الفصل الأول: المحاسبة العمومية في المؤسسة :
المبحث الأول: مفاهيم حول المؤسسة:
قبل التطرق إلى مفهوم المؤسسة إستوجب علينا الأمر التطرق إلى الشكل العام
للمؤسسة و الذي هو عبارة عن تجميع للعوامل الإقتصادية ، قانونية ، سياسية
، إجتماعية، ثقافية، و كذا تقنية و هذا لتنظيم و تشغيل عوامل الإنتاج
للوصول إلى الأهداف المرجوة التي أنشأت من أجلها و عليه يمكن أن تقوم عدة
مفاهيم للمؤسسة .
المطلب الأول : تعريف المؤسسة
توجد مجموعة من التعاريف للمؤسسة ، إذ ترتكز أغلبية التعاريف على عنصر أو
أكثر من العناصر المكونة لها ومن بين التعاريف نذكر مايلي: (1)
المؤسسة هي كل مكان لمزاولة نشاط إقتصادي و لهذا المكان سجلات تجارية
المؤسسة عبارة عن محل يتكون من أجزاء تتكامل فيما بينها من أجل تحقيق
هدف معين موجه وموحد كما يمكن تعريف المؤسسة على أنها تنظيم تمويلي مستقل
تنتج للسوق سلعا و خدمات و في هذا الصدد تبرز ثلاثة عناصر مهمة في هذا
التعريف :
• المؤسسة تنتج للسوق ، أي تبيع السلع و الخدمات.
• المؤسسة تنتج معناها أنها تخلق وتحول خدمات لإشباع حاجات الأفراد والمؤسسات الأخرى .
المؤسسة هي الوحدة الإقتصادية التي تتجمع فيها الموارد المالية و البشرية اللازمة للإنتاج الإقتصادي.
المؤسسة هي نظام إجتماعي ،إقتصادي،تقني ،منشط من طرف جماعة من الأفراد
ومنظم من أجل تحقيق أهداف معينة ،هذا النظام يتطور داخل نظام أوسع هو
المجتمع وبين هذا الأخير والمؤسسات علاقات متبادلة.
ومن هذا المفهوم تأخذ :
o المؤسسة كنظام إجتماعي : في إطار النشاط والمهام اليومية للإدارة
بالمؤسسة أو النظام الإداري يقوم هذا الأخير بعدد من الأعمال منها على وجه
الخصوص تحقيق وتنظيم وتنشيط أعمال مختلف الأفراد في المؤسسة.
o المؤسسة كنظام إقتصادي: نقصد به تلبية حاجات المجتمع الذي تتطور فيه
وذلك بصنع منتجات وتقديم خدمات ،نتيجة لإستهلاك موارد ( طبيعية و بشرية)
نسبيا نادرة،هذا العنصر يميز بصفة قاطعة المؤسسة عن التجمعات البشرية
الأخرى والتي تهدف إلى تحقيق أهداف ثقافية.
o المؤسسة كنظام تقنـي: هي تتكون من مجموعة من الوسائل التقنية و المادية
من تجهيزات و أدوات بهدف إستعمالها لتحقيق منتجات و تقديم خدمات.
(1): سعيد أوكليل ، وظائف و نشاطات المؤسسة الصناعية ، دار الآفاق ، ص 11، 12
المطلب الثاني: أنواع المؤسسات
يميز القانون الجزائري التجاري بين ثلاث من المؤسسات الإقتصادية وفقا للتقسيمات التالية:(1)
مؤسسات مقسمة تبعا للطبيعة القانونية.
مؤسسات مقسمة تبعا لحجم نشاطها.
مؤسسات مقسمة تبعا لمجال نشاطها.
1/- حسب الطبيعة القانونية:
إذا تخصصنا في ملكية المؤسسة نجد أنها تنقسم إلى قسمين:
1/1-مؤسسة خاصة:
و التي تتعلق بالأفراد و يمكن أن تكون :
مؤسسات فردية ، والتي ملكيتها لفرد واحد و نجد هنا معظم التجار الصغار و
المؤسسات الحرفية ، و هي مؤسسات فردية مثل: الحلاق ، البقال...
مؤسسات جماعية ، و التي تكون بواسطة تجميع عدة رؤوس أموال لعدة من
الأشخاص تتراوح عددهم بين الشخصين و الملايير في حالة مؤسسات المؤسسات.
2/2- مؤسسة عمومية أو نصف عمومية:
وهي المؤسسة التي تمتلكها أو تمتلك جزء منها الدولة ، حيث أن نشاطها
أحيانا يختلف عن نشاط المؤسسة الخاصة كما تلعب نفس دور المؤسسة الخاصة في
النطاق الإقتصادي.
2/- حسب حجم المؤسسة:
وهذا التصنيف إستنادا إلى المبيعات أو أهمية رأس المال المستعمل أو عدد اليد العاملة ، وهذا ما يجعل المؤسسة تكون إما:
2-1/ مؤسسات كبيرة: وهي عموما مؤسسات خاصة.
2-2/ مؤسسات صغيرة ومتوسطة: وهي عموما مؤسسات خاصة.
3/- حسب مجال نشاطها:
ويعرف هذا المجال في الإقتصاد بقطاع النشاط و بذلك تمكين تقسيم مختلف القطاعات إلى ثلاثة أصناف:
3-1/ مؤسسات تجارية: هدفها الأساسي هو إعادة بيع السلع داخل الدولة و نربط لهذه المؤسسة المؤسسات الخدماتية مثل : وكالات السياحة.
(1) :شبابكي سعدان،تقنيات المحاسبة العامةحسب المخطط المحاسبي الوطني طبعة 1992 ص2،3
3-2/ مؤسسات صناعية: وهي المؤسسات المنتجة أي التي تصنع أدوات و بضائع من
مواد أولية و لوازم، إذن فهي تحول هذه الأخيرة إلى ما يحتاجه المجتمع
وتتضمن كذلك مؤسسات الأشغال العمومية المؤسسات الحرفية و التي تختلف عن
المؤسسات الصناعية من حجمها و طبيعتها و تأتلف معها في هدفها و عملها.
3-3/ مؤسسات زراعية: نشاطها يجعلها فريدة و مميزة و يفصلها عن النوعين
الآخرين من المؤسسات، ( التجارية، الصناعية) و هي تستقطب عدد قليل من
المؤسسات حقيقية بإعتبارها مؤسسات إستثمارية ويكون مجال نشاطها القطاع
الزراعي.
المطلب الثالث: خصائص المؤسسة
من خلال التعاريف السابقة الذكر يمكن أن نستنتج بعض الخصائص الأساسية التي تتميز بها المؤسسة:
للمؤسسة شخصية قانونية مستقلة من حيث إمتلاكها لحقوق وصلاحيات أو من حيث واجباتها.
القدرة على الإنتاج أو على أداء الوظيفة التي وجدت من أجلها.
المؤسسة وحدة إقتصادية فبالإضافة إلى مساهمتها في الإنتاج و نمو الداخل القومي فهي مصدر رزق الكثير من الأفراد .
التحديد الواضح للسياسات و أساليب العمل .
أن تكون المؤسسة قادرة على تكييف نفسها مع الظروف المتغيرة .
لا بد أن تكون المؤسسة مواتية للبيئة التي وجدت فيها و تستجيب لهذه البيئة .
ضمان الموارد لكي تستمر عملياتها و يكون ذلك عن طريق الإعتمادات او
الإيرادات الكلية أو عن طريق القروض أو الجمع بين هذه العناصر او بعضها
حسب الظروف .
المبحث الثاني: أساسيات حول المحاسبة
المطلب الأول: تعريف المحاسبة العامـة
تناول المفكرون و المحاسبون عدة تعاريف منها:
المحاسبة هي تقنية من التقنيات الكمية ، مبنية على أساليب كمية و مبادئ
عامة وتهتم بملاحظة ، جمع ،تبويب،تسجيل الأحداث الإقتصادية الناشئة عن
العمليات التي يقوم بها الأعوان الإقتصاديون ( التدفقات المالية) و
إصدارها في صورة بيانات و معلومات قابلة للإستعمال من طرف المؤسسة أو
محيطها. (1)
المحاسبة نظام إعلامي يهتم بالعمليات التي تقوم بها مختلف الأعوان الإقتصاديين التي يمكن التعبير عنها بالنقود. (2)
المحاسبة تقنية من التقنيات الكمية لمعاملة البيانات تمثل: الإحصاء ،
الإقتصادالقياسي و بحوث العمليات وتتميز عنها في أنها مطبقة منذ القدم في
مختلف أنواع التنظيمات مما يساعد كثيرا على تطورها. (3)
المحاسبة تقنية يطلق عليها كثير من المختصيين " علم الأعمال ". (4)
(1):أ نور الدين العياشي : المحاسبة العامة حسب المخطط المحاسبي الوطني محاضرات و تطبيقات و مطبوعات جامعة منتوري قسنطينة
(2)،(3)،(4): محمد بوتين ، المحاسبة العامة للمؤسسة ،ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر 1998 ص2
المطلب الثاني: مبادئ و أهداف المحاسبة
1- مبادئ المحاسـبة العامـة:
يتم تسجيل العمليات المحاسبية وفق شروط و مبادئ عامة متعارف عليها ، هذه
القواعد معدة من قبل مختصين تصبح ملزمة قانونا ، و أي إخلال بمبدأ من هذه
المبادئ يعرض البيانات المالية والقوائم المالية لإلغائها.
1-1) مبدأ إستمرارية النشـاط:
من بين الأهداف الأساسية للمؤسسة هي مدة حياتها ، نعلم أن المؤسسة تنشأ
لممارسة نشاط معين و لأقصى مدة ممكنة وهذا المبدأ يعتبر أساس قواعد
التقييم ولولاه لأختلفت أشكال القوائم المالية وربما محتوياتها ، حيث أن
الوسائل المادية و البشرية التي تتوفر عليها المؤسسة أنها وجدت من أجل
الإستمرار في العمل في غضون السنوات المقبلة.
1-2) مبدأ إستقلالية الدورات و النتائج الدورية :
إن مستعملي البيانات المحاسبية يرغبون في الحصول على" نتائج الماضي و
تقديرات المستقبل " هذا يؤدي بالضرورة إلى تجزئة الإستمرارية أي حياة
المؤسسة إلى فترات متساوية و كل فترة تسمى بالدورة المحاسبية فمن الضروري
إسناد التدفقات المالية التي تخص تلك السنة إلى الدورة التي وقعت فيها (
مصاريف الكراء ، التأمين...)
فكل دورة محاسبية تتحمل مصاريفها و إيراداتها و بالتالي نستطيع إعطاء نتيجة الدورة فعلا.
1-3) مبدأ ثبات و إستمرارية الطرق المحاسبية :
هذا يعني أن الطرق المستخدمة في التقييم و التسجيل المحاسبي تبقى ثابتة
خلال كل دورة مثلا: شكل القوائم المالية و لا تتغير مع مرور الزمن و كل
تغير في جميع الحالات الإستثنائية لابد من أن يحافظ على مدى صدق الحسابات.
إن الطرق الجديدة تبرز التغيرات في النشاط وفي طرق إستعمال الوسائل تتغير
العلاقات مع الغير وحتى إكتشاف أخطاء الماضي و تجنيها في المستقبل.
المطلب الثالث: أنواع المحاسبــة العامــــة
1- المحاسبةالوطنيـة:
تدرس التدفقات الحقيقية و المالية على مستوى الأمة ، تلك التدفقات التي تحدث بين مختلف الأعوان الإقتصادييـن.
2- المحاسبة العموميـة:
تدرس النفقات والتدفقات الحقيقية والمالية على مستوى الدولة ،الجماعات
المحلية وكل الهيئات العمومية ذات الطابع الإداري ( ذات الطابع الغير
التجاري و الغير الصناعي ).
3- المحاسـبة المؤسساتيـة:
وهي المحاسبة التي تستخدمها الوحدة الإقتصادية المتمثلة في المؤسسة وتتفرع إلى ما يلي:
3-1) المحاسبـة التحليلية : وتسمى أيضا محاسبة التكاليف وهي تهتم بتكاليف المبلغ والخدمات بحسابها ،تحليلها و التحكم فيها .
3-2) المحاسبـة التقديرية: تعتمد هذه المحاسبة على تقدير ما سوف يحدث في
الفترات المستقبلية حيث تقارن التقديرات بما أنجز فعلا و تستخرج الفروق ،و
يمكن القول أن المحاسبة التقديرية هي إمتداد للمحاسبة التحليلية ،فالأولى
تبنى على تقديرات وأرقام محددة مسبقا ، والثانية تبنى على قيم و أرقام
فعلية متوجة للنشاط. (1)
3-3) المحاسبة العامة ( المحاسبة التجارية أو الخاصة): يقوم المحاسب في
هذا النوع من المحاسبة بجمع و تحليل ، تقييم ، تسجيل حساب، تقديم و تفسير
عمليات النشاط الممكن التعبير عنها بالنقود وهي بعبارة أخرى الوسيلة
الموجهة خصيصا لتحديد النتيجة الإجمالية للمؤسسة الإقتصادية و ذلك من خلال
ما يعرف بالمستندات أو الوثائق المحاسبية المعبرة عنها أساسا فيما يطلق
عليه بجدول حسابات النتائج و الميزانية. (2)
(1): أ بوداح عبد الجليل،مدخل إلى المحاسبة التحليلية ،مفاهيم ،مناهج إتخاذ القرار، رقابة على التكلفة الجزء الأول ص6
(2): أنور الدين العياشي ،مرجع سبق ذكره ص3،4
المبحث الثالث: ماهيـة المحاسبـة العموميـة (1)
المطلب الأول: تعريف المحاسبـة العمومية و مجال تطبيقهـا
1) تعريف المحاسـبة العموميـة:
أ/ التعريف القانوني: ( هي مجموعة من القواعد المطبقة على تسيير النقود العامة)
هذا التعريف يعد تقليدا ،مستوحى من المرسوم الفرنسي الصادر في 31 ماي 1962 بأنها:
« نقود الدولة ، المحافظات،البلديات،و المؤسسات العمومية» لكن الأموال و
القيم التي تخضع تسييرها إلى قواعد المحاسبة العمومية لم يعد يشترط فيها
أن تكون ملكا للهيئات العمومية فالأموال الخاصة التي يعد بها إلى الهيئات
تصبح خاضعة لنفس القواعد و تسمى بالأموال الخاصة المنظمة.
ب/ التعريف التقني: « هي مجموعة القواعد الخاصة بعرض الحسابات العمومية»
يعتبر هذا التعريف جد ضيق حيث يحصر مدلول المحاسبة العمومية في تقنية عرض
حسابات الهيئات العمومية ومع أن مجالها يشمل إضافة إلى ذلك العمليات
المالية للآمر بالصرف و المحاسبين العموميين و إلتزام مسؤوليات هؤلاء.
ج/ التعريف الإداري: « هي قواعد عرض الحسابات العمومية و تنظيم وظيفة المحاسبين العموميين»
إن إضافة عبارة – التنظيم للمحاسبين العموميين- إلى ماسبق من التعاريف هو
الذي جعل هذا التعريف إداري ، و لكنه محدود لأنه يستثني الآمر بالصرف وكذا
الجوانب الأخرى التي تدخل ضمن مجال تطبيق قواعد المحاسبة العمومية .
تعريف عام للمحاسبة العمومية: « هي مجموعة القواعد القانونية التقنية
المطبقة على تنفيذ ميزانيات الهيئات العمومية وبيان عملياتها المالية و
عرض حساباتها و مراقبتها المحددة لإلتزامات و مسؤوليات الآمرين بالصرف
والمحاسبين العموميين ».
2) مجالات المحاسبيـة العموميـة :
2-1) مجالات إستعمـال المحاسبـة العموميـة:
يمكن حصر مجال العمومية في جانبين: الجانب العضوي ،الجانب المادي.
أ/ الجانـب العضـوي: الهيئات العمومية الخاضعة لقواعد المحاسبة العمومية
هي : الدولة، المجلس الدستوري ، المجلس الشعبي الوطني، مجلس المحاسبة
،الجهات الإقليمية أو الجماعات المحلية، أي البلديات، الولايات،
المستشفيات و المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري.
ب/ الجانب المادي: العمليات المادية و المحاسبية: وهي العمليات الناتجة عن
تنفيذ ميزانيتها العمومية من طرف الآمرين بالصرف و المحاسبين العموميين
وهي تتعلق بصفة عامة:
- تنفيذ الإيرادات و النفقات،- إنجاز عمليات الخزينة،- مسك المحاسبة، - تسيير الممتلكات
(1): محمد مسعي – المحاسبة العمومية- دار الهدى للنشر –عين مليلة الجزائر-ص (6-8)
المطلب الثاني: أهداف المحاسبة العمومية : (1)
بما أن المحاسبة العمومية نظام تسيير و إعلام و مراقبة فهي تحقق أهداف نذكر منها:
• حماية الأموال العموميـة:
إن المحاسبة هدفها بالدرجة الأولى حماية الأموال العامة من كل أشكال التلاعب و ما يسمى بسلامة إستخدامها ( غش، إختلاس، تبذير...).
• ضمان ترخيص و إحترام ترخيصات الميزانيـة:
من الواضح أن ميزانية الهيئات العمومية تعد الوثيقة الأساسية في تقدير
إيرادات و نفقات هذه الهيئات للسنة المالية و ترخص لها على التوالي
بتحصيلها و صرفها وذلك طبقا للقوانين و الأنظمة السارية المفعول ، وإذا
كان المتعلق بكيفيات و إجراءات تحضير الميزانية و تقديمها كهيئة المداولة
المعنية للتصويت والمصادقة عليها تدخل ضمن المجال الواسع للمال العام، فإن
الدور الحاسم للمحاسبة العمومية ينص على تنفيذ ومراقبة العمليات المتصلة
بذلك لإجراء هذا التنفيذ في إطار التقنيات المحاسبية المعمول بها.
• *حسن تسيير الهيئات العمومية:
إن الهدف الذي تسعى المحاسبة العمومية إلى تحقيقه من خلال التطور الذي
بدأت تشهده ولا سيما على المستوى التقني وذلك بإقترابها شيئا فشيئا من
المحاسبة الخاصة و محاولة إعتماد البعض من أساليبها و تقنياتها ، و إن
المحاسبة العمومية تسمح بما يلي:
- معرفة كلفة و أسعار مردودية الخدمات .
- معرفة المركز المالي للهيئات العمومية .
- تحديـد النتائج السنويـة.
- دمج العمليات المالية و نتائج المحاسبة الوطنية.
• تحقيـق الرشادة في الإنفـاق:
إذا كانت الرشادة في الإنفاق هدف تحقيق الصرف بأقل تكلفة ممكنة فقد وجب من
باب أولى مراعاتها في تسيير الهيئات العمومية و تقييد مسرى هذه الهيئات
بها كمبدأ جوهري في إستعمال الأموال ومنه فإن تفادي تبذير الإيرادات في
نفقات باهضة أو مصروفات زائدة أو غير مقررة في الميزانية جعلها تعطي
النفقات تغطية كافية ويعد هذا هدفا رئيسيا بالنسبة للمحاسبة العمومية
(1): الأستاذ حسين الصغير( دروس في المالية العامة و المحاسبة العمومية ص113)
المطلب الثالث: مبادئ و أشكال المحاسبة العمومية :
1- مبادئ المحاسبة العمومية: للمحاسبة العمومية ثلاث مبادئ هي :
o المبـدأ القانونـي: الفصل بين الفرصة و العمل.
o المبـدأ الإداري : الفصل بين الآمر بالصرف و المحاسب العمومي.
o المبـدأ التقنـي : عدم تخصيص الإيرادات لدفع النفقات.
أ) المبـدأ القانونـي:
هي الفصل بين الفرصة و العمل، الفرصة هي ترك المبادرة للموظف ( الآمر
بالصرف، المحاسب العمومي) في كيفية إنجاز مهمة ما و ذلك في إطار تنفيذ
الميزانية.و التنظيم هو العمل وفق القوانين والقواعد خاصة تلك المدرجة في
قانون المالية و الميزانية .
ب) المبـدأ الإداري:
هو الفصل بين الآمر بالصرف و المحاسبون العموميين ، فعليه تنفيذ الميزانية
يضمها كل المساهمين في إنجاز العمليات المتعلقة بتحصيل الإيرادات ، وتلك
المتعلقة بدفع النفقات المرخص به بموجب الميزانية.
وهذه العمليات ينجزها أعوان إداريين يميز بينهم حسب طبيعة الوظائف المؤداة
وهم الآمرين بالصرف والمحاسبون العموميون يعتبر مبدأ أساسي من مبادئ
المحاسبة العمومية و يخضع لعدة أسباب :
الوظيفتين تتعلقان بمهمتين مختلفتين : مهمة إدارية و مهمة مالية.
تجنب تداخل المهام
إختلاف الكفاءات
أما مبررات هذا المبدأ فتتمثل فيما يلي:
- تقسيم المهام( التخصص): كل عملية متعلقة بالإيرادات أو النفقات هي في
مضمونها عبارة إما عن دين للدولة لدى الغير ، مثل سند أو أمر
التحصيل(تحصيل الإيرادات)أو دين يقع على عاتق الدولة مثل تعيين موظف (دفع
النفقات) في كلتا الحالتين لابد من القيام بجملة من المهام الإدارية و
المالية ، بالتالي فإختلاف المهام يتطلب إختلاف الأعوان المكلفين
بالإنجاز.
- المراقبة المشتركة: الآمرون بالصرف يمسكون حسابات التسيير ( دخول و خروج
الأموال) أي حركيةالأموال ، وهذا ما يسهل عملية المراقبة عن طريق مقارنة
الحسابات و إكتشاف المخالفات وبالتالي : تحديد المسؤوليات ، كما تسهل
مراقبة متبادلة ، فالآمرون بالصرف يراقب المحاسب و العكس صحيح.
- وحدة النشاط المالي : بما أن كل الأموال العمومية توضع في حساب واحد تحت
مراقبة وزارة المالية فمن الطبيعي أن يكون كل المحاسبين تحت سلطتها
المباشرة يخضعون لها في التعيين ، الترقية ، الفصل ....، كما يسمح بمراقبة
كل الأنشطة المالية ( المالية العامة).
ج) المبـدأ التقنـي:
عدم تخصص الإيرادات لدفع النفقات حسب هذا المبدأ ، مجموع عناصر الميزانية
يجب تسجيلها حسب قيمتها الفعلية دون زيادة أو نقصان ولا تخصص هذا المبدأ
تحكمه قاعدتان:
القاعدة الأولى: وحدة الأنشطة المالية لكل مؤسسة عمومية، كل الأموال مهما كان مصدرها تستعمل لتغطية نفقاتها مهما كانت طبيعتها .
سينتج عن هذه القاعدة وجود صندوق واحد و حساب جاري واحد لكل مؤسسة عمومية
، وهذا ما تؤكده المادة 144 من قانون المحاسبة العمومية « المحاسب له
صندوق واحد ،وبموجب ترخيص من وزارة المالية حساب جاري واحد ».
القاعدة الثانية: تسيير الخزينة من قبل الدولة وكذلك الأموال العمومية
إذ تشكل جملة من الإستعدادات المالية التي توضع تحت تصرف المؤسسات
العمومية و التي تسير من طرف الدولة.
* مبدأ التكلفـة التاريخيـة: إن التكلفة التي تتكبدها المنشأة في سبيل
شراء أو إقتناء أصولها هي الأساس الذي يتم إستخدامه لتسجيل هذه الموجودات
و بالتالي إظهارها في قائمة المركز المالي ، فمثلا تشتري المنشأة أصلا ما
، ويبقى هذا الأصل بتكلفته الحقيقية في الميزانية .
* مبدأ المطـة والخـدر: هذا المبدأ يشير إلى ضرورة تسجيل النتائج بمبالغها
الحقيقية وهذا راجع إلى درجة الخطورة الناجمة عن تقديم نتائج مغشوشة
"مبالغ فيها" و هذا المبدأ ينص على ضرورة تسجيل كل نفقة مستحيلة الحدوث مع
تفادي تكوين مؤونات و إحتياطات خيالية .
2- أشكال المحاسبـة العموميـة :
المحاسبة العمومية تمسك للسنة الكاملة و هي فترة تنفيذ الميزانية ( أنظر مبدأ سنوية الميزانية) ، و تشمل العمليات التالية:
- العمليات المتعلقة بتنفيذ الميزانية وبالتالي الوثائق الملحقة بها وذلك لمدة سنة.
- عمليـات الخزينـة.
- عمليـات التسويـة.
وبما أن المحاسبة العمومية تهدف أساسا إلى تحديد و تنفيذ العمليات و
مراقبتها ، و إعلام السلطات بنتائج مراقبة التسيير ،فهي تتكون من جزأين :
إداري ( محاسبة إدارية) و جزء مالي ( محاسبة مالية ).
o المحاسبة الإدارية: هي محاسبة إتخاذ القرارات المتعلقة بتنفيذ الميزانية
، تضع الأوامر المتعلقة بدفع النفقات و تحصيل الإيرادات ، تمسك من قبل
الآمر بالدفع و المراقب المالي و تتمركز في وزارة المالية، فمحاسبة
الإلتزامات هذه ، تسمح بمتابعة إستخدام الإعتمادات الملتزم بها والمتوفر
منها فعلا .
o المحاسبة المالية: هي محاسبة عمليات الدفع و التحصيل فهي عكس المحاسبة
الإدارية ، تهتم خاصة بحركة الأموال ، ويتم تسجيل العمليات المنجزة وفق
أسلوبين محاسبين :
1/ التسجيل البسيط :( القيد المنفرد): وفق هذا النظام كل عملية تحصيل
للإيراد أو دفع لنفقة تسجل مرة واحدة في دفتر اليومية إضافي تقيد فيه حركة
الأموال حسب المصلحة أو القسم و طبيعة النشاط.
2/- التسجيل المزدوح : ( القيد المزدوج): هذا النظام المحاسبي المتبع من
قبل المحاسبون الرئيسيون للخزينة ، المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري
،أمين الولاية ، محصل الموارد المالية ، يضع حساب دائن و آخر مدين تسجل
فيه العمليات بالمبلغ حسب طبيعتها و مصدرها.
المحاسبة المالية تمارس بإستخدام مجموعة من الحسابات بعضها يمسك من طرف
المحاسبون و البعض الآخر وتعرف بالحسابات النظامية و تمسك من قبل أعوان
المحاسبيين ، هؤلاء الأعوان لا يقومون بتنفيذ عمليات تحصيل الإيرادات و
العمليات ودفع النفقات ، بل مهمتهم تتمثل في تجميع و مراجعة كل العمليات
المنجزة من قبل المحاسبون مثل الوكالة المركزية لمحاسب الخزينة و أهم هذه
الحسابات :
أ/ - الحساب الإداري: هو الحساب الذي يضمنه الآمر بالدفع ، كل الظروف التي
نفذت فيها الميزانية تقدم الحسابات الإدارية للهيئة التي صادقت على
الميزانية للحكم على سلامة أو عدم سلامة التنفيذ كما يجب أن تسلم مع وثائق
الإثبات اللازمة لمجلس المحاسبة في أجل أقصاه 30 جويلية من السنة الموالية
للسنة المنتهية .
ب/ - حساب التسيير: هو الحساب الذي يبين من خلاله المحاسب كيفية تسيير
الأموال العمومية و مقارنته بالحساب الإداري، يجب أن يقدم هذا الحساب
مرفقا بوثائق الإثبات اللازمة لمجلس المحاسب في نفس الآجال السابقة ( 30
جويلية من السنة الموالية للسنة المنصرمة وقبل 1 سبتمبر بالنسبة لمحاسب
الخزينة و محاسب البريد و المواصلات ) (1)