icon welcome ghost
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـات بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا .



الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

شاطر

الــحــج وآثــاره السلوكية ..... مهم جدا

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل
كاتب الموضوعرسالة
المعلومات
الكاتب:
المدير{ع~المعز}العام
اللقب:
المدير العام
الرتبه:
المدير العام
الصورة الرمزية

المدير{ع~المعز}العام

البيانات
الجنسية :
gzaery
الجنس الجنس :
ذكر
الـبـلــــد :
الجزائر
المزاج :
 الــحــج وآثــاره السلوكية ..... مهم جدا Pi-ca-20
نوع المتصفح :
firefox
المهنة المهنة :
studen
الهواية :
readin
تاريخ الميلاد :
07/04/1987
العمـر العمـر :
37
العمل/الترفيه :
المدير المميز في المنتدى
المزاج :
في منتهى الروعة و الإطمئنان فرح بما حوله
تاريخ التسجيل :
08/03/2009
النقاط النقاط :
77623
تقييم الأعضاء تقييم الأعضاء :
0
إحترام القوانين :
100
توقيع المنتدى :
توقيع المنتدى + دعاء

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
https://tomouhdz.mam9.com
مُساهمةموضوع: الــحــج وآثــاره السلوكية ..... مهم جدا  الــحــج وآثــاره السلوكية ..... مهم جدا Emptyالأربعاء سبتمبر 08, 2010 7:27 pm

[center]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين

،والصلاة والسلام على خيرته من خلقه ،
نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين :

أما بعد : فهذه حلقات علميةٌ ،تربويةٌ ،تتصل بركن من أركان الإسلام العظام

،إلا وهو الحج ،

وهي تركز على الجانب السلوكي ،والأثر الذي ينبغي أن تحدثه هذه العبادة في قلوب مؤديها.
ولاريب أن الحديث عن موضوع كهذا طووووويلٌ ،لكنها ورقةٌ تضاف إلى مجلدات كتبفي هذا الموضوع ،لعلها تسهم في التنبيه إلى شيءٌ من مقاصد الشرع العظيم فيمشروعية هذه العبادات .

أسأل الله تعالى أن يرزقنا القيام بعبادته على الوجه الذي يرضيه عنا ،وأن يعفو عن ما زلت به الجوارح ،إنه أكرم مسؤول .
وسأتناولها

في الردود الاربعة القادمة
لماذا الحديث عن الآثار السلوكية ؟ (1/4)
وأرى أنه يحسن ـ قبل الولوج إلى الموضوع ـ أن أوضح مفردات عنوان هذه الورقة (آثار الحج السلوكية) :
أولاً :كلمة (الآثار) جمع أثر ، هو في اللغة يطلق على معان منها : بقية الشيء ،ويقال : أثّر فيه تأثيراً ، أي ترك فيه أثراً وهذا الذي يعنينا هنا ، فنحننتحدث عما تتركه عبادة الحج العظيمة من آثار في الحجاج[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
ثانياً :كلمة ( السلوكية ) السلوك أصله من سلك طريقا ، أو مكاناً يسلكه أي دخل فيه، ومن ذلك قوله تعالى ( أسلك يدك في جيبك ) أي أدخلها في جيبك،ومنه أيضاً( كذلك سلكناه في قلوب المجرمين ) أي أدخلنا الكفر والتكذيب،ونظمناه فيقلوب أهل الإجرام كما يدخل السلك في الإبرة ، فتشرّبته وصار وصفاً لها [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
وهكذاالإنسان إذا تحققت فيه آثار العبادات وتحلى بالآداب الشرعية ، وأصبحتأخلاقه انعكاساً لما يعلمه ويعمل به من دين الله عز وجل ،صح أن يقال له :إن فلاناً سلوكه حسنٌ ،لأنه تشرّب الأخلاق الطيبة ،وانتظمت في تصرفاته حتىأصبحت وصفاً له .
إذاً فالحديث عن بقية الآثار التي تتركها عبادة الحج ، وتؤثر في حياته ... في عباداته ومعاملاته ...في أخلاقه .

أما لماذا الحديث عن الآثار السلوكية ؟ وهو عنوان هذه الحلقة ،فيمكن إجمال الأسباب فما يلي :
أولاً : الحديث عن الآثار السلوكية في الحقيقة حديث عن الأخلاق ـ بمعناها الواسع ـ لأن العرب تقول عن السجية والطبع الملازم للمرء :خلُق [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]،وهذا معنى كونه سلوكا أي صار سجية ووصفا له ، وليست هذه الورقة حديثاً عنالأخلاق ـ رغم أهميتها ـ إنما المقصود الإشارة إلى أن الأخلاق والسلوكالحسن له أهمية عظيمة وشأن كبير في حياة المسلم ،بل الأخلاق لها شأنها ـعند جميع الأمم ـ مسلِمها وكافرها،وحسبك أن تعلم أن من أعظم الطرق التيملك بها النبي – صلى الله عليه وسلم - قلوب الناس في دعوته : سلوكه الحسن، وتعامله الفذ ، وخلقه العظيم الذي امتدحه الله سبحانه وتعالى به في قوله: ( وإنك لعلى خلق عظيم ) .
وما أجمل قول الشاعر الذي نبه إلى عظمة شأن الأخلاق حيث يقول :
أيها الطالب فخراً بالنـسب *** إنما النــــــاسُ لأم ولأبْ!
هل تراهم خُلقوا من فضـة ؟ ***أو حـديد أو نحـاس أو ذهـبْ ؟
أو تَرى فضلهـموا في خلْقهم ***هل سوى لحمٍ وعـظمٍ وعصـبْ ؟
إنما الفضــلُ بعـقل راجحٍ *** وبأخـلاق كـــــرام وأدبْ!
ذاك من فاخرَ في النــاس به *** فـاق من فــاخرَ منـهم وغلبْ!
فتبين مما سبق أن الحديث عن الحج وآثاره السلوكية حديث مهم ، لارتباطه بأمر عظيم ألا وهو حسن الخلق ، وسلامة السلوك .
ثانياً : أنه ما من عبادة وإلا وقد رتب الشرع المطهر عليها آثاراً على العبد في حياته.
وهذهالآثار تختلف بحسب مكانة هذه العبادة ومنزلتها من الدين ،كما أنها تختلفباعتبار آخر ألا وهو العابد نفسه،إذ لا ريب أن الناس ليسوا على درجة واحدمن العلم والخشية ،وبالتالي ليسوا على درجة واحدة في تعظيم هذه الشعائر،ولا في درجة الإخلاص والصدق الذي يكون في قلوبهم حين الدخول في العبادة .
يقولشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ "إذا لم تجد للعمل حلاوة فيقلبك وانشراحاً فاتهمه،فإن الرب تعالى شكور،يعني لابد أن يثيب العامل علىعمله في الدنيا،من حلاوة يجدها في قلبه،وقوة وانشراح وقرة عين،فحيث لم يجدذلك فعمله مدخول"[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]ا هـ .
ولقدبرّ في كلامه وصدق رحمه الله ،فقد ثبت في السنة أحاديث كثيرة تؤيد ما قالهمنها : ما ثبت في صحيح مسلم عن العباس بن عبدالمطلب –رضي الله عنه- أنالنبي – صلى الله عليه وسلم - قال : " ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباوبالإسلام دينا وبمحمد – صلى الله عليه وسلم- رسولا ".
ومنها : ما ثبتفي الصحيحين عن أنس – رضي الله عنه - أن النبي – صلى الله عليه وسلم -قال:"ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحبإليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود فيالكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار " .
قال بعضأهل العلم : "إنما عبّر بالحلاوة ؛لأن الله شبه الإيمان بالشجرة في قولهتعالى: " مثلا كلمة طيبة " فالكلمة هي كلمة الإخلاص،والشجرة أصلالإيمان،وأغصانها اتباع الأمر واجتناب النهي، وورقها ما يهتم به المؤمن منالخير، وثمرها عمل الطاعات، وحلاوة الثمر جنى الثمرة، وغاية كماله تناهينضج الثمرة ،وبه تظهر حلاوتها "[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
ثالثاً :نتحدث عن الآثار السلوكية لما يلاحظ من وجود الهوة الكبيرة بين العلموالعمل ،وبين ما يتلقاه الناس ـ إما في حقول التعليم أو عن طريق خطبالجمعة أو المحاضرات أو غيرها من مجالات التلقي ـ وبين التطبيق ، وتبعاًلذلك فإنه يُلاحظ ضعف أو تلاشي آثار العبادات على كثير من المؤدين لها،حتى أصبحت العبادات جسداً بلا روح عند كثير من الناس ، ولا حول ولا قوةإلا بالله .
هاهي الصلاة ـ أيها القارئ الكريم ـ عماد الدين ،أعظمالأركان الخمسة بعد الشهادتين ،والتي لها من المنزلة في الدين ما ليسلغيرها من العبادات ..
الصلاة التي قال الله تعالى عنها ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) ..
تأمل في أثرها في أكثر المصلين !!
أليسفي المصلين من يخرج للتو من صلاة الجمعة ،وهو مع ذلك يقارف كبيرة أو يصرعلى صغيرة ،فهو يكذب في الحديث والمعاملة ! ويطلق بصره في الحرام ـ وربماوهو في طريق عودته لمنزله من الصلاة ! أو يستمع إلى ما حرم الله !!
وقل مثل ذلك عن رمضان الذي انصرم قبل شهرين تقريباً !!
فأينالتالون لكتاب الله تعالى ؟ وأين المحافظون على الصلاة جماعة ؟ وأين منيغضون أبصارهم ويحفظون جوارحهم عن المحرمات مخافة أن يؤثر ذلك في تمامأجرهم ؟!
وهكذا الحج فكم له من الآثار العظيمة والثمرات الهضيمة ـوالتي هي موضوع حديثنا ـ ومع ذلك ، ورغم كثرة الحجاج ، بل ورغم كثرة حجِّبعض الناس إلى بيت الله الحرام ، إلا أن المستفيد من الحج ، ومن آثارهقليل ، والله المستعان .
رابعاً : منأسباب طرق هذا الموضوع ، أنك ترى كثيراً منا يحرص أن يكون أكله وشربه ،وأوقات راحته على ما اعتاده ودرج عليه ،فإذا وقع تغيير بسبب غيره تراهيغضب ،ويحرص على أن يحترم الآخرون عاداته وأوقاته ؛ لماذا ؟!
لأن أكلهونومه حسب عادته مما يشرح نفسه ويريح بدنه ،وهو مع ذلك لا يبذل ولا قليلامن الجهد لتفقد عباداته حتى تحدث أثرا عظيما في شرح نفسه ،وراحة قلبهوبدنه ، وتحقيق مراد الله تعالى منه في تلك العبادة .
إذا علم هذا ،فإن سؤالاً ملحاً ينبغي أن يطرح ،وهو : كيف تؤثر العبادات في سلوكياتنا؟ولماذا لا يجد الكثير من الناس آثارها في حياتهم؟ هذا ما ستجيب عنهالحلقة الثانية بإذن الله .
كيف تؤثر العبادات في سلوكياتنا؟ ولماذا لا يجد الكثير آثارها في حياتهم؟ (2/4)
كان هذا السؤال المطروح في الحلقة الماضية، وللجواب عنه يقال:
أما السبل المعينة على تفعيل أثر العبادات في النفوس، فيمكن إيضاحها فيما يلي:
أولاً : قراءة النصوص من الكتاب والسنة الصحيحة، التي وردت في شأن تلك العبادة التي نفعلها.
ثانياً :بعد جمع النصوص يستعين المسلم في فهمها بكتب التفاسير فيما يتعلقبالآيات،وعلى كتب شروح الأحاديث ـ إن أمكن ذلك ـ وإلا فبسؤال أهل العلملفهم ما قد يشكل منها.
ثالثاً : من الوسائل التي تجعل العبادات مؤثرة في سلوك الشخص: استشعار أهمية العبادة ومعناها، والحكمة منها.
وأنيعلم أن الغاية العظمى من العبادات هو إصلاح القلوب، ولا يتم لها ذلك إلابأن تذل وتخضع وتستكين لخالقها، وتنيب وتعود لربها، وترهب وترغب لمولاها،فبذلك يتم صلاح القلب، ويسعد العبد في دنياه وأخراه، ولهذا كان شيخالإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- يقول: من أراد السعادة الأبديةفليلزم عتبة العبودية[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
رابعاً :مطالعة سير وأحوال السلف الصالح -رحمهم الله تعالى- في تلك العبادة وهذاله أثر عظيم ومشاهد، إذ مع استشعار أن القدوة المطلقة هو رسول الله – صلىالله عليه وسلم - وفي سيرته خير وكفاية، إلا أن المسلم أيضاً سيزداد خيراًحينما يقرأ في هذا الباب.
يقول ابن الجوزي ـ رحمه الله تعالى ـ "وقدكان جماعة من السلف يقصدون العبد الصالح للنظر إلى سمته وهديه لا لاقتباسعلمه،وذلك ثمرة علمه: هديه وسمته، فافهم هذا، وامزج طلب الفقه والحديثبمطالعة سير السلف والزهاد في الدنيا ليكون سبباً لرقة قلبك"[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] ا هـ .
والمقصودأن القارىء في سير السلف الصالح سيمر بمواقف وأخبار تدمع لها العين،ويرقلها القلب، سيتذكرها القارىء لها حينما يمر بنفس المواقف التي مروا بها-كما سأذكر بعضاً منها في ثنايا هذه الورقة إن شاء الله تعالى - .
فمثلاً:في الحج، وغيره من مواسم العبادات الأخرى على مدار العام، يمكن أن يقرأالإنسان في كتاب " لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف " للحافظابن رجب ـ رحمه الله تعالى ـ فإنه جمع في كتابه بين الأحكام والمواعظبأسلوب متميز .
ويمكن الاستفادة ـ أيضاً ـ من بعض الكتب التي خرجت فيهذا الوقت، اعتنت بالفهرسة الموضوعية لبعض الكتب، ككتاب " نزهة الفضلاء فيتهذيب سير أعلام النبلاء " فالمؤلف وفقه الله جعل في آخر المجلد الثالثفهرساً لما تضمنه المختصر من قصص وأخبار جاءت عن الصحابة والتابعين ومنبعدهم رحمهم الله تعالى ممن ورد ذكرهم في أصل الكتاب " سير أعلام النبلاء" للذهبي -رحمه الله تعالى- .
خامساً :وهو مهم أيضاً، وقد أشار إليه ابن الجوزي في كلمته السابقة، وهو أن يصحبالإنسان رفقة صالحة، فيها طلاب علم أو علماء -إن تيسر ذلك- ليستفيد منهمفي تصحيح عبادته، وليستفيد مما يلقى من الدروس والمواعظ في رحلة الحج،ولهذا قال جابر – رضي الله عنه - في صفة حج النبي – صلى الله عليه وسلم -:فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله – صلى الله عليهوسلم - ويعمل مثل عمله .
وما سبق في (ثالثا ورابعا) يقودنا إلى نقطةهامة في هذا الموضوع ألا وهي أنه ينبغي للإنسان ألا يغفل عن قراءة كتبفيها مواعظ في أيامه كلها، وخاصة في مواسم العبادات كرمضان والحج، لأنالقلب إذا قسا ـ والعياذ بالله ـ لم يتلذذ بالعبادة، ولم ينتفع بالمواعظإلا ما شاء الله .
ومما ينبه إليه هنا أن بعض من منَّ الله عليهم بسلوكطريق الهداية أو حتى طريق طلب العلم الشرعي يغفلون عن هذا الجانب، إمالانهماكهم في الطلب، أو ظناً منهم أن هذا من شأن العوام، وهذا خطأ يجب أنيصحح.
وسبحان الله ! مَن الناسُ بعد محمد – صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم ؟
هذاابن مسعود – رضي الله عنه - يحكي حالهم ـ كما في الصحيحين ـ "كان رسولالله – صلى الله عليه وسلم - يتخولنا بالموعظة في الأيام مخافة السآمةعلينا " والشاهد أنه – صلى الله عليه وسلم - كان يتعاهد أصحابه – رضي اللهعنهم - بالوعظ والتذكير بين الحين والآخر .
وهذه لفتة من عالم مجرب، من أئمة العلم والوعظ في نفس الوقت،وهو ابن الجوزي ـ رحمه الله تعالى ـ حيث يقول:
"رأيت الاشتغال بالفقه وسماع الحديث لا يكاد يكفي في صلاح القلب، إلا أنيمزج بالرقائق والنظر في سير السلف الصالحين ؛ لأنهم تناولوا مقصود النقل،وخرجوا عن مقصود الأفعال المأمور بها إلى ذوق معانيها، والمراد بها، وماأخبرتك بهذا إلا بعد معالجة وذوق ... "[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]ا هـ.

إذاً .. لماذا لا يجد الكثير آثار العبادات في حياتهم ؟ وهو الجزء المتمم لهذه الحلقة، فأقول:
أشرتقبل قليل إلى بعض الأسباب عند الحديث عن بعض الطرق التي يمكن أن نعملهالكي نجد للعبادة آثاراً على سلوكنا،وأن للعلم أثراً في زيادة تعظيم العبدلشعائر الله التي قال الله فيها (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوىالقلوب).
وفرق كبير ـ أخي القارئ ـ بين مَن يتلقى تعظيم الشعائر منالاعتياد والنظر لمن حوله من أمه وأبيه، أومن المجتمع الذي يحيط به فقط،وبين من يتلقى تعظيمها غضةً طريةً من نصوص الوحي، وسير السلف الصالح ؛لأنتعظيمه حينئذ يكون مبنياً على علم وخشية وإجلال لمستحق التعظيم والإجلال،ولهذا قال سبحانه ( إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء )، وهذا مما يستدلبه على فضيلة العلم لأنه يدعو إلى خشية الله تعالى، ولهذا قال بعض السلف "مَن كان بالله أعرف كان منه أخوف".
فإذا تيقن الإنسان أن هذه الشعيرةمن شعائر الله أحدث ذلك له تعظيما لها، ولهذا نجد بعض العامة يعظمونالشعائر - تعظيم الموقن بأن هذا الشرع صادر عن علم وحكمة لأنه من عند الله- وهو يقين مجمل.
إلا أن أهل العلم ـ وهم على درجات أيضاً ـ يتميزونبالعلم المفصل بكثير من الجزيئات التي تجعل إيمانهم أعظم، ويقينهم بإحكامهذه الشريعة أكثر، وأنها صادرة عن علم تام،وحكمة بالغة، وأن الأمر كماقالجل جلاله ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً).
ولهذاقال الله عز وجل في أواخر سورة الإسراء مخاطباً كل من كذب بالقرآن ومبينافضيلة أهل العلم (قل آمنوا به أو لا تؤمنوا - أي فليس لله حاجة فيكم، فإنلله عباداً غيركم، وهم الذين آتاهم الله العلم النافع - إن الذين أوتواالعلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجداً ويقولون سبحان ربنا إنكان وعد ربنا لمفعولاً، ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً).
فهذا هو السبب الأول في فقد بعض الناس لآثار العبادات، وهو قلة العلم بالنصوص الشرعية الواردة في تلك العبادة.
وأرجوألا يفهم - القارئ الكريم - أني أحجر تعظيم الحرمات على أهل العلم فحسبفيصاب البعض بالإحباط، فقد أشرت إلى أن من العامة مَن عنده تعظيم ويقين،لكنه ليس بمنزلة تعظيم ويقين الذين أوتوا العلم، وما ذكرته إنما هو إشادةبالعلم وأهله، وحث على طلب العلم حسب القدرة والطاقة.
ثانياً : من أسباب حرمان آثار العبادات وعدم التلذذ بها :
ضعفالإخلاص لله تعالى والمتابعة للنبي – صلى الله عليه وسلم -في تلك العبادة،وهذان الأمران كما أنهما شرطان في قبول العمل،فهما أيضاً مؤثران تأثيراًعظيما في الشعور بلذة العبادة وأثرها، ولهذا ليست العبرة بكثرةالعمل،وإنما بحسنه، كما قال سبحانه ( هو الذي خلق الموت والحياة ليبلوكمأيكم أحسن عملاً ) ولم يقل أكثركم عملاً،والمراد بحسن العمل هو أن يكونخالصاً لله صواباً على سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -،كما فسرهبذلك طائفة من السلف كالفضيل وغيره .
وبقدر ما يكون الإخلاص يعظم الأثر ويزداد النفع، يقول ابن القيم رحمه الله تعالى :
"والأعمال تتفاضل بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والمحبة والتعظيموالإجلال وقصد وجه المعبود وحده دون شيء من الحظوظ سواه، حتى تكون صورةالعملين واحدة، وبينهما في الفضل ما لا يحصيه إلا الله، وتتفاضل أيضاًبتجريد المتابعة، فبين العملين من الفضل، بحسب ما يتفاضلان به فيالمتابعة، فتتفاضل الأعمال بحسب تجريد الإخلاص والمتابعة تفاضلاً لا يحصيهإلا الله تعالى "[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] ا هـ.
والشاهدمن كلامه ـ رحمه الله ـ أن الأعمال إذا كان يقع بينها هذا التفاضل بسبب مابينها من التجريد والمتابعة، فلا بد أن تكون آثارها كذلك ؛ لأن الآثار ـفي الحقيقة ـ فرع عن سلامة الأعمال من محبطاتها أو منقصات أجرها .
ثالثاً : من أسباب حرمان آثار العبادات وعدم التلذذ بها :
اقتراف الذنوب والمعاصي !
ولله ! كم لهذا السبب من أثر عميق في محق البركات السماوية والأرضية !
ومن أعظم البركات التي تمحقها الذنوب محق بركة العبادة وفقد آثارها، وحرمان لذتها ؟!
يقول الله عز وجل:"ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض،ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ".
وقدتواترت الأحاديث عن النبي – صلى الله عليه وسلم - التي تدل على أن ما أصابويصيب الأمم الغابرة واللاحقة من نقص الدين والدنيا إنما هو بسببالذنوب،ولست بصدد الحديث عن آثار الذنوب والمعاصي، ولكنها إشارات عابرة،وأحيل القارئ الكريم في هذا إلى الإمام ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ"ومن أحيل على مليء فليحتل" في كتابه ((الجواب الكافي لمن سأل عن الدواءالشافي)) فقد شفى وكفى.
سئل وهيب بن الورد ـ رحمه الله ـ:أيجد لذة الطاعة من يعصي ؟ قال : ولا من همّ ! ـ أي من همّ بالمعصية ـ !
فإذا كان هذا أثر الهم بالمعصية فما الظن باقترافها، والولوغ فيها والإصرار عليها ؟! .
وإليكـ أيها القارئ الفاضل ـ نفثة ربانية من كلام من نوّر الله بصائرهم بهذهالأمور، فعرفوا خطورة الذنب الواحد، فضلاً عن ذنوب كثيرة، يقول ابن الجوزي-رحمه الله-:
"وربما كان العقاب العاجل معنوياً، كما قال بعض أحبار بنيإسرائيل:يا رب كم أعصيك ولا تعاقبني ؟ فقيل له: كم أعاقبك وأنت لاتدري!أليس قد حرمتك حلاوة مناجاتي ؟...إلى أن قال:فرب شخص أطلق بصره فحرماعتبار بصيرته، أو لسانه فحرم صفاء قلبه، أو آثر شبهة في مطعمه فأظلم سره،وحرم قيام الليل وحلاوة المناجاة، إلى غير ذلك...وهذا أمر يعرفه أهلمحاسبة النفس[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] "ا هـ .
ويقول الإمام ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ عندما تحدث عن عقوبات الذنوب والمعاصي :
"ومنعقوبات الذنوب أنها تضعف في القلب تعظيم الرب جل جلاله، وتضعف وقاره فيقلب العبد ولا بد، شاء أم أبى، ولو تمكن وقار الله وعظمته من قلب العبدلما تجرأ على معاصيه ... إلى أن قال:فإن عظمة الله تعالى وجلاله في قلبالعبد تقتضي تعظيمَ حرماته، وتعظيمُ حرماته تحول بينه وبين الذنوب [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] "ا هـ .
والمقصود هنا بيان أثر الذنوب في حرمان لذة العبادة،وآثارها على سلوك الفرد .
وبعد هذا، فلنلج إلى لب هذه الورقة، للحديث عن شيء من الآثار السلوكية للحج،


في الحلقتين التاليتين بإذن الله.
من آثار الحج السلوكية (الجزء الأول) (3/4)
هذه الحلقة، هي الجزء الأول من الحديث عن لب هذه الورقة، وبيت القصيد فيها، ألا وهو ذكر بعض آثار الحج السلوكية.
وقبلأن أذكر هذه الآثار، يقال : لا يخفى أن الحج عبادة من أعظم العبادات، رتبالشرع عليه ثوابا عظيما لمن كان حجه مبرورا، كما قال عليه الصلاة و السلامـ فيما رواه الشيخان ـ " الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة "، وعندهماأيضاً أنه – صلى الله عليه وسلم - قال " من أتى هذا البيت فلم يرفث ولميفسق رجع كما ولدته أمه " .
وهذه الفضيلة العظيمة إحدى بل هي من أجلالمنافع التي أشار إليها تبارك وتعالى بقوله : (ليشهدوا منافع لهم)، وتأملـ أيها القارئ الكريم ـ قوله: (منافع) فهي عامة في المنافع الدينيةوالدنيوية .
والمتأمل في الحج يجد أن أعظم مقاصده هو تحقيق العبوديةلله عز وجل ، وتوحيدُه بإفراده وحده ـ سبحانه بالعبادة ـ ولهذا لما ذكرالله عز وجل جملة من آيات الحج قال: (ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسمالله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام، فإلهكم إله واحد فله أسلموا، وبشرالمخبتين ) [الحج :34].
قال بعض أهل العلم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]في تفسيره لهذه الآية : " إن أجناس الشرائع وإن اختلفت في بعض التفاصيلفهي متفقة على هذا الأصل وهو ألوهية الله، وإفراده بالعبودية، وترك الشركبه، ولهذا قال ( فله أسلموا )أي: انقادوا واستسلموا له لا لغيره، فإنالإسلامَ له، هو الطريق الموصل إلى دار السلام وهي الجنة " ا هـ .
إن مظاهر التسليم والانقياد في هذه العبادة واضحةٌ جداً، ولهذه المظاهر أثر عظيم على زيادة الإيمان، واستقامة السلوك .
إذاعُلِمَ هذا، فليس من المستغرب أن تكون جميع المظاهر التي يراها المسلمإنما هي نابعة من شجرة التوحيد المباركة، ولا يمكن أن تنفصل عنه، حتى ماقد يظنه البعض من أنه مظهر اجتماعي أو نحو ذلك، فإنه عند التأمل فرع منفروع تلك الشجرة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء، فاجتماع المسلمين،وتآلفهم، وتعارفهم على بعض هو من ثمار الموالاة لأهل (لا إله إلا الله).
والمقصودأن مظاهر التوحيد في الحج كثيرة، تبرز للمسلم في كل موقف من المواقف التيتتصل بنسكه، ولعلي أبدأ بأول هذه المواقف مع الإشارة إلى بعض آثارهاالسلوكية:
الموقف الأول:
عندما يسافرالإنسان إلى البيت الحرام لأداء شعيرة الحج، ألا يستشعر مِنّة الله عليهوفضلَه، أن هداه لهذا السفر المبارك في الوقت الذي يسافر فيه البعض منالمسلمين يمنة ويسرة لإمضاء إجازة العيد للترويح، أو لتحصيل شهوة قد تكونمحرمة، أو يسافر إلى بلاد الكفر من غير حاجة أو ضرورة ! وهل يتذكر -المسلم - نعمة الله عليه أن يسر له السفر والوصول إلى تلك البقاع المقدسة،في الوقت الذي يتمنى ويشتاق كثير من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربهاالوصول إلى البيت فلا يستطيعون إما لقلة ذات أيديهم أو لغير ذلك منالموانع ؟! ولهذا لما رأى بعض الصالحين الحجاج وقت خروجهم من بلدهم إلىمكة يريدون الحج وقف يبكي ويقول: واضعفاه .. ثم تنفس وقال : هذه حسرة منانقطع عن الوصول إلى البيت، فكيف تكون حسرة من انقطع عن الوصول إلى ربالبيت .
ولعل البعض قرأ قصة ذلك المسلم الذي قدم من الجمهورياتالإسلامية -بعد سقوط الشيوعية - فلما وصل إلى المسجد الحرام ورأى الكعبةبكى بحرقة، وأخذ يتذكر ويقول: هذا بيت الله الذي كان يحدثنا عنه والدي،والذي كان يتحرق شوقاً إلى رؤيته لكنه منع من قبل طواغيت الكفر، فمات قبلأن يراه .
الموقف الثاني :
في لباسالإحرام يتجرد المسلم من اللباس الذي اعتاده، إلى لباس يستوي فيه الجميع:الغني والفقير، والأمير والحقير، وهو تأكيد لأصل عظيم في هذا الدين، ألاوهو أن الناس سواء لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أسود إلابالتقوى :
أرى الناس أصنافا ومن كل بقعة * * *إليك انتهوا من غربة وشتات
تـســاووا فلا أنساب فيها تفاوت* * *لديك ولا الأقدار مختلفات
وقول الله أبلغ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير ) .
هذاالمشهد العظيم يبعث في النفس آثاراً عظيمة، منها : أن توحيد اللباس فيهإشارة إلى توحيد الكلمة، والمقصد، (فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشرالمخبتين ) .
ومنها : أن الناس في ميزان العبودية سواء، الله ربهم وهمعبيده، فأكرمهم عنده أتقاهم، وأرفعهم منزلة من زاد ذله لمولاه، وعَظُمَانكساره بين يدي ربه، وكًثُرَ طرقه لباب سيده، أما مناصب الدنيا فلا وزنلها هنا.
الموقف الثالث :
التلبية،وما أدراك ما لتلبية ؟ التي تستمر مع الحاج منذ تلبسه بالحج إلى أن يرميجمرة العقبة يوم العيد، هذا النداء الخالد الذي يعلن فيه العبد استجابتهلنداء الله الذي أعلنه إبراهيم عليه الصلاة والسلام كما في قوله سبحانه :( وأذن في الناس بالحج ) هذه التلبية التي قال عنها جابر ـ رضي الله عنه ـفي وصفه لحجة المصطفى – صلى الله عليه وسلم - :" فأهل رسول الله – صلىالله عليه وسلم - بالتوحيد "، وتأمل قوله " بالتوحيد "، وذاك لأمرين :
أحدهما : أن أهل الجاهلية كانوا إذا لبوا قالوا " لبيك لا شريك لك، إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك " فكانوا يشركون في التلبية .
الثاني: أن هذه الجملة العظيمة اشتملت على أنواع التوحيد الثلاثة :الربوبيةوالألوهية والأسماء والصفات، فقوله ( الملك لك ) إشارة إلى توحيدالربوبية، وقوله ( لبيك لا شريك لك ) إشارة إلى الألوهية، وقوله ( إنالحمد والنعمة لك ) إشارة إلى توحيد الأسماء والصفات .

إذن هيألفاظ ومعان عظيمة، فيها ثناء على الله تعالى، واعتراف باستحقاقه للعبادةوحده سبحانه، واعتراف بأن النعم كلها من عنده، وأنه سبحانه هو المستحقللحمد كله، لهذا ينبغي أن يكون لها آثار على سلوك الحاج، ومن ذلك :
1 ـأن يحمد الله عز وجل على هدايته للتوحيد في الوقت الذي يقع فيه بعضالمنتسبين للإسلام في صور من الشرك عظيمة إما لجهلهم، أو لاعتقادهم أنعملهم هو الدين الحق فزُين ذلك لهم حتى صار دينا لا يتحولون عنه والعياذبالله، فليحمد العبد ربه وليعلم أن هدايته محض فضل الله عز وجل عليه .
2 ـومن الآثار أيضا : أن يحمد المسلم ربه أن جعل قلبه مستيقناً يقيناً لا شكفيه بأن الله تعالى هو المستحق للعبادة وحده لا شريك له، لكمال ربوبيتهوألوهيته وأسمائه وصفاته، وأن ما سوى الله من المعبودات لا يستحق ذلك،يستحضر العبد ذلك وهو يرى بعض صور الشرك التي يقع فيها بعض الحجاج الجهلة !
ويستحضرالمسلم ذلك وهو يتذكر الأمم الكثيرة ـ الغابرة والحاضرة ـ التي وقعت فيلوثة الشرك فرأته دينا صوابا ـ عياذا بالله ـ يتذكر وحمد ربه أن عصمه منذلك، وهذا يدعوه إلى سؤال الله تعالى الثبات على التوحيد حتى الممات، فإنالقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء .
3 ـومن الآثار أيضاً : أن يكون العبد على وجل وخوف إذا لبى من عدم إجابةتلبيته وقبول حجه، وهذا الخوف ينبغي أن يدفعه لمزيد الإحسان في العمل، وفيالوقت نفسه ينبغي أن يحذر من القنوط، بل يجمع بينهما .
فهذه إشارةعابرة إلى التلبية وما فيها من معان عظيمة، والتي ينبغي أن نتذكرها حينمانلبي، وألا نكون كحال بعض الناس الذي يرددها وكأنه يردد قصيدة ملحنة !! .
ولعلتذكر هذه المعاني ـ أخي القارئ ـ لعل هذا هو السبب فيما نقل عن بعض السلفأنه كان إذا لبى غلبه تذكره فأغمي عليه، كما روى ذلك الإمام مالك عن عليبن الحسين ( زين العابدين ) ـ رحمهما الله تعالى ـ أنه أحرم، فلما أراد أنيلبي قالها، فأغمي عليه ، وسقط من ناقته فهشم رحمه الله، فقيل له في ذلك ؟فقال : أخشى أن أجاب بلا لبيك !.
وقد رأيت بنفسي رجلا ـ صحبته في الحجـ لما أحرم بدأ بالتلبية فغلبه البكاء، وذلك أنه تذكر موقفاً وقع لأحدأئمة التابعين وهو محمد بن المنكدر، وذلك أنه روي عنه أنه لما بدأ فيالتلبية سكت في منتصفها وقال :أخشى أن أُجاب بغير ما أريد، يعني أنه خشيأن يقال له : لا لبيك ولا سعديك، فغلبه البكاء حتى سقط عن راحلته ـ رحمهالله تعالى ـ .
الموقف الرابع :
الحاجيفعل في حجه أموراً كثيرة، قد لا يدرك لها حكمة سوى تحقيق العبوديةوالاستسلام لله عز وجل ، والمتابعة للنبي – صلى الله عليه وسلم -، وهذاكله يثمر التقوى ومن ذلك مثلاً :
تقبيل الحجر الأسود، أمر لا يعلم لهالمسلم تفسيرا سوى المتابعة المحضة للنبي – صلى الله عليه وسلم - ولهذاكان عمر – رضي الله عنه - يقول ـ كما في الصحيحين ـ :" والله إني لأقبلك،وإني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله – صلى اللهعليه وسلم - يقبلك ما قبلتك "ولله در عمر، فإنه أراد أن يعلم ويربي منتبلغه هذه المقولة أن الأمر محض استسلام ومتابعة :
فما البيت ؟ والأركان ؟ والحـجر ؟ والصفا ؟ *** وما زمـزم؟ أنت الذي قصدنـاه
وأنت منانا، أنت غايـــة سؤلــنا *** وأنت الذي دنـيا وأخرى أردناه
وهكذا الشأن ـ أيها الأحبة ـ في جميع المناسك، يسأل الحاج أحيانا :
لماذاالطواف بالبيت ؟ ولماذا لم يكن خمسة أشواط بدل سبعة ؟ وما الحكمة من السعي؟ ورمي الجمار ؟ والبيات بمنى ؟ والنحر، و....و.... أسئلة كثيرة ..لا نعلملها جوابا ألا أن الأمر محض استسلام وتعبد، وتعظيم لشعائر الله عز وجل،وإقامة ذكره سبحانه وبحمده، وأن الهدف من ذلك هو حصول تقوى الله سبحانه،ولهذا قال الله عز وجل: ( لن ينال الله لحومها و لا دماؤها ولكن ينالهالتقوى منكم، كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم، وبشر المحسنين)والشاهد قوله : ( لتكبروا الله على ما هداكم ) أي لتعظموه وتجلوه جزاءهدايته إياكم فإنه يستحق أكمل الحمد، وأجل الثناء، وأعلى التعظيم[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]،ويقول عز وجل: ( ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب )، ويقولسبحانه : ( الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولاجدال في الحج، وما تفعلوا من خير يعلمه الله، وتزودا فإن خير الزاد التقوىواتقون يا أولي الألباب ) .
ومع هذه التساؤلات التي أشرت إليها آنفا،فالمسلم لا يعتريه شك في أن هذه الأعمال هي من صلب أعمال المناسك، وأنه لولم يفعلها لم يصح حجه أو نقص أجر حجه، ولكن ابحث عن أثر هذا الاستسلام فيحياة بعض الحجاج خاصة والمسلمين عامة !!
وابحث عن هذا الإقدام على الامتثال للأوامر، فسترى عجباً .
إنمن الناس من يبلغه الأمر عن الله وعن رسوله – صلى الله عليه وسلم - في بعضالأمور، فيبدأ في التساؤلات، وإبداء الإشكالات التي لا تنبئ عن بحث عنالحق أو التماس للحِكَم، ولكنها تنبئ عن نوع من التردد أو التباطؤ في فعلهذا الأمر أو اجتناب ذاك النهي !!
فلماذا هذا النظر إلى الأوامروالنواهي ؟! والله تبارك وتعالى يقول في محكم كتابه : (وما كان لمؤمن ولامؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يعصالله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ).
الموقف الخامس :
يجدالمسلم في الحج والعمرة أيضاً أن الإحرام له محظورات يمتنع المسلم منهاحال إحرامه ـ رغم أنها من أطيب الطيبات ـ كالطيب ولبس الثياب التي تفصلعلى الجسم، وغيرها من المحظورات، ويلحظ المسلم أيضاً أن الحرم له أحكامهالتي تخصه، فلا ينفر صيده، ولا يعضد شوكه، ولا تحل لقطة الحرم إلا لمنشد،إلى غير ذلك من الأحكام التي جاءت بها النصوص، وبسط أهل العلم الكلامعليها، وأيضاً شُرع للمسلم أن يأتي البيت على أحسن هيئة، ولباس معظم ـ وهوالإحرام ـ ولا يجوز للحاج أن يخرج من مكة بعد حجه إلا بعد طواف الوداع مالم يكن معذورا شرعا، ويلاحظ المسلم أيضاً أن الحج مضبوط بأوقات وأماكنمحددة، لا يجوز أن يتجاوزها المسلم، فلماذا كل هذا ؟
لا شك أن هذا كلهمن تعظيم شعائر الله عز وجل ، لأن تعظيمها تعظيم لأمر الله، وهذا يورث فيالنفس من الاستكانة، والخضوع، والاستسلام، والذل لله، وانشراح الصدر ما لايستطيع وصفه أعظم الناس بلاغة وفصاحة، وهذا ـ والله ـ هو مقصود العبوديةالأعظم، وبه تعلو درجة العبد عند ربه وتمحى عنه آثار الذنوب والمعاصي .
ومنذلك أيضاً أثر سلوكي آخر ألا وهو : قيام عبودية المراقبة لله عز وجل،فالحاج يطوف ويسعى ويرمي الجمار ويبيت بمنى ويقف بعرفة وينصرف منها كل ذلكحسب العدد والزمان والمكان الذي حدده الشرع، ولا يخطر بباله أن يجعلالطواف ثمانية أشواط مثلا، والسعي ـ لأنه طويل ـ سيختصره إلى خمسة، أو أنهيفكر في أن يزيد في عدد حصى الجمار، كلا، كل ذلك ليس في باله، ولم يحمطائر تفكيره حوله، فلماذا ؟ لأنه يعلم أن الله تعالى مطلع عليه، و لأنهيخشى فساد أو نقص حجه ؟
وهذا أثر عظيم، ودرس كبير، يبعث المسلم إلىمراقبة ربه جل وعلا في سائر أعماله وشتى أحواله، فالمطلع على أحوال الحجمطلع على غيره من الأعمال .
ومن الآثار السلوكية أيضاً : الاعتيادعلى اغتنام الأوقات ـ رأس مال الإنسان ـ والعلم بأن لكل وقت من أوقاتالمسلم له وظيفته التي جعلها الله لها .
فهذا الحاج لو فاته الوقوفبعرفة، أو رمى في غير وقت الرمي، أو بات خارج منى ـ بلا عذر ـ أو غيرها منالأعمال، إما أن يفسد حجه أو ينقص حسب رتبة العمل .
والمقصود من ذلك أن يعود المسلم نفسه على ترتيب وقته ومحاولة اغتنامه، وعدم تضييعه، فإن العمر قصير والواجبات كثيرة .
وللحديث صلة في الحلقة القادمة بإذن الله .
من آثار الحج السلوكية (الجزء الثاني) (4
وفي الختام

أعترف بأن الموضوع يستحق أكثر مما ذكر، وهناك جوانب تستحق الوقوف معها، لكن هذا ما تيسر عرضه في هذا الموووضوع

أسأل الله تعالى أن ينفعنا بما علمنا وسمعنا،

وأن يتقبل من الجميع صالح أعمالهم

، وأن ييسر للحجاج حجهم،

وأن يتمم سعينا وسعيهم بالغفران والقبول،

وأن يجعل ما علمناه حجة لنا لا علينا




وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،


والحمد لله رب العالمين ./4)
كانت الحلقة الماضية استعراضاً لجملة من المواقف التي يمر بها الحاج، ولها آثار على النفس، وفي هذه الحلقة نستكمل ما بقي منها :
الموقف السادس :
فيالحج، لا تكاد تخطئ عين الحاج مريضاً، أو محتاجاً، أو معاقاً، أو مفترشاًالأرض إلى آخر تلك الصور المتكررة، والتي تبعث في نفسه شعوراً بأمور،ينبغي أن تظهر آثارها على سلوكه، ومن ذلك :
أن يشكر الله تعالى بلسانه وجوارحه، على أن عافاه مما ابتلى به هؤلاء الناس .
قد تبصر عيناك ـ في عرصات المشاعر المقدسة ـ مريضاً، فليكن ذلك دافعاً على اللهج بحمد الله على نعمة الصحة .
وقد تقع عينك على محتاج ! فاحمد الله أن أغناك من فضله فلم تحتج،وتمد يدك إلى مخلوق.
وإن التفت فرأيت معاقاً، فاحمد الله على إطلاق جوارحك .
وإن رمقت بمقلتك أعمى فاحمد الله على نعمة البصر، وهكذا في أنواع من النعم تراها اجتمعت فيك، وفقدها ـ أو فقد بعضها ـ غيرك .
ومن الآثار : أن يتذكر المسلم برؤيته لهذه المناظر تفاوت الناس يوم القيامة !
فهاهمفي الدنيا منهم الصحيح القوي،ومنهم المريض الضعيف،ومنهم من هو بين ذلك،وهميوم القيامة سيتفاوتون على قدر أعمالهم،فمنهم منه في أعلى الدرجات،ومنهممنه في أدناها .
وثمة أثر سلوكي آخر يدفعك إليه نظرك إلى هذه المناظر، ألا وهو :
البذلُ والإنفاقُ، وسخاوةُ النفس لهؤلاء المحتاجين وأمثالهم، فتعطف على الفقراء، وتحسن إلى المساكين، وتبذل للمنقطعين .
ومنالحجاج من يبلغ مرتبة أعلى في الإنفاق، فيبذل ماله حتى على إخوانهالأغنياء الذين يستطيعون الحج بأنفسهم ؛رغبة في الثواب والأجر، ومن أشهرمن عرف عنه ذلك :
الإمام عبدالله بن المبارك ـ رحمه الله تعالى ـالذي كان إذا أراد الحج من بلده (مروْ ) جمع أصحابه وقال :من يريد منكمالحج ؟ فيأخذ نفقاتهم، فيضعها عنده في صندوق ويقفل عليه، ثم يحملهم وينفقعليهم أوسع النفقة، ويطعمهم أطيب الطعام، ثم يشتري لهم من مكة ما يريدونمن الهدايا والتحف، ثم يرجع إلى بلده، فإذا وصلوا صنع لهم طعاما، ثم جمعهمعليه،ودعا بالصندوق الذي فيه نفقاتهم، فرد إلى كل واحد منهم نفقته [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].فرحمه الله رحمة واسعة .
وذُكِر أن الحسن بن عيسى الماسرجسي ـ وهو أحد المحدثين الثقات ـ أنفق في حجته التي مات فيها : (300000) ثلاثمائة ألف درهم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
ومنالعجيب أن هذا المحدث كان نصرانيا فأسلم وحسن إسلامه وطلب العلم حتى صارله فيه شأن، ولقد عُدّت المحابر في مجلسه اثنا عشر ألف محبرة، وسبحان اللهما أعظمه من دين !!من أخذ به عزّ ومن أعرض عنه ذلّ !!
فأين التجارالمسلمون الذين ولدوا وعاشوا بين المسلمين ؟! نعم في الناس بقية ـ وللهالحمد ـ لكن من المؤكد أن حاجة الحجيج إلى أنواع من البذل والإحسان، دونأعداد التجار الذين يعرفون .
ولهذا يقال لإخواننا الذين وسّع اللهعليهم : لا ينبغي أن يكون التنافس مقتصرا على أمر الدنيا، فما أحسن أنتجمعوا مع أمر الدنيا أمر الآخرة !
وقد أشار الله – عز وجل- إلى ذلك فيكتابه، حيث قدم التزود بالتقوى على تجارة الدنيا فقال : ( وتزودوا فإن خيرالزاد التقوى، واتقون يا أولي الألباب، ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا منربكم ) .
الموقف السابع :
يلمسالمتتبع لحجة النبي – صلى الله عليه وسلم - مخالفته للمشركين في شعائرهمالتي كانوا عليها في الجاهلية، ومن هذه الشعائر التي خالف النبي – صلىالله عليه وسلم - فيها أهل الجاهلية :
أ/ مخالفته لهم في التلبية كما سبق أن أشرت إليه .
ب/مخالفته لهم في الاعتمار في أشهر الحج، في الوقت الذي كان أهل الجاهليةيعتقدون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض، كما ثبت ذلك فيالصحيحين من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما - .
ج/كانت قريش لا تقف بعرفة كما يقف سائر الناس،بحجة أنهم أهل الحرم !!فخالفهم النبي – صلى الله عليه وسلم - فوقف بعرفة حتى غربت الشمس ثم دفع،كما في الصحيحين من حديث عائشة، وجبير بن مطعم رضي الله عنهما .
د/ كان أهل الجاهلية يتأخرون في الدفع من مزدلفة حتى تشرق الشمس ويقولون أشرق ثبير[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] كيما نغير، وثبير جبل معروف على يسار الذاهب إلى منى وهو أعظم جبال مكة[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
والمعنى : لتطلع عليك الشمس يا جبل حتى ننفر، فخالفهم النبي – صلى الله عليه وسلم - فكان يفيض من مزدلفة قبل شروق الشمس .
هـ/ومما يلحق بهذا الموضوع أيضا، أن النبي – صلى الله عليه وسلم - بعد فراغهمن حجه ـ نزل في خيف بني كنانة، وهو موطن تعاقدت فيه قريش وتعاهدت علىمقاطعة النبي – صلى الله عليه وسلم - ومن معه من المؤمنين، وفرضوا عليهمحصارا اقتصاديا، بل وفرضوا عليهم حصارا اجتماعيا تمثل في امتناعهم منتزويج كل من آمن بالنبي – صلى الله عليه وسلم -، فأراد عليه الصلاةوالسلام أن يظهر منة الله تعالى عليه بظهور التوحيد وأهله، وانقماع الشركوأهله، فقال ـ كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - قاللنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ونحن بمنى : " نحن نازلون غدا بخيفبني كنانة، حيث تقاسموا على الكفر، وذلك أن قريشا وبني كنانة تحالفت علىبني هاشم وبني المطلب أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم حتى يسلموا إليهم رسولالله – صلى الله عليه وسلم - ، يعني بذلك المحصّب " .
يقول ابن القيم ـرحمه الله تعالى ـ معلقا على هذا الحديث : " وكانت عادته صلوات اللهوسلامه عليه أن يقيم شعار التوحيد في مواضع شعائر الكفر والشرك، فيظهرشعائر الإسلام في المكان الذي أظهروه، فيه شعائر الكفر[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]".

والآثار السلوكية التي نستفيدها من هذه المخالفات الصريحة من النبي – صلى الله عليه وسلم - لأهل الإشراك كثيرة من أهمها :
1 ـحرص الإسلام على تميز أتباعه في كل شيء في عباداتهم وأعيادهم ولباسهموكلامهم، وغير ذلك، وخاصة في باب العبادات،بل إنه سد كل باب يفضي إلىالتشبه بهم وحرم على المسلمين ذلك، كما في الحديث الذي أخرجه أبو داودوأحمد عن ابن عمر – رضي الله عنه - أن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال:" من تشبه بقوم فهو منهم " .قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالىـ :إسناده جيد .
2 ـ تأكيد الأمر العظيم،والأصل الأصيل، الذي هو أحد الأصول التي قام عليها هذا الدين، ألا وهوالبراءة من المشركين في شعائرهم وأعيادهم وأخلاقهم ولباسهم وغير ذلك مماتميزوا به، وهذه البراءة تقتضي بغضهم وعداوتهم، وبغض ما هم عليه من كفروشرك والحذر من التشبه بهم في أي شيء من خصائصهم، وليس هذا أمرا غريبا بلهو ملة إبراهيم – صلى الله عليه وسلم - الذي أعلنه صراحة في وجوه الكفار،كما قال الله – عز وجل – (قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذقالوا لقومهم إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بينناوبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده ) فهو يعلن عليهالصلاة والسلام أن العداوة والبغضاء لا أمد لها سوى الإيمان بالله وحده-عز وجل - وأن يكونوا حنفاء لله غير مشركين به، وقد سار على هذه الطريقابنه الخليل الثاني نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم - فبعث أبا بكر – رضيالله عنه - عام تسعة من الهجرة ليعلن البراءة من المشركين، وألا يحج بعدهذا العام مشرك ـ كما في الصحيحين ـ من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - .
ومعوضوح مكانة هذا الأصل، وكونه من المسلمات في الشرع، حتى قال عنه بعض أهلالعلم : " ليس في كتاب الله تعالى حكم فيه من الأدلة أكثر ولا أبين من هذاالحكم بعد وجوب التوحيد وتحريم ضده " [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
أقول: مع وضوح مكانته من الدين إلا أننا –وللأسف- لازال بعض المسلمين أو ممنينتسب إلى الإسلام من يخرق هذا الأصل العظيم : فمنم من يهون من شأن عداوةالكفار عموما أو من عداوة اليهود والنصارى على وجه الخصوص، حتى ظن بعضهمأنه يمكن أن نتقارب مع أهل الكتب السماوية المنسوخة بدين الإسلام، أو أنهيمكن أن نلتقي تحت مظلة الإنسانية .ومنهم من يظن أن المخرج لهذا التخلفالذي تعيشه أمة الإسلام هو السير في ركاب الغرب والشرق وأخذ جميع ماعندهم، من غير تمييز بين النافع والضار .
ومن مظاهر خرق هذا الأصل مايراه كل مسلم من التشبه بالكفار في لباسهم أو سلوكهم، ومن أوضح الصور مانراه من القصات الغريبة،ولبس القبعات،والتي زاد سعارها مع هذا البثالفضائي المحموم، إلى غير ذلك من المظاهر التي تدل على وجوب تكثيف الحديثعن هذا الأصل العظيم، خاصة في هذا الزمان الذي أصبح الحديث عن المسلمات منالواجبات والله المستعان.
3 ـ وفي قصةالنزول بالمحصب، فوائد وعبر ومنها : أن العبد ينبغي له أن يتذكر دائما منةالله عليه بالهداية والتوفيق، وأن يسعى لإظهار الدين وخاصة في الأماكنالتي كانت مجمعا للشر، أو كان الشخص نفسه ممن عاش فيها فترة من الزمن أيامغفلته،وكل هذا مع مراعاة تحقيق المصالح، ودرء المفاسد .
الموقف الثامن :
النحرفي دين الله له شأن عظيم، قرنه الله عز وجل في كتابه بالصلاة، كما في قولهسبحانه : ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ) على أحدالقولين في الآية وفي قوله تعالى : ( فصل لربك وانحر ) ، وفي صحيح مسلم عنعلي – رضي الله عنه - قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : " لعنالله من ذبح لغير الله " .
وللنحر في الحج منزلة عظيمة، فالمسلم ينحرذبيحته تقربا إلى الله – عز وجل - إما هديا، أو جبرانا لما وقع في نسكه منالخلل أو يذبح تطوعا، وأهل الأمصار يشاركون الحجاج في عبادة النحر بذبحالأضاحي إحياء لسنة خليل الرحمن: إبراهيم عليه الصلاة والسلام، الذي ابتليبذلك البلاء العظيم الذي لا يصبر عليه كل أحد، أمر بذبح ابنه، ومتى ؟!عندما كبر في السن، ويئس من الولد، وبعدما صار الولد قطعة من القلب !
أَمَا ـ والله ـ إنه لو وكّل غيره بذبح ابنه لما كان الأمر هيناً، فكيف به وهو يؤمر أن يباشر الذبح بنفسه ؟!
ويبلغالتسليم منه المبلغ العظيم حينما عرض على ابنه إسماعيل أن يشاركه فيالابتلاء، فقال له : (يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى؟ قال : يا أبت افعل ما تؤمر ) فلما حصل التسليم منهما لم يكن للذبحوإراقة الدم حاجة، لأن إبراهيم نجح في هذا الابتلاء ليعطي كل حنيف مسلمٍدرسا عظيما في صدق الامتثال، وسرعة المبادرة وإن كان ذلك بخلاف ما تهواهالنفس .

إذا تبين هذا، فإن لهذه العبادة آثار عظيمة يجدر ألا تغيب عن بال المسلم حين يباشرها أو ينظر إليها، ومن ذلك :
1 ـأن يحمد الله عز وجل أن جعله لا يذبح إلا له، في الوقت الذي يرى فيه أويعلم عن أناس ممن ينتسبون إلى المسلمين يذبحون وينذرون الدماء لطوائف منالمخلوقين :إما أولياء ـ وقد لا يكونون كذلك أصلا ـ أو جن أو غيرهمالمخلوقين الذين صرف العبادة لهم شرك أكبر مخرج من الملة .
2 ـوقفة تأمل مع عدد الإبل التي ذبحها النبي – صلى الله عليه وسلم - في حجته،وهي مائة ناقة !! ذبح منها ثلاثاً وستين بيده الشريفة، وأكمل الباقي عليبن أبي طالب – رضي الله عنه - .
ونحن نعلم أنه كان يكفيه لنسكه سبع بدنه أو شاة واحدة، فلماذا كل هذا ؟
ماهو ـ والله ـ إلا التعظيم لشعائر الله، وما هو إلا الجود والسخاء الذي عرفبه – صلى الله عليه وسلم - وما هو ـ والله ـ إلا الانشراح والراحة التييجدها بأبي هو وأمي – صلى الله عليه وسلم - في التقرب إلى الله بهذهالعبادة العظيمة : عبادةِ النحر، ووالله،لو كان يرضي ربه نحر نفسهلفعل،وهذا الشعور يجده الحجاج أيضا كلٌ بحسب ما يقوم بقلبه من اليقين،والتعظيم،والحب،وليس هذا فحسب :
فلو كان يرضي الله بذل نفوسهم *** لدانوا به طوعا وللأمر سلموا
كما بذلوا عند الجهاد نحورهم *** لأعدائه حتى جرى منهم الدمُ
ولكنهم دانوا بوضع رؤوسهم *** وذلك ذل للعبيد وميسم ُ[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
3 ـأن في قصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام عبرة في قوة الانقياد والتسليملأمر الله تعالى، وهذا أمر ملاحظ في الحج أيضا، فترى مواقع المفتين تمتلئبالسائلين عن دقيق الأمور وجليلها، وهم في نفس الوقت على أتم الاستعدادلفعل ما يُفْتون به ولو كلفهم ذلك بذل شيء من المال، بل لو كلفهم ذلكإعادة الحج مرة أخرى !
وهذا الشعور شعورٌ حسن، ولكن
الموضوع الأصلي : الــحــج وآثــاره السلوكية ..... مهم جدا الكاتب : المدير{ع~المعز}العامالمصدر : منتديات طموح الجزائر
المدير{ع~المعز}العام : توقيع العضو
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الــحــج وآثــاره السلوكية ..... مهم جدا

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة
صفحة 1 من اصل 1

odessarab الكلمات الدلالية
odessarabرابط الموضوع
odessarab bbcode BBCode
odessarab HTML HTML كود الموضوع
صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات طموح الجزائر :: ˆ~¤®§][©][ المنتديات الإسلامية الصوتيات منها و المرئيات ][©][§®¤~ˆ :: منتدى الحج و العمرة-