كان يجلس في قفص الاتهام وكله ترقب وقلق من الحكم الذي سيصدر عليه بعد لحظات وشعر بأن يداً خفية ستمتد اليه وتقبض على روحه ..
فقد مضى على سجنه حتى الآن حوالي السبعة أشهر وهو لم يعرف بعد ما سيكون مصيره ؟؟؟
وأحس ان دقائق النطق بالحكم ستسغرق سنوات وسنوات !!!!
كما
انه كان يشعر بالتعب احيانا من تقمص دور المعتوه الغير مسؤول عن تصرفاته
وهي الطريقة التي نصحه بها محاموه لكي ينجو من عقوبة الاعدام التي لا
محالة بانها ستكون عقوبته الاكيدة !!!!
فهو
قد أقدم على قتل صديقه!!!!! وهو في بيته كما انه وبعد ان قتله وأخفى جثته
خلف المنزل حاول الاعتداء على زوجته!!!!!!!!! لكنها قاومته واستنجدت
بجيرانها الذين هرعوا اليها ليساعدوها
وقاموا
بتسليمه الى الشرطة وها هو الآن ينتظر النطق بالحكم ولكن والديه وبما انه
شاب وحيد لهما لم يدخرا جهداً لكي يخلصاه من تلك العقوبة اللعينة
حتى لو كان الثمن امضاء بقية عمره في مشفاً للمجانين ....
فجأة
استرعى انتباهه وصول الهيئة التي انتهت من التداول وأحس بأن قلبه سيقفز من
مكانه وانه يريد الصراخ بأعلى صوته لكي يقول للجميع بأنه
لم يكن يقصد ان يقتل صديقه ولكنه وفي لحظة ضعف قاتلة
أقدم على ما أقدم عليه وأحس بان
العدالة ثمينة وثمينة جدا ؛ ولذا فهي تكلف غاليا ... وها هو يدفع الآن
ثمنها من دمه وعمره وخوفه وقلقه على مصيره الذي سيتحدد بعد دقائق ؟؟!!!!
لم
يصدق ما تسمعه اذناه بأن القاضي قد قرر تحويله الى مستشفى للامراض العقلية
والنفسية على اعتبار انه قد أرتكب الجريمة دون وعي أو ادراك منه و[انه غير
مسؤول عن تصرفاته ...
لم يصدق بانه قد نجا من عقوبة الموت المحققة وبأنه لن ينال العقاب على ما اقترفته يداه !!!!
كان
يسمع الناس تقول دائما بأنه لا عدالة في هذه الدنيا وان الحقائق بأبسط
الطرق ممكن ان تختفي ولكنه لم يتصور بأن خطة محاميه ستمر على قضاة امضوا
عقوداً طويلة
في التحكيم بين الناس ..وأنه سيكون أحد المجرمين الذين يقترفون ا جرائمهم، من دون أن ينالهم أدنى عقاب
كانت
فرحة والديه لا تصدق بأنه قد افلت من العقاب وأقبلا عليه ليطمئناه بانهما
سيدخلانه احسن مستشفى في البلد وبأنه لن يشعر بانه في مستشفى للأمراض
العقلية !!!!
كأن يحس بأنه كتلة من اللاشعور وبأنه خائف وقلق بعض الشيء فكيف سيقضي حياته في مستشفى للمجانين وهو عاقل !!!!؟؟؟؟؟؟؟
حتى
عندما دخل الى المستشفى التي نقلاه والده اليها احس بأنها مكان غريب عليه
وأحس بانه يريد الهروب الى مكان لا يستطيع أي انسان ان يجده فيه !!!!
كانت
الايام تمر عليه بطيئة وهو لا ينطق ولا يأتي بأي حركة عملا بنصيحة محاميه
ووالديه لكي لا يتم اكتشافه ويعلم الجميع بانه قد خدع الجميع بأدعاءه
الجنون !!!!!!!!!!!!!
شيئا فشيئا اخذ يعتاد على جو المشفى والمجانين ممن هم حوله حتى انه بدا يعتاد على العلاج الذي كان يأخذه في المشفى ..
وبدا
يعتاد على اجوائهم ونوباتهم وصراخهم وبدأ بتكوين صداقات خاصة به معهم على
اعتبار بانه لن يقضي عمره وحيدا بدون ان يتحدث مع احد منهم ..
كان
يرتاح لحديث زميله في الغرفة الذي كان يحس بانه قريب منه كثيرا ً حتى انه
كان يفكر بانه عاقل ويدعي الجنون مثله لكي يفلت من العقاب كما فعل هو ..
واشتدت
اواصر الصداقة بينهما حتى اتى اليوم الذي صارحه بالحقيقة وبانه عاقل ويدعي
الجنون وبأنه قد ارتكب الجريمة بحق صديقه وقتله وحاول الاعتداء على زوجته
....!!!!
واطلعه
على كل التفاصيل الكاملة للجريمة وكيف قام بتنفيذها وكيف حاول الاعتداء
على زوجة صديقه وكيف انه قد اعجب بجمالها لم يستطع ان يقاوم نفسه الامارة
بالسوء تجاهها فقتله وحاول الاعتداء عليها ....
أحس
ان صديقه تفاجأ ببوحه بتلك الحقيقة ولكنه لم يعر الموضوع اية اهمية فهو قد
امضى في هذه المستشفى وقتاً طويلاً ولن يصدقه احد ان حاول ان يخبر من حوله
بالحقيقة خاصة انه يلعب دوره بكل براعة ..
احس
بأنه مرتاح كثيرا لانه باح بالحقيقة لاحدهم فهو قد احس ان حملا ثقيلاً قد
ازيح عن كاهله !!!!!!! ونام تلك الليلة بملئ جفونه .......!!!!!
لكنه
قد استيقظ في الليل على صوت حركة غريبة في غرفته ووجد صديقه مع مجموعة من
المرضى متحلقين حوله ويقولون له هيا معنا فقد حان موعد محاكمتك ؟؟؟!!
احس برعب شديد من منظر تحلقهم حوله وقاموا بحمله من فراشه وكتموا انفاسه حتى لا يحضر الحارس الليلي وينقذه من المحاكمة !!!!
قاموا
بتقيده الى حافة السرير بواسطة ستائر الشباك واخذوا اماكنهم وجلسوا لكي
تنعقد المحاكمة كان القاضي احد المرضى الذين لم يتحدث معه يوماً وجلس
بجانبه احد المرضى النفسيين .
وقام صديقه او الذي اعتقد بانه صديقه بلعب دور محامي الدفاع عن المغدور وطلب من القاضي ان يسمح له بأن يترافع عن المغدور .
وبدأ
بقص وقائع الجريمة كما اخبره هو بها بالتفصيل وختم مرافعته قائلاً اطلب من
العدالة الالهية ان تحق الحق وان تنزل بهذا المجرم الذي
خان كل عهود الصداقة وانتهك حرمة بيت صديقه واستباح عرضه اقصى عقوبة ممكنة وهي عقوبة الاعدام ؟؟؟؟؟
فسكوتنا عن محاسبة هذا المجرم معناه اننا شاركه الجريمه بشكل غير مباشر ؟؟؟
قد
تكون العدالة التي غابت عن اعين العقلاء ومن هم في مجال المحاكمات منذ
وقت طويل قاصرة عن ارجاع الحقوق لأصحابها ولكننا كمجانين او كمرضى نفسيين
سنحقق العدالة هنا والآن وفي هذه اللحظة .....
كان
مذهولاً ولا يستطيع الحراك من شدة الخوف لم يصدق ما يسمعه منهم يبدو
وكأنهم ليسوا بمجانين فكلامهم يشبه كلام الحكماء والعقلاء ...
قال من اعتقد بانه صديقه كيف سنقوم بأعدامه فأقترح احدهم أي يحلوا رباط لباس النوم الخاص بكل واحد منهم وتجديله
ومن ثم تعليقه بالسقف واعدامه لكي يكون عبرة لكل عاقل في هذه الدنيا ..
اخذ يحاول الهروب من مصيره والصراخ ولكن دون طائل فاستسلم لمصيره المحتوم وتأكد عندها بأن الجرائم البشرية لا تسقط بالتقادم
وانه ومهما حاول المجرم ان يمحي أثرها تحت غبار الزمن فلا وبد وان تظهر الحقيقة يوما ما !!!!!!!
فيا لسخرية القدر بان العدالة تحققت على يد مجانين يعيشون في وسط يحوي من نطلق عليهم لقب عقلاء حاضرنا..
تقبلوا مني كل التحيات ..
الموضوع الأصلي :
[عدالة بيد مجانين ]!!!! الكاتب :
المدير{ع~المعز}العامالمصدر :
منتديات طموح الجزائرالمدير{ع~المعز}العام : توقيع العضو
|