أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـات بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا .
[center]قرر ترك اختيار شريكة حياته لأبيه، فلطالما وثق به وببعد نظره فقد مثل طوال هذه السنوات كل شيء له بعد وفاة والدته، وطبعا الأب لم يتوانى عن اختيار أفضل أصدقائه صهرا دون أن يتردد هذا الأخير أبدا في تزويج إحدى بناته له، حتى أنه عرض عليه بناته الثلاث ليختار منهن من يراها أهلا للزواج، مضيفا في قوله: 'أعلم يقينا أن ابنتي لن تفتقد لوجودي في حياتها بوجودك أنت'
الحمد لله أن الله حرم الجمع بين الأختين وإلا لرأيناه يزوج البنات الثلاث جميعا من الابن
هاتف الأب مبشرا ابنه بالخبر وداعيا له أن ينزل للقرية ليرى الفتاة فيقرر في أمره ألمضي فيه أم العدول عنه، ورغم إجابة الابن له بثقة: 'يكفي أنها نالت إعجابك يا والدي'، أصر أبوه على قدومه ليرتاح باله. بعد يومين اجتمعا عند بيت الصهر للغذاء، وبعد الانتهاء منه نادى ابنته للحضور حتى ترى خاطبها ويراها، ودون مبالغة كانت الفتاة جميلة جدا خاصة وهي محمرة الوجنتين لم تكد ترفع عينيها لرويته حتى طرحتهما أرضا حياء، سألها والدها عن رأيها بالزواج منه، فابتسمت بخجل وخرجت من الغرفة، هنا ملأت المكان الزغاريد ومباركات كلتا الأسرتين لبعضهما لتمام هذه الزيجة الميمونة. وبعد أسبوعين شهدت القرية حفل عرس ضخم لازال يذكر بتفاصيله حتى الآن.
بعد انتهاء الاحتفال واختلاء العروسين ببعض صرح الزوج لشريكة حياته والدنيا لا تسعه فرحا: أنا أكثر رجال الأرض حظا بالزواج من فتاة جميلة وخلوقة مثلك
ردت الفتاة مشيرة بيديها: أبا أبااااا أب أبا أبا
__________________________________
وهو منهمك بين ملفات يدرسها، تلقى اتصالا من سكرتيرته يفيد بأن هناك بالخارج من يريد رؤيته، أجل لقاءه ما دام لم يعرفها عن هويته فيبدو أنه ليس من الزبناء المهمين. مرت ساعتان والشخص الماكث في غرفة الاستقبال قابع ينتظر دون ملل أو كلل والابتسامة لا تفارق وجهه، خرج حينها المحامي يحمل حقيبته هاما بمغادرة المكان متناسيا أمر السيد المنتظر حتى ذكرته السكرتيرة وهو يضع أوراقا لها فوق المكتب، استدار إليه ومكث برهة يتأمل في وجهه حتى استبان بين تلك الشيبة وأخاديد الزمن التي حفرت في وجهه حفرا ملامح أخيه الأكبر.
اقترب منه بتكاسل وسلم عليه قائلا: مرحبا لم أرك منذ مدة طويلة، رد الكهل قائلا: صحيح فمنذ أن طلق والدنا أمك لم تسمح لك بزيارتنا، قاطعه الأخ الأصغر بقوله: بل قل حين رماها للشارع دون أيما رحمة وهي صاحبة مرض، تجهم وجه الزائر فما جاء ليذكره بالماضي ولا ليعكر مزاجه بل جاء افتخارا به وما حققه بجده في الدراسة مستغلا خبر وفاة أمه علة لهذه الزيارة، فقال مواسيا: ليس هناك من داع لهذا الكلام، علق باستهزاء: آه صحيح ، ما الذي ذكرك بي أتريد مالا؟ أجابه الشيخ بثقة: سمعت بوفاة والدتك فأتيت لأعزيك وأعيد توثيق أواصر القرابة بيننا، علت تقاسيم الاستغراب وجهه وقال: لا داع لهذا اللف والدوران لن أمنع عنك مالا رغم ما منعه والدك عنا لولا أن باعت أمي حليها لما كنت لأصل إلى هنا، اطلب ما شئت فمن شيمي الكرم، ويبدو من حالك أنك محتاج له، خفض الأخ رأسه وهم بالانصراف وقد نفحت نسمات ذكريات مضت على عقله فرأى نفسه وهو يزور المرحومة خفية بمال جناه من عمله الشاق بأراضي الأسياد حتى تسد رمقها ورمق أخيه ذي السنتين ويتعهد أمامها أنه لن يبخل عنهما بشيء ما دام حيا معتذرا لها عما فعله والده معها غير مدرك بعد للسبب وطالبا منها كتمان زياراته لها حتى لا يغضب منه والده، ورأى نفسه واقفا في كل محطة مر بها أخوه مشجعا إياه بصمت ومباركا له خطواته والآن بعد أن مضى به العمر للنهاية دون ولد ولا زوجة جاء لمن اعتبره ابنا له حتى يرشف من حنانه ما يعوضه عن سنين التعب فيرحل قرير العين. لكن على ما يبدو ستزوره المنية وحيدا في بيته الجليدي...
_______________________________
رن جرس البيت معلنا قدوم الخاطب الغني المثقف، فتح الأخ الباب مرحبا به ترحيبا يليق بمقامه، ودعاه للدخول للبيت مناديا والديه للقائه، كان شابا يافعا ذا تقاسيم يرتاح الناظر إليها مهذبا تعلو محياه ابتسامة رضى عن كل فرد من أهل الفتاة الجميلة التي تعرف عليها بالشركة حين زارها مع والده لعمل ما. بعد تقديم الشاي من العروس الفاتنة طلب الزائر يدها من والديها اللذان أعربا عن فرحتهما بهذه الزيجة غير أن فرحتهما لن تكتمل إلا بحضور والديه شخصيا للاتفاق على كل التفاصيل، تعلل عن غيابهما بمرض أمه وسفر أبيه مرافقا إياها للخارج قصد العلاج ووعدهما بالقدوم رفقتهما المرة المقبلة محددا موعد الزيارة بعد شهر. يبدو أنه نال إعجاب الكل ممن فيهم صاحبة الشأن فقد ناولته رقم هاتفها مما سمح له بالاتصال بها كل حين وأحيانا يخرجان معا بمباركة الوالدين لمكان عمومي قصد التفاهم بشكل متكامل قبل الارتباط رسميا. انصرم الشهر وقد نال مكانا عظيما في قلب الفتاة حتى أنها صارت لا تطيق فكرة استفحال مرض أمه فيصير عائقا أمام ارتباطهما سريعا. في اليوم المحدد بدأت تنتظر منه اتصالا يعلمها بقدومه دون جدوى بل صارت هي من يتصل فتجد الرقم خارج الخدمة، كادت تجن خوفا من أن مكروها أصابه، مر أسبوعان على تلك الحال دون خبر يشفي الغليل ويريح الخاطر إلى أن دخل الأخ وبيده جريدة اليوم بها صورة المفقود يلبس الخاتم لابنة أحد رجال الأعمال المشهورين، رأت الصورة وما لبثت أن انهارت تبكي وتنحب وتردد 'لقد أخذت مكاني أنا من تستحق ذاك الخاتم أنا من يحبها وتنتظره للقدوم إليها...' كلام كثير ممزوج بالدموع والصراخ ولعنة اليوم الذي التقته فيه، تأثر أخوها لحالها وصار يهدئ من روعها حتى نامت مبللة الخدين مكسورة الخاطر، تألم الجميع لما آل إليه الوضع لكن لا أحد يستطيع تغيير مجريات الأقدار، اتكأ الأخ على الأريكة رافعا عينيه بالسقف يتأمل الثريا متنهدا تنهيدة طويلة رأى خلالها تقاسيم وجه كان قد نسيه ونسي كل تفاصيله تبين اليوم أنه لاحقه ليعاقبه على أخطائه بتدمير نفسية أخته كما سبق وفعل مع صاحبته يوم تركها للزواج بغيرها ..