تـوقفت الفتيات الثلاث عند المحطة بانتظار الحافـلة ،
تحركت إيمان بخفة ورشاقة وقالت لصديقاتها :
ـ يبدو أننا سننتظر طويلا كالعادة.
أجابتها كريمة و عيناها لم تتحولا عـن ذاك الشاب الوسيم الذي يوجه بصره نحوهما :
ـ يا ليته يتأخر لساعة أخرى.
ـ ماذا قلتِ ؟ ردت إيمان .
ـ كريمة : قلت فقط لم الاستعجال فالوقت مازال مبكرا على بداية الحصة .
تفحصت كريمة الشاب من رأسه إلى أخمص قدميه فتنهدت:
ـ ياليته يكون من نصيبي.
رأت فيه نموذجا للشاب الذي تتمناه، على الأقل من حيث هيئته و شكله. فقد
كان لا يتجاوز الثلاثين من عمره، أشقر، طويل، ذو عينان عسليتان،
يلبس ملابس يبدو عليها الترف و الغنى، إضافته إلى ابتسامته الجذابة التي تسلب الألباب.
ـ قالت ثريا: هيـه ، كريمة ، يبدو أنك لستِ هنا، ماذا دهاك اليوم ؟
ـ إنه البــــاص ، رددت الصبايا
جرت الفتيات نحوه ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت الحصة، وكريمة ماتزال شاردة الذهن ، تبحث في كل الإتجاهات لعلها تشاهد ذاك الوسيم ،كما تسميه بينها وبين نفسها.
ـ قالت لها إيمان : أظـنك كريمة قد تناسيتنا، نحن معك هنـا، هل مازلت تفكرين في ذلك الشاب الذي رأيته في المحطة؟
ـ هل أنت أيضا رأيته ؟ لم يظهر عليك أي تأثير ؟ أجابت كريمة.
ـ إيمـان : كيف أتأثر ؟ لقد اعتدت رؤيته دائمـا.
ـ كريمة : أيـن ؟ بالله عليك قولي ؟ من يكون ومــاذا يعمل ؟
ـ إيمـان :ما بك ؟ أظـنك مغرمة .. يا إلهي ، ألم تجدي غير أستاذ اللغة الإنجليزية كي تحبيه ؟
ـ كريمة في دهشة : أستــــاذ !! أستاذ اللغة الإنجليزية .. وتنهدت بعمـــق ..أتمنــى أن يكون مدرس صفنـا ..
أجابت إيمان و الإبتسامة لا تفارق شفتيها مما يزيدها جمالا :
ـ ربمـا ..على العموم سننتظر إلى الغـد .
ـ كريمـة : أصبتِ ، فغدا حصة الإنجليزي، إيمــان هل بإمكانك أن تعيريني تنورتك السوداء ؟
إيمــان : أظنــك مجنونــة فعلا ، وضحكتــا كثيرا ..
في حـصة الإنجليزية..
الصمت يعم القاعـة، والكل ينتظر في رهبة ، قلوبهن تضرب بعنف، خوفا من أستاذ ليس في مستوى التخصص الذي هـن بصدد دراستـه.
تمنت كريمة من جديد أن يكون الأستاذ الوسيم أستاذ هذه المادة التي ستحبها من الآن فصاعدا.
تتجول تارة بعينيها في الفصل خوفا من وجود فتاة أكثر منها جمالا تثير انتباهه..
وتارة أخرى تنظر إلى ساقيها الجميلتين في التنورة القصيرة التي طالمـا أبهرتها إيمان وهي ترتديها.
دق الجـرس .. ودخل الأستــاذ ..
انبهر الجميع بوسامتـه، كريمة ناسية المكان فغرت فاها وعيناها متركزتان عليه، الفصل كله يتمتم في هدوء و خصوصا كونه قسم للبنات فقط.
ـ قال بلغة انجليزية متمكنـة : صباح الخير.
ـ أجبن بخفة : صباح الخير أستاذ.
ـ قال : الفصل الثالث للبنات ؟
ـ نـعم ، أستاذ .
ـ قاطعهن قائلا : اليوم سيكون يومـا للتعارف، أنـا إسمي أحمد عبد الله فهمي ، من مواليد القاهرة ...
فأجابت التلميذات كل واحدة على حدة ، إلى أن وصل دور كريمة فبدأت تتلعثم في الكلام وقالت : كريمة ياسين .
سمعت أصواتا منخفظة من الخلف تقول :
ـ يـِبْقَى لِكْ إيـه اسماعيل ياسين ؟؟؟
فانفجر الفصـل بالضحك و احمرت وجنتاها..
حان دور إيمان التي قالت بخفة بلغة إنجليزية متمكنة : إسمي إيمان الجداوي... وتحدثت عن نفسها قليلا .
ـ الأستاذ بإعجاب : يبدو أنك تجيدين اللغة الإنجليزية جيدا.
ـ أجابت : كنت أدرس بمعهد إنجليزي من قبل.
وانتهت الحصـة ..إلى الغــد.. وهمت الفتيات بالخروج..
ـ الأستاذ : إيمان انتظري قليلا لو سمحتِ !!
ـ إيمـان : حاضر
ـ نظر إليها وقال : هل تسكنين في المهندسين ؟
ـ نـعم، قالتها بلا مبالاة ، واستطردت : لمـاذا ؟
ـ أيمكنني أن أوصلك ؟ أنـا أيضا قريب من هناك، أراك دائمـا و أحب التعرف عليك ..
قاطعته بنظرتها الغامضة وخرجـت ..
الموضوع الأصلي :
إفـــــــصـــــاح ـــــــــ روايــة ـــــــــ جمــــيع الأجزاء الكاتب :
المدير{ع~المعز}العامالمصدر :
منتديات طموح الجزائرالمدير{ع~المعز}العام : توقيع العضو
|