لـ أمي
عندما
انظر لوجه أمي اخجل من سؤالها عما بها ،أخاف أن تجيبني أننا سبب حزنها،
أخاف أن تكون نظراتها الباحثة في الفراغ هروبا منا، أخاف أن لا نكون قد
حققنا جزءا من أحلامها .عندما أستفيق صباحا أخاف من سؤالها عن حالها
،لأنني أذرك أنها ليست بخير، أذرك أنها سوف تبتسم وتجيب أنها بخير، ستنصرف
عني كي تعد إبريق القهوة كما تفعل عندما نجلس حول الطاولة تنصرف عنا كي
تأتي بالخبز أو السكر أو...وعندما تجلس تختبئ في ركن من الأريكة تجلس
بهدوء قاتل، نتحدث ونتحدث وهي صامتة ،في أحيان كثيرة أراها على وشك أن
تبتسم ،غير أنها لا تفعل ذلك. كثيرا ما تسألني عن حالي؟ تقلق لمجرد النظر
إلي، وكثيرا ما أقلق عليها، وحين أسالها لا تجيب ..تصمت كثيرا على أمل أن
نصمت نحن أيضا ،غير أننا لا نفعل !!عندما نحزن تكون أول من يعرف
بحزننا،عندما نتألم تتألم هي بدلا منا، وعندما نسعد كثيرا ما ننسى أن
نخبرها ذلك. و يمر الوقت بيننا بغير نضام، يمر بغير كلام، يمر بين حزن
قانط من السعادة وفرح شارد يبحث عن عيون يختبئ فيها،وفي لحظات صمتها تغزل
ماضيها وحاضرها ،تصنع منه غطاءا تسترنا به من عرينا أمام الجميع، تقتص
منها كي تطعمنا .وتنتهي من صنع الغطاء، وحين تبحث عنا تجدنا بعيدين عنها،
عندما تحتاج لنا، نتركها في صمتها ،وعندما نحتاج لها ،نكسر عالمها الصامت
بضجيجنا ألا منتهي.. كم أود أن أسألها عن ميراثنا لها؟غير أنني أعود لخوفي
من جديد، أعود لحاجتي لصمتها كي لا يفضح الكلام ما تحاول أن تداريه عنا
،غير أن السؤال لا يمل مني، لا يمل من تكرار ذاته، هل كنا لها شيئا يستحق
ما فعلته لأجلنا؟هل كنا أبرار بها؟هل أحببناها عشر حبها لنا؟ما الذي
منحناه لها؟وجهي يشبهها، وعندما اخبترها ذلك أجابت أنني لا أشبهها في
شيء،أخبرها أنني التقيت بإحدى جاراتنا فأخبرتني أنني أشبهها ،تصر على أنني
لا أشبهها ،أسالها بهمس وهل كذبت علي الجارة حين أخبرتني ذلك.؟تجيبني بنفس
الهمس لم تكذب عليك، بل أنت التي كذبت على نفسك حين صدقت ذلك ..عندما
أخبرتني ذلك أول مرة بكيت ،وعندما طال بكائي وحزني أخبرتني أنها لا تريد
مني أن أشبهها فبكيت أكثر، يقينا مني أن جواب الأسئلة التي كانت تطاردني
لأيام وأيام لا تصلح للسؤال، وأننا لم نمنحها شيئا غير الألم غير الحزن
غير الصمت ...سألتها مرة لو لم نكن بحياتك ماذا كنت ستتمنين حينها؟ وضعت
يدي على قلبي كي لا تسمع دقاته المتسارعة ،أمسكت بيدي وأخبرتني أنها كانت
ستتمنى أن نكون بحياتها..
وعدت من جديد للبكاء ،فهي الجنة التي نعيش على أمل العيش فيها غير أننا نخطأ ونخطأ فتمحو أخطائنا حسناتنا ونحيد عن الجنة ...
سامحيني
أمي إن أخطأت في حقك بعلم وبغير علم.واغفري لي أخطاء الطفلة ،وشقاء
الصبية، وعناد الفتاة وصمت الأنثى وضجيجي الخارج عن نطاق قدرتي، أفعل ذلك
فحسب لأنني أحبك وأحبك وأحبك..وأعاند صمتك بالكلام وأتمنى أن أقتحم أسوار
صمتك كي أضمك بغير خوف وأسكن تحت قديمك...
الموضوع الأصلي :
╣۩╠تحت أقدام الصمت ╣۩╠ الكاتب :
المدير{ع~المعز}العامالمصدر :
منتديات طموح الجزائرالمدير{ع~المعز}العام : توقيع العضو
|