو
إشارة إلى الله عز وجل، هذا ما تبين لي في هذه المسألة، والله أعلم.
وسئل فضيلة الشيخ: عن دليل مشروعية قبض أصابع اليد اليمنى والإشارة بالسبابة بين السجدتين؟ فأجاب فضيلته بقوله: دليل ذلك
عموم حديث ابن عمر – رضي الله عنهما – فإن في بعض ألفاظه: "إذا قعد في
الصلاة أو قعد يدعو" (1)، وكذلك حديث وائل بن حجر الذي رواه الإمام أحمد في
مسنده (2)، وجوده صاحب الفتح الرباني قال: إسناده جيد، وكذلك نقول، إذا
قلنا لا يقبض بين السجدتين فماذا يصنع باليمنى؟ فإن بسطها فما الدليل؟ لأن
البسط ورد في اليسرى، واليمنى ما فيها إلا عموم حديث ابن عمر، وهذا الحديث
بخصوصه حديث وائل بن حجر فيؤخذ به، وهذا الحديث وإن كان بعض أهل العلم
ضعفه، فيؤخذ به لقوته بشاهد، وهو عموم حديث ابن عمر رضي الله عنهما في بعض
ألفاظه.