من
يوم طويل أعود إلى جحري الصغير، أعود حاملة من هم الأيام ما يكفيني لسنين،
اشعر و كأني امشي في صحراء بلا حدود، كأني قصة بلا بداية و لا تجد لها
نهاية...كنت طفلة ألعب بحرية أمام منزلنا الصغير و فجأة أجدني قد كبرت،
تقيدني سلاسل من حديد..أجدني بمنتصف درب طويل كأنه سراب، لا اعرف إلى أين
أخطو، امشي بلا هدف كسفينة بلا مرسى.

لطالما
سئلت نفسي لماذا وجدت في هذا العالم الكبير، فوجودي ليس من فراغ و ليس بلا
معنى لكني لا اعلم كيف أجد طريقي،لدي أحلام و لا اعرف السبيل للوصول
إليها...ضائعة أنا بداخل نفسي ، لا اعرف ماذا أريد و حتى لأي سبب أعيش.
عقارب ساعتي لا تتوقف عن الدوران، تلح دائما بإقناعي أن الوقت قد فات و لا
مجال لالتقاط الأنفاس و البدء من جديد. أتذكر كم كنت أتمنى بشغف أن أصبح
كبيرة لأسافر حيث أريد و اكتشف العالم بعيناي و
ليس بأعين الآخرين كنت أتحرق شوقا لامسك النجوم و أن أكون حرة، في حين أني
كلما ودعت يوما من عمري كنت أودع معه جزءا من براءتي وعفويتي، كل يوم يمر
كنت أسلسل حريتي بسلسلة من الواجبات و المسؤوليات.

أعيد تقليب دفاتر حياتي، لاكتشف أني لم أتمتع يوما بحق الاختيار، كنت دائما مجبرة على تنفيذ قرارات الكبار، بتحقيق أحلام الآخرين دون
أن يتنازل احد ما و يسألني إن كان هذا ما أريد. طبعا فانا لم اعش كل تلك
السنين لم تكن يوما لي فلما اليوم يحسبونها من عمري...اااه كم اشتقت لأكسر
أواني الزهر و المرايا دون أن يحاسبني احد لأني مجرد فتاة صغيرة....