د. صالح بن أحمد الغزالي
الحمد لله أفضل ما ينبغي أن يُحمد، وأفضل الصلاة والسلام على خير مَن تعبّد، محمد وآله وصحبه، وبعد:
فإن ما يُسمى (الفَنّ) إما أن يكون معنى عاماً للفظ، وهو الحقيقة المجملة لمصطلح الفن أو يكون ممارسة واقعية ملموسة، وصوراً مُعينة، فأما كونه معنى عاماً (الفن كمصطلح) فعلى التحقيق هو الشيء المستلذ للنفس، وإذا كان مستلذاً للنفس فلا يتعلق به مدح وذم أو حسن وقبح .. ويُعبر عنه عند أهل الفن بلفظ (الجمال) أو (الجميل) ويقولون (الفنون الجميلة) وهو تعبير غير مدقق، ولا يسلم به، ففرق بين الجميل والمستلذ .
ثم إن هذه الفنون إن عُبر عنها بالكتابة فهي (شعر)، وإن عُبر عنها بالصوت فهي (غناء) و(عزف) وإن عُبر عنها بالحركة فهي (رقص) و(تمثيل)، وإن عُبر عنها بالعمل اليدوي فهي (زخرفة) و(بناء) و(تصوير) و(رسم) .. وحقيقة الكل هو التعبير عن شيء مستلذ للنفوس غالباً، فلا يُقال عنه حسناً أو جميلاً، بل لذيذاً .
وأما الفنَّ كممارسة واقعية فيختلف اختلافاً كبيراً شاسعاً بين الممارسات المتنوعة، وهو في حياتنا المعاصرة قد احتل جزءاً كبيراً من واقع الناس وممارساتهم وأعمالهم .. وتفرغ لأداء هذه الأعمال الفنية أفراد كثر، وأُسست له وزارات ومؤسسات كبيرة تعنى به من جهة تعليمية وعملية تطبيقه .. ثم من جهة القيام على نشره وإبرازه، والتأثير به على الجمهور .
وهذه الممارسات جميعها لها غايات ومقاصد وآثار، هي محل هذا البحث.
ويُنظر في وصف هذه الغايات إلى الميزان العدل، لا مُجرّد ادّعاء القوم وتنظيراتهم، والميزان الحق لا يخرج عن ثلاث ركائز: الفطرة السليمة، والدين الحق المنزه عن التبديل، والعقل.
قال الله تعالى: "لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز" [الحديد: 25].
أسأل الله الإعانة، وأن يجعل هذا العمل خالصاً صواباً، وأن يجعله من الزاد الذي نتقرب به إلى الله، ونفرح به عند لقائه .
وأسأل الله أن يجعلنا من جنده المنصورين. آمين .
المطلب الأول: تعريف الفن في اللغة العربية .
الفَنُّ واحد فُنُون وأفْنَانٌ، وهو النوع أو الضرب من الشئ يقال افْتَنَّ الرجل في كلامه وخصومته: إذا توسع وتصرف، وافتن الحمار بأتنه: إذا أخذ في طردها وسوقها يميناً وشمالاً، ويُقال: فَنّن فلانٌ رأيه: إذا لوّنه ولم يثبت على رأي واحد (1) .
والفنون الأخلاط من الناس؛ أي ناس ليسوا من قبيلة واحدة، والأفانينُ: الأساليب؛ وهي أجناس الكلام وطرقه، والتفنين التخليط يقال ثوب فيه تفنين إذا كان فيه طرائق ليست من جنسه، ورجل مُتَفَنّن: أي ذو فنون، وفَنّن الناس: جعلهم فنوناً (2).
والفنان الحمار الوحشي الذي يأتي بفنونٍ من العدو، كما جاء في شعر الأعشى
وإن يك تقريب من الشدّ غالها***بميعة فنان الأجاري مجدم (3)
"وتوسع المتأخرون في كلمة "الفن" فأطلقوها على كل ذي فنون كثيرة، والمعروف عند الفصحاء مِفَن (4)".
والفَنُّ -أيضا- الطّرد، وفن الإبل يُفنُّها فنا إذا طردها، والفن العنَاء (الإعياء)، وفننت الرجل أفنه فنا إذا عينته، والفَنُّ المطل، والفن الغبن، وأفنون الشباب أوله، وكذلك السحاب (5).
المطلب الثاني: تعريف الفن في الاصطلاح
صُرفت كلمة "الفن" للدلالة على كل عمل إنساني يتطلب إنجازه مهارة خاصة، ويقتضي حذقا ودُربة متميزة (6)؛ لارتباط كلمة الفن من جهة اللغة بهذا المعنى .
فقيل - مثلا - عن الإنتاج الصناعي فناً؛ " وذلك لاقتضائه مهارة في الصنع، وحذقا في الممارسة، ودربة خاصة في كل نوع من أنواعه، فالخياطة فن بهذا المعنى. وكذلك التجارة والحدادة والزراعة وسائر ألوان الحرف والصناعات بلا استثناء (7)" كما قيل - أيضا- فن الصحافة وفن الإعلام، وفن الإذاعة وغيرها على هذا النحو.
وفي التعبير الاصطلاحي العلمي المشهور إطلاق كلمة الفن على الفنون التعبيرية واستئثارها بها دون سواها عند الإطلاق . مثل فنون الشعر والغناء والموسيقى والتصوير والرقص والنحت؛ وذلك لارتباطها - في الأصل- بعنصر الجمال دون الغايات النفعية . جاء في المعجم المفصل "إن الفنون الإبداعية قد أمست وحدها في لغة الفكر تستأثر بمصطلح الفن؛ لأهدافها المعنوية، وغايتها الجمالية السامية ( ".
وتعريف الفن الاصطلاحي الشائع هو:" التعبير الذي يتخذ مادة وسيطة،كي يعبر الفنان بواسطتها عن انفعالاته الجمالية، سواء لما يشاهده في الطبيعة أو يراه في الخيال بعين الفكر كي ينقله إلى الآخرين"(9).
فإذا توصل الفنان إلى غايته الجمالية بمادة اللغة كان شعرا، ومتى اتخذ الأنغام مادة له كان موسيقى، أو جمع بينهما كان غناء، وحين يسعى إلى التعبير الجمالي بمادة الخطوط والألوان كان رسما، وإذا كانت مادته مما يتجسم في أشكال وأحجام كان الفن نحتا وعمارة، ومتى كانت الحركات الإيقاعية هي مادة التعبير كان الفن رقصاً، أو كانت حركات محاكاة وتقليد كان الفن تمثيلا (10) .
المطلب الثالث: تقسيم الفنون
قسّم الفلاسفة ومن يُسمون بعلماء الجمال الفن إلى تقسيمات عديدة وذلك بالنظر إلى عدة اعتبارات، ومن أشهر هذه التقسيمات التقسيمات التالية:
أولاً: تصنيف (كانت)
" يميز (كانت) بين أنواع مختلفة من الفنون (الجميلة) أولها: الفنون الكلامية وهي النثر الأدبي والشعر، وثانيها الفنون التصويرية وهي التي تعبر عن الأفكار بطريقة حسية، هذه الفنون هي:
أولاً: الفن التشكيلي، ويتضمن النحت وهو موضوع أعمال فنية يمكن أن توجد في الطبيعة، ويشتمل كذلك على العمارة وموضوعاتها التي لا يمكن أن تتم إلا عن طريق الفن.
ثانياً: التصوير، ويسميه بفن المظهر الحسي .
ثالثاً: فنون اللعب بالإحساس، مثل الموسيقى وهي فن الإحساسات السمعية، ثم الملونات أو فن التلوين وهو فن الإحساس البصري.
ويضيف (كانت) إلى هذه المجموعات الثلاث من الفنون طائفة من الفنون المركبة مثل: المسرح والغناء، و(الأوبرا) والرقص " (11) .
ثانيا: تصنيف(لاسباكس) (12):
وهو يقسم الفنون إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: فنون الحركة، ويشتمل على الرقص والغناء والموسيقى، وهي أقدم الفنون وأولها في الظهور، وأساسها الدوافع النفسية المحركة كالغرائز والعادات والإرادات، وغاية هذه الفنون الدفع والتحريك والتأثير في الأفراد.
القسم الثاني: فنون السكون، وهي فنون العمارة والتصوير والنحت، وهذه الفنون تبنى على التناسق العقلي وتخضع للمنطق ولكنه ليس منطقا فكريا صارما، والإنسان حينما يطلع على آثار الفنون الساكنة يشعر بنوع من الإعجاب؛ لأن غايتها التعبير عن الجمال فقط.
القسم الثالث: الفنون الشعرية، ومنه الشعر الغنائي، والشعر القصصي، والشعر التمثيلي وعنه الكوميديا والتراجيديا، وكذلك (الأوبريت) أو التمثيليات الغنائية. وهذه الأنواع من الفنون تجمع بين ناحيتين:
1- الفن الأدبي.
2- الغناء والموسيقى.
ثالثا: تصنيف (نيدونسيل) (13):
والأساس في تقسيمه، هو نشاط الحواس الخمس . وهي:
1- فنون لمسية: الرقص والرياضة.
2- فنون بصرية: النحت والعمارة والتصوير.
3- فنون سمعية: الموسيقى والأدب وفنون اللغة.
4- فنون تأليفية: المسرح والسينما.
رابعا: وقُسم أيضا على اعتبار خاصيتي الزمان والمكان، فقيل (14):
1- فنون مكانية:
وهي التي تجري تكويناتها أو وحداتها الزخرفية على الأسطح المنبسطة للأجسام أياً تكن هذه الأجسام، دائرية أو كروية أو مسطحة، كما هو الحال في العمارة والحفر والتصوير والنحت والنسيج المرسوم .
2- فنون زمانية:
وهي الإيقاعات بكل أنواعها وتداخلاتها، وتعتمد على الترجيع المنظم للصوت وعلى ترديد الحركات، كما هو الحال في الموسيقى والرقص والغناء والشعر والتمثيل .
المطلب الرابع : مقاصد الفن عند أهله .
تعدد ذكر مقاصد الفن في كتب أهله بتعدد آراء الفلاسفة في وظيفة الفن وتحديد غايته .. والمتأمل في كلامهم يجد أن هناك رأيين متميزين:
الأول: إن الفن منزه عن أن يكون له غاية محددة، بل هو غاية قائمة في ذاته، وذلك بما يحدثه من المتعة واللذة والبهجة، ويعبرون عن هذه اللذة والمتعة بالجمال أو إدراك الجمال فيجعلونه غاية الفن، يقول الفيلسوف (كانت): " الفن نشاط حُر موجه إلى الذات، لإحداث بهجة جمالية منزهة عن الهوى والغاية المحددة " (15).
فالجمال عند أهل الفن هو مجرد اللذة والمتعة ولا علاقة له بالخير والشر أو الحق والباطل (*) (16)، يقول أفلاطون (17): "إن الجميل إنما هو الطيب الذي يكون ممتعا" .
والفنان غير مرتبط بغاية خلقية أو دينية أو اجتماعية أو فلسفية؛ بل إن الفنان غير مقيد بذلك، وهذا ما يعبر عنه بحرية الفنان.
وذهب إلى هذا الرأي أفلاطون وأرسطو اليونانيين، وتبعهم كثير من الفلاسفة قديما وحديثا (18)، وتجدد هذا المذهب في فرنسا في عام 1850م تحت شعار مذهب الفن للفن، ونادى به (غويته) و (بانفيل) ثم (البرناسيّون) (19) .
وقلدهم في ذلك – أيضا- كثير من المنتسبين إلى الفن من أبناء المسلمين، يقول توفيق الحكيم (20):" ليس لنا أن نسأل عن غاية الجمال، ولا عن غاية الفن ... الفن هو الأسلوب، أما الغاية فلا غاية".
وأنتجت نظرية " -الفن للفن -" القول بحرية الفنان وعدم مسؤوليته، وحولت الحرية إلى قيمة عُليا مجردة، و" مردّ الأمر - عند أصحاب هذا المذهب- إلى أن الفن هو خَلْق مستمر، وهو بالتالي من حيّز الأمور النسبية والمتغيرة، في حين أن الأخلاق تتصف عادة بالقطعية والجمود (21) ". يقول زكي نجيب محفوظ (22): "ولا يجوز للناقد أن يسأل عن لوحة - مثلا- قائلاً: ما مغزاها؟ أو ما معناها؟ لأنه لا مغزى ولا معنى في الفنون؛ لأن الفن خلق لكائن جديد".
الرأي الثاني: إن الفن له غاية ومنفعة بالإضافة إلى كونه تعبيرا عن الجمال، وذهب إلى هذا القول سقراط والمتدينون والأخلاقيون وكثير من الفلاسفة قديماً وحديثا (23).
ويمكن أن أجمل أهم آراء فلاسفة الفن ومنظّروه في غاية الفن ومقاصده في الآراء التالية:
1- يرى الفيلسوف (هريرت) أن المقصد الأسمى من الفن هو تصوير الحقائق، وليس الاستمتاع ببعض القيم، ويكون ذلك عن طريق لغة الفن القائمة على الرموز (24).
2- وتذهب الأمريكية (سوزان لانجر) إلى أن مهمة الفن تنحصر في التعبير عن بعض المعاني العميقة بطريقة رمزية لا تتأتى لأي وسيلة أخرى من وسائل التعبير (25).
3- ويرى الفيلسوف الشاعر الألماني (شيلر) أن مهمة الفن هي القضاء على حالة الاغتراب (26).
4- ويرى (هيغل) أن مهمة الفن هي تلطيف الهمجية (27)، أي تهذيب الأخلاق.
5- ويذهب الفيلسوف الوجودي (هيدجر) أن مهمة الفن هي الكشف عن حقيقة الموجود (28)، أي حل المعضلة الوجودية القائمة عنده وعند غيره من الملاحدة الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر ولا يدينون دين الحق .
6- ويرى الفيلسوف الوجودي (كامي) أن مهمة الفن البحث في نظام الطبيعة عن مبرر وجود الإنسان، وأن مهمة الفن - أيضا - هي أن يتعلم الإنسان كيف يتمرد على العالم !! (29) .
7- ويرى الفيلسوف الشيوعي (لوكاتش) أن مهمة الفن حل مشكلة التناقض القائمة في النظرية الشيوعية (30) .
8- ويرى (تولستوي) الروائي الشيوعي أن مهمة الفنان هي توصيل عواطفه إلى الآخرين بطريقة شعورية إرادية مستعملا في ذلك بعض العلامات الخارجية (31).
9- ويرى (رودان) المثّال الفرنسي أن الفن هو: مظهر نشاط الفكر الذي يحاول أن يتفهم العالم وأن يعيننا بدورنا أن نفهمه (32).
10- وجاء في المعجم المفصل تحديد المقصد من الفن بأنه (33): "إكفاء نزعة روحية إلى التسامي الإنساني والإبداع الجمالي".
11- ويرى حسن بن محمد حسن صاحب كتاب "الأصول الجمالية للفن الحديث" أن مهمة الفنان هي محاولة ابتكار الأشكال الممتعة وإمتاع الغير (34) .
12- ويرى المفكر الإسلامي محمد قطب أن الفن في أشكاله المختلفة هو محاولة البشر لتصوير الإيقاع الذي يتلقونه في حسهم من حقائق الوجود، أو من تصورهم لحقائق الوجود في صورة جميلة مؤثرة (35).
13- ويحدد محمد شمس الدين صدقي مهمة الفن من وجهة نظرته الإسلامية بأنها " نقل وإيصال أسمى وأفضل القيم والأفكار والمشاعر إلى الآخرين بأسلوب جميل مؤثر بحيث يوفر عنصر المنفعة إضافة إلى التأثير في السلوك" (36) .
المطلب الخامس: مقاصد الفن بالنظر إلى واقع أهله
بالنظر إلى واقع الفنون وممارستها المتنوعة يتضح أنها تهدف إلى مقاصد وغايات كثيرة ومتنوعة، ولا يمكن الإحاطة بتفصيلها وبيانها إلا في كتابات مطولة ومتخصصة.
ولكني أجمل ذكرها والتنبيه إلى المهم منها في ستة مقاصد رئيسة تتفرع عنها غيرها من المقاصد، وهي المقاصد الفكرية والتعبدية والسياسية والتعليمية والخلقية والاقتصادية.
أولاً: المقاصد الفكرية
عند التأمل في حقيقة الفن وغايته نجد أن "كلّ الفن المعاصر فيما نسميه بالفن الحديث كله من تصوير ومسرح وموسيقى وأدب إنما يقوم كله على أساس فكري (37) "، وليست هذه الفنون بأنواعها المختلفة إلا "مجرد غلاف الفكر، أو هي عبارة عن الطبقة السكرية التي تغري المرء على تناول ما فيها " (38).
وبيان ذلك -من واقع الفن- مما لا يمكن استقصاؤه والإلمام به إلا في كتابات مطولة جدا، ولكني أشير إلى أهم ما يبيّن العلاقة بين الفكر كغاية والفن كوسيلة في الأمور التالية:
1- استخدمت الفنون جميعا في العصر الحديث في خدمة المذاهب الفكرية المعاصرة والترويج لها، بل أساس ومنطلق الفنون اليوم هو الفكر، يقول توفيق الحكيم - وهو أحد كبار رواد المسرح العربي -: "كلّ الفن المعاصر فيما نسميه بالفن الحديث كله من تصوير ومسرح وموسيقى وأدب إنما يقوم كله على أساس فكري " (39) .
ونجد أن الفكر المسيطر على واقع كثير من الفنون اليوم والقائم على توجيهها هو الفكر الغربي القائم على فلسفات التحلل والمادية والإباحية تحت ستار "علمانية الفكر" و "حرية الفن" .
2- استخدمت جميع الفنون في خدمة الفكر والترويج له في العصر الحديث وما قبله من العصور، وأُجمل بيان ذلك في الآتي:
أولاً: الشعر
يُعد الشعر أكثر الفنون انتشارا بين الأمم والشعوب، وأكثرها استخداما في خدمة الفكر والترويج له، فإنه لم تُعرف فكرة ظهرت وانتشرت بين الناس إلا وقد استخدم الشعر في الترويج لها -إلا ما ندر- حتى أنصار نظرية "الفن للفن" الذين ينزهون الفن عن أن يُستخدم لفكرة معينة فإنهم استخدموا الفن في تأييد مذهبهم "الفن للفن" القائم على فكرة حرية الفنان المطلقة (40) .
ثانياً: الغناء
الشعر مادة الغناء التي تُستمد منه معانيه فكان استخدامه نظير استخدام الشعر في خدمة الأفكار والمذاهب المختلفة، غير أن أكثر المذاهب الفكرية التصاقا بالغناء هو الفكر الوجودي القائم على الإباحية واقتناص اللذائذ .
ومن الأمثلة على تطويع الغناء في خدمة الفكر من واقع الغناء العربي الحديث ما يأتي:
1- نشيد " على باب مصر " كلمات كامل الشناوي، وغناء أم كلثوم وفيه (41):
" فمن عصر مينا إلى عصر عمرو***ومن عصر عمرو لعصر جمال"
و" بقوميتي واشتراكيتي***بنبض العروبة في أمتي"
يتضمن ذلك الدعوة إلى الفكر القومي الوطني الاشتراكي وتمجيده. يقول الشيخ ابن باز في رسالته (نقد القومية) (42): " هؤلاء الدعاة اليوم الذين يدعون إلى أنواع من الباطل كالقومية العربية، والاشتراكية، والرأسمالية الغاشمة، وإلى الخلاعة، والحريّة المُطلقة وأنواع الفساد كلهم دعاة على أبواب جهنم، سواء علموا أم لم يعلموا، من أجابهم إلى باطلهم قذفوه إلى جهنم".
1- وفي "رسالة" تأليف نزار قباني، وغناء أم كلثوم، تقول أو يقول (43):
" الزرع في الغيطان، والأولاد في البلد، ومولد النبي، والمآذن الزرقاء، والأجراس في يوم الأحد..." يبدو منها - عند الكثير- الإشارة إلى الفكر الماسوني الذي يتضمن وحدة الأديان.
2- وفي قصيدة " نهج البردة "و" ولد الهدى " (44) كلاهما من شعر أحمد شوقي وغناء أم كلثوم يبدو جليا الفكر الصوفي القائم على الغلو في ذات النبي صلى الله عليه وسلم وخطابه صلى الله عليه وسلم بما لا يليق إلا بالله تعالى ومنه في آخر قصيدته "ولد الهدى":
" ما جئت بابك مادحاً بل داعيا***ومن المديح تضرع ودعاء
أدعوك عن قومي الضعاف لأزمة***في مثلها يلقى عليك رجاء "
1- في أغنية "بطل الثورة " كلمات حسان السيد، غناء محمد عبد الوهاب (45):
"والثورة خلقت حرية، مشيت بمبادئ قومية، هدمت تماثيل الرجعية، وانتقضت ثورة عربية، والحرية عايزة نضال، والقومية عايزة رجال، وأنت حبيبنا يا جمال، وأنت نصيرنا يا جمال".
تتضمن الدعوة الصريحة إلى الفكر الثوري القومي القائم على عقيدة الاشتراكية، ومبدأ الحرية، ومحاربة الدين، والقيم الخلقية باسم محاربة الرجعية .
2- غنّى محمد عبد الوهاب بعد مضي 81 سنة من عمره أغنية "من غير ليه" كتبها مرسي جميل عزيز، يقول في مطلعها:
" جينا الدنيا ما نعرف ليه***ولا رايحين فين ولا عايزين إيه
مشاوير مرسومة لخطاوينا***نمشيها في سكة ليالينا
من غير ليه من غير ليه "
وهي دعوة فجة، ويبدو فيها التبرم بالأقدار، بل يُشتم منها الفكر الملحد القائم على التكذيب بالله واليوم الآخر جملة وتفصيلا .
1- الدعوة إلى الفكر الإباحي الوجودي القائم على احتساب العيش الحاضر دون الماضي والمستقبل واقتناص اللذائذ، وكثير مما يُغنّي من هذا الباب، ومن الأبيات المشتهرة في الغناء الحديث رباعيات الخيام:
"لا تشغل البال بماضي الزمان***ولا بآت العيش قبل الأوان
واغنم من الحاضر لذّاته***فليس في طبع الليالي الأمان "
وغنّتها أم كلثوم وميادة الحناوي وغيرهما .
1- غنّى عبد الحليم حافظ أغنية بعنوان " قارئة الفنجان (46) " من كلمات نزار قباني، وهي مشتملة على الدعوة والإيمان بالفكر الخرافي القائم على التشاؤم، وادّعاء معرفة الغيب .
ثالثاً: المسرح
يُعد المسرح والتمثيل من أكبر الوسائل التي استخدمت في نشر الفكر، ومن الأمثلة على ذلك:
1- في العصور الأولى استخدم الإغريق واليونان التمثيل والمسرح - وهم أول من عرفه - في خدمة الفكر الوثني الإغريقي واليوناني .
2- وفي العصور الوسطى استخدمت الكنيسة النصرانية التمثيل في خدمة مبادئ الكنسية " أصدر مجمع نيقية الثاني عام 1787م بصفة رسمية قراره التالي " إن مادة المشاهد الدينية لا ينبغي أن تترك حرة تحت تصرف إبداع الفنانين، بل ينبغي أن تستمد من المبادئ التي وضعتها الكنيسة الكاثوليكية والتقليد الديني، فالفن وحده ملك الفنان، وأما تنظيمه وتنسيقه فهما ملك لرجال الدين " (47) .
1- وفي العصر الحديث استخدم المسرح في:
أ- الدعوة إلى الفكر (اللاديني) الملحد بصورة ظاهرة وصريحة في الدول والمجتمعات المنتسبة إلى المذاهب الشيوعية .
ب- الدعوة إلى الفلسفات الغربية الحديثة القائمة على العلمانية كالواقعية والاشتراكية والرأسمالية والليبرالية، وقُسم المسرح الحديث على ذلك، فقيل: المسرح الواقعي، والاشتراكي، والرأسمالي، والليبرالي، وغير ذلك.
جـ - الدعوة إلى الفكر النصراني القائم على نشر عقيدة الصلب والخلاص والخطيئة، وتمثيل ذلك وغيره من عقائد النصارى عن طريق مؤسسات التنصير.
د - الدعوة إلى الفكر الوثني كتمثيل الآلهة وتجسيدها وتعددها أو تقديس القبور والأضرحة وتصوير عوالم الخرافة وتناسخ الأرواح .
هـ - الدعوة إلى فكر بعض الطوائف في تاريخ المسلمين كفكرة التصوف والإرجاء عن طريق التمثيل الكامل أو بعض مشاهده .
و - استخدم بعض المهتمين بالدعوة والعمل الإسلامي التمثيل في عرض التاريخ الإسلامي وبعض مبادئ الإسلام وقيمه، والترغيب في ذلك بصورة محدودة في الواقع .
رابعاً: التصوير
استعمل التصوير في خدمة الفكر من جهات عديدة، منها:
1- استخدمت الصورة للتعبير عن فكرة معينة كصورة المسيح والعذراء والصليب والصلب عند النصارى، وكتصوير الآلهة والأضرحة والأولياء عند الوثنيين والخرافيين.
2- استخدم التصوير (الرسم) في التنفير عن فكر معين، كالتنفير عن التدين بتصوير أهله بصورة قبيحة منفرة، مثل أن يُصور رجل ذو لحية طويلة معقدة على هيئة مخيفة توحي بهيئة الشيطان، أو تصور امرأة محجبة بصورة قبيحة كهيئة الخيمة وغير ذلك مما يوحي بالازدراء والتنفير (48) .
3- تقوم فنون التصوير (الرسم) الحديثة على مدارس لها علاقة بالمذاهب الفكرية الحديثة (49).
ثانيا: المقاصد التعبدية
يُعد المقصد التعبدي الديني من أهم مقاصد الفنون وممارستها خصوصا لدى الأمم الوثنية، وأجمل التنبيه إلى ذلك في الآتي:
1- يعيد كثير من الباحثين المهتمين بتاريخ الفن نشأة الفنون، وخصوصا الرسم والغناء والرقص وآلات العزف لغرض ديني تعبدي (50)، وذكروا من ذلك:
أ- إن الإنسان (البدائي) (*) كان يأوي إلى الكهوف والجبال لتحميه من غوائل الجو والوحوش ويغطي جدران كهوفه بالرسم الرائعة للحيوانات والبشر، وكانت هذه الرسوم عنده وسائل السحر للوقاية من أعدائه (51) .
ب- في المجتمع (البدائي) - بحسب تعبيرهم- كانوا يرقصون استرضاءً للآلهة وقوى الخير، ويجدون في الرقص الوسيلة لطرد الأرواح الشريرة (52) .
جـ - وكانوا – أيضا- يستخدمون الآلات الإيقاعية وآلات النقر التي تحدث ضجيجا ودويا للوقاية من الظواهر الطبيعية ولمطاردة الشر واستعجال الخير (53).
1- ونشأة التمثيل - أيضا- يعود لغرض ديني تعبدي وثني يوناني كما تدلنا على ذلك كلمة (تراجيديا) يقول عباس العقاد (54): "ففي مبدأ الأمر كان التمثيل اليوناني شعائر دينية تشمل على الرقص والغناء والمحاورة، ولا يزال اسم الذبيحة التي تقدم في أثناء القيام بهذه العشائر غالبا على اسم الرواية التمثيلية الأولى لان كلمة (تراجيدي) مأخوذة عن كلمة "تراقوس" (Trages) أي الجدي منذ كانوا يذبحون الجدي ويلبسون جلده في موسم إله الخمر(ديونيسيس) .
2- اعتبر المتصوفة - من فلاسفة ووثنيين ونصارى ومسلمين- أن الغناء والموسيقى والرقص وسيلة للرقي الروحي والسمو النفسي وغير ذلك من الأحوال التي تحدثها العبادة.
وقد اتخذ بعض متصوفة المسلمين ذلك من أنواع العبادات والطاعات المقربة إلى الله تعالى (55).
3- إن صناعة التصوير تعود في أصل نشأتها لغرض ديني عبادي، وهو تعظيم الصور وتقديسها وعبادتها كما هو حال القرون القديمة الوثنية كالإغريق واليونان والفراعنة، ومن قبلهم كقوم نوح وإبراهيم - عليهما السلام - ومن بعدهم من الأمم والمجتمعات الوثنية إلى وقتنا الحاضر.
ولا تزال بلاد العالم وميادينه الكبرى مليئة بالصور والتماثيل المعظمة ويتضح ذلك جلياً في بلاد الكفر ومن قلدها في ذلك من البلدان المسلمة، يقول الشيخ احمد شاكر (56) -رحمه الله-: "نصبت التماثيل وملئت بها البلاد - يقصد مصر- تكريما لذكرى من نسبت إليه وتعظيمه".
4- اعتبر الفنان الذي يقوم بخدمة الكنيسة أو المعبد برسم صورة (بوذا) أو المسيح، أو العذراء، أو غيرهم من الذوات المقدسة،أو تزويق مكان العبادة متعبدا ومتقربا بهذا العمل إلى الآلهة.
واعتبر البعض من المؤرخ المسلمين أن الفنان المسلم يتقرب إلى الله بتزويق المصحف وتحليته وزخرفة المسجد وتزيين المنبر والمحراب وبقية أجزاء المسجد (57) .
ثالثاً: المقاصد السياسية
تعد المقاصد السياسية من أهم مقاصد ممارسة الفنون، وأجمل بيان ذلك في التنبيه إلى:
أ- إن جميع الفنون الحديثة استخدمت في حقيقتها وغايتها الكبرى وسيلة إلى ملهاة الشعوب، وإشغالها عن التفكير في أمور الحكم والإصلاح والدين (58) .
ب- كشف كثير من الباحثين أن الفن - بجميع أنواعه- استغل كثيرا في غايات
(استعمارية) واستبدادية وكذا سياسية (59) وأجمل بيان ذلك في الآتي:
أولاً: الشعر والغناء
وقد استخدما في خدمة المصالح والأهداف السياسية مثل:
1- مدح بعض الزعماء السياسيين في العالم، وتأييد بعض المواقف.
2- حب الوطن والتضحية له وإثارة الحماسة على القتال في الحروب، ودفع عدوان المغتصبين.
3- نشر الغناء المنحل في بعض البلدان بقصد إشغال الشباب وتعطيل طاقاتهم وصرفها إلى توافه الأمور (60).
ثانياً: المسرح
اعتبر المسرح في العصر الحديث أداة الخداع والتضليل التي يسخر بها على الشعوب -خصوصا المسلمة- لتذلل إلى الأهداف التي ترسمها القوى المسيطرة عن طريق تغيير المفاهيم فمن ذلك:
1- دعت المبادئ الهدامة والحركات العالمية إلى أن يصبح الفن شيئاً مقدسا يتطلع إليه الناس، وتقدسه الشعوب بديلا عن تقديس الدين والإله القيوم (61) .
2- استخدمت السياسات العالمية الفنون، ومن أهمها: السينما والمسرح إلى ترويج فكرها وسياساتها إلى شعوبها والشعوب (المستعمرة) عسكريا وفكريا (62).
3- وعلى مستوى الواقع العربي دعت بعض الدول العربية ذات التوجه الاشتراكي إلى استخدام مختلف الفنون لخدمة المبادئ الاشتراكية والدعوة إليها وترويجها بين الشعوب (63) .
ثالثاً: الرقص
استغلت الحركات القومية الفنون بشتى أنواعها وخاصة فن الفولكلور في بث أفكارها والدعوة إلى حب الوطن والتضحية من أجل الجنس البشري الذي يسكن ذلك البلد، وأخذت كل دعوى قومية تنادي بالعودة إلى التراث ونقله إلى الواقع والارتباط بالماضي، ارتباطا وثيقا بكل ما في الماضي من أحداث وممارسات .
وبرزت في كل منطقة نزعة قومية تطالب بالرجوع إلى العرقية باسم الفنون والمحافظة على التراث، فظهرت في مصر الدعوة إلى الفن الفرعوني والمحافظة على آثار وفنون الأقباط، وأنشئ المتحف القبطي وظهرت النزعات الآشورية الفينيقية في بلاد الشام (64).
رابعا: التصوير
استعمل الرسم والتصوير أيضاً في الأهداف السياسية، فمن ذلك:
1- وضع التصاوير والتماثيل لبعض الشخصيات في كثير من بلدان العالم وميادينه؛ بما يفضي إلى تقديسهم وتعظيمهم (65).
2- تصوير الأعمال العسكرية، والمواقع الحربية وغير ذلك من وسائل تعلم فنون الحرب والقتال .
3- التعبير عن المواقف السياسية عن طريق الرسم الساخر(الكاريكاتوري) في الصحف.
جـ - استخدمت بعض الدول في العصر الحديث الفنون بمختلف أنواعها في المحافظة على قوميتها وكيانها عن طرق، من أهمها:
1- المسرح الهزلي (الكوميدي) الذي يقوم عل إهدار القيم الاجتماعية والاستخفاف بالثقافة وبالتالي تلهيهم عن واقع حياتهم عن طريق الفكاهة المفتعلة (66).
2- إحياء التراث الشعبي والفنون القومية وتشجيعها (67) .
د- دعت الدول ذات التوجه العلماني إلى أن تحل الفنون بدل الدين عن طريق الهيبة والقيمة الرفيعة للفن وتقديسه، وتسليط الأضواء على الفنان ورفع قيمته ودعوى أنه صاحب رسالة.. وبدعوى أن الفن يُخاطب الشعور والجمال ويُنمي الأذواق أما الدين فلا يُساير الواقع ولا يفي بمتطلبات العصر.. ودعوى أن الفن يقوم بتهذيب النفس وترقية الروح وعن طريقه يُمكن مُعالجة مختلف قضايا الشعوب، وهو سبيل الرقي والتقدم والسعادة إلى غير ذلك مما لا يمكن أن يقوم به إلا الدين الحق.
هـ - تعد الفنون في العصر الحديث من أهم الوسائل التي يتم بها ترسيخ التقارب بين الشعوب المختلفة وإزالة الفوارق الدينية والعرقية بينهم ونشر الثقافة العالمية القائمة على إلغاء بقية الثقافات، وذلك لما يحصل في الفنون من اندماج وتقارب فكري ونفسي وجسدي دون غيرها من الوسائل تقول د. سهير القلماوي: "إن شعوب الأرض لا يمكن أن تلتقي التقاء أحرّ وأعمق من التفافها حول الفنون الشعبية، إن الالتقاء حول العلم التقاء محكماً ولكنه لا يقرب ولا يوحّد؛ لأنه التقاء عقلي وقد تنجم عنه آثاره في الحياة اليومية ولكن هذه الآثار ما لم تترجم فنا لا يمكن أن تكون محل التقاء مقربا أو موحدا بين الشعوب (68) .
رابعاً: المقاصد النفسية والذوقية
1- تعتبر الفنون في جملتها عند عامة أهل الفن -حديثاً- هي المسئولة عن تهذيب النفس والسمو بها، وتربية الروح وتغذيتها بالمعارف والمعاني والمشاعر والترقي بالمجتمع في مدارج الكمال والحضارة وحل مشكلاته عن طريقها .
وقد روج لهذا الغربيون في العصر الحديث خصوصا بعد عصر النهضة ونبذهم لدين الكنيسة المحرف، وهم قد نقلوه عن فلاسفة اليونان والإغريق وغيرهم من الأمم التي لا ترجع في عقائدها وتراثها وتقاليدها إلى دين سماوي ويقلدهم في ذلك اليوم كثير من المسلمين المنتسبين إلى الفن.
2- استخدم الرقص والغناء والتصويت بالمزامير والطبول وإحداث الضجيج عند الشعوب القديمة كوسيلة يستعينون بها على طرد ما يعتقدون من الأرواح الشريرة المتسلطة على المريض (69).
3- تُعد الرقصات الشعبية تعبيرا مرحا في مناسبات مختلفة الغاية منها ادخال البهجة والسرور إلى نفوس الراقصين (70).
4- يُعد التمثيل والمسرح الوسيلة الأساسية لإرضاء رغبة قائمة عند الإنسان وهي التسلية عبر النظر إلى حوادث يجد فيها انعكاسا دراميا أو كوميديا، " قيل المتفرح لغة من المتفرج وهو التسلي بمشاهدة الشيء ليطرَح همّه" (71).
5- تهدف حفلات الزار إلى إزالة بعض الأمراض النفسية والعقلية التي يُصاب بها بعض الناس حيث تساعد أصوات الطبول وتمايل النسوة على حالة من الانهيار يعقبها غيبوبة للمريض تُشبَّه بتلك التي تحدثها الصدمات الكهربائية في علاج المريض النفسي (72) .
6- يُعتبر المقصد الرئيس من فن الموسيقى هو التعبير عن بعض المعاني والعواطف النفسية كالحزن والفرح والخوف والشهوة والحماس وإثارتها في نفوس السامعين .
وكلما برع (الموسيقار) في إتقان أداء العزف ازداد التأثير في نفوس السامعين، "كما حُكي عن الفارابي أنه حضر مجلسا حافلا لبعض الملوك أو الرؤساء فأخرج آلة صغيرة من داخل ثوبه وضرب عليها فضحكوا إلى أن خشي عليهم الهلاك، ثم غيّر الضرب فبكوا، ثم غيّره فناموا عن آخرهم فتركهم وذهب عنهم" (73) .
7- اعتبرت الفنون في جملتها، ومن أهمها: التصوير والغناء والموسيقى وسيلة لإثارة الانفعال في النفس وتحريك حاسة الجمال أو التعبير عما يجيش في النفس من مشاعر وأحاسيس.
خامساً: المقاصد التعليمية
استخدمت الفنون كوسائل تعليمية في مواطن كثيرة، من أهمها المواضع التالية:
أولاً: الشعر
عُد الشعر عند العرب الوسيلة القوية في نقل الأخبار وتدوين الأحداث فقيل عنه "ديوان العرب" كما استخدموه أيضا - بعد أن أكرمهم الله بالإسلام- في تدوين العلوم الشرعية وغيرها من العلوم النافعة.
ثانياً: الغناء والموسيقى
وقد استخدما في العصر الحديث كوسيلة مرغبة في التعليم خصوصا تعليم الأطفال واللغات الأجنبية، وكذلك تعليم بعض أنواع الرقص والرياضة والمشي العسكري.
ثالثاً: التمثيل
1- استخدم التمثيل في أصل نشأته عند اليونان لخدمة العقيدة الوثنية اليونانية وتبيينها وشرحها للجمهور، عن طريق تمثيل الآلهة ومخاطبتها بالغناء والشعر والرقص .
2- وكذلك استخدمت الكنيسة النصرانية - بعد التحريف والتعقيد ودخول الوثنية إليها - التمثيل لبيان عقيدة التثليث والصلب والخلاص وغير ذلك من عقائد النصارى، بسبب غموض مضامينها وصعوبة فهمها.
3- وفي العصر الحديث اُستخدم المسرح والتمثيل في خدمة الفكر والمذاهب المعاصرة وقد عبر عن ذلك الفيلسوف الاجتماعي (كارل هانز) بقوله (74): "نحن لا نُريد مسرحا بل منبراً "مُشيرا إلى أن رسالة المسرح هي التعليم.
رابعاً: الرقص
استخدمت بعض أنواع الرقص الرياضية لتعليم فنون القتال والحرب والتدريب عليها منذ العصور المتقدمة (75) .
خامساً: التصوير
يُعد التصوير بسبب تطوره في العصر الحديث من أكثر وسائل المعرفة والتعليم، خصوصا في تقريب وبيان بعض العلوم كعلوم الفلك والطب والعلوم المهنية والعسكرية وغيرها من العلوم التي يُحتاج في معرفتها إليه.
سادساً: المقاصد الخلقية
تُعد الفنون المعاصرة في جملتها من غناء وموسيقى ورقص وتمثيل وتصوير من أعظم الوسائل التي يتم بها إفساد الخلق وزعزعة كيان الفضيلة، وذلك بالنظر إلى واقع أهل الفنون المتحللة وممارستهم المشاهدة أو آثارها السيئة .
وبيان ذلك وشرحه مما لا تطول الإحاطة به، وأكتفي بالإشارة إلى ما يبين ذلك في مختلف الفنون بالآتي:
أولاً: الشعر
يقسم الشعر بالنسبة إلى مقاصده الخلقية إلى قسمين:
الأول: الشعر الملتزم بالآداب الشرعية والمبادئ الخلقية، ويُعد هذا النوع من الشعر من الوسائل التي تدعو إلى الالتزام بالخلق والفضيلة والتحذير من الرذيلة ... كما يُعد صاحبه ملتزما فيما يقول بالآداب الدينية والقيم الخلقية والأعراف الاجتماعية المحمودة.
الثاني: الشعر غير الملتزم بالآداب والمبادئ الخلقية .. ويُعد أصحاب هذه النظرية أنفسهم غير ملتزمين بما يقولون من جهة موافقته للمبادئ الدينية والقيم الخلقية .. وغير ملتزمين بأي قيمة اجتماعية أو واجب جماعي .
وقد شارك هذا النوع من الشعر في عصرنا الحاضر في الدعوة إلى زعزعة كيان الخلق وهدم أركانه، ولاسيما فيما يُسمى بالشعر الحديث أو شعر الحداثة (*) القائم على الفلسفات المتحللة والثورة على جميع القيم: الخلقية والدينية والاجتماعية، يقول الأستاذ أنور الجندي (76): " الدعوة إلى الحداثة ليست دعوة مرحلية من دعوات التغريب في مجال الأدب، وإنما هي شيء أكبر من ذلك: إنها ثورة على الثوابت الإسلامية الأساسية عن طريق خافت الضوء هو (الشعر) .
"وهي تقصد أساسا إلى محاربة القيم الإسلامية وإزاحة فكرة الأصول الثابتة بهدف تغليب طوابع التطور المطلق والتغيير المتوالي الذي لا يعترف أساسا بالضوابط والحدود والذي يرقى إلى فتح الطريق أمام حرية الإباحة (77) " .
ثانياً: الغناء والمعازف .
يُعد كثير من أهل الإصلاح الديني والاجتماعي وعلماء النفس البشرية أن الغناء والمعازف في ممارساتها المخلّة من أعظم الوسائل المحرضة على الفواحش، وما يسبق ذلك من هتك معاني الحياء والخلق والاحتشام ... ونجد أن واقع غالب فن الغناء العربي اليوم كذلك، يقول الأستاذ محمد بن أحمد باشميل (78): " وأغاني الرجال في هذا العصر ونسائه كلها فجور ومفاسد، لما يترتب عليها - إلا في النادر - من نتائجٍ هي في منتهى القذارة والانحطاط، فالرجال (كعبد الحليم حافظ المايع، وفريد الأطرش الصايع) يُفسدون أخلاق النساء ويهيجون غرائزهم المجنونة، وخاصة العذارى والمراهقات، بما يتغنون به من أغاني الجنس المثيرة، وتأوهات الشهوة المحمومة، مما يحرضهن على الانحراف، ويسرع بهن إلى الانزلاق، لرقة عواطفهن وسرعة استجابتهن .
والمغنيات من النساء(كصباح وفائزة، وحتى أم كلثومهم وكوكب شرقهم) يدمرون أخلاق الشباب ويلقحن نفوسهم بالدعة والخور والاستسلام والكسل، بما يطربنهم به من أغاني الحب والغرام والصد والوصال، ويوجهنه إليهم، ومن بداءات شهوانية حارقة وحكايات جنسية فاضحة وتأوهات وجودية داعرة، مما لا يستطيع إنكاره كل من قاده الشيطان إلى الاستماع إلى هؤلاء المغنين والمغنيات" .
وأكتفي في التمثيل على ذلك بذكر نموذجين فقط ينبئان عن غيرهما وهما:
1- غنى عبد الحليم حافظ أكثر من 350 أغنية، شارك بالكثير منها – كما يراه كثير من المُحللين للحوادث - في الانحدار بكثير من الشباب وترديهم إلى هاوية الفسق والفجور والفواحش .
2- تدور كثير من الأغاني اليوم على معاني الحب والغرام والوصل والصد وإثارة الغرائز وتهييج الشهوات، بل وعلى مبدأ الفلسفات الوجودية والإباحية والتحلل، بل وعلى تأليه المحبوب وتقديس الحب وتعظيمه وجعله الغاية من الخلق والوجود .
ولبيان ذلك وتوضيحه من واقع أهل الفن أذكر نماذج من واقع مغنية واحدة، تُعد مثلا يقتدي به (الوسط الفني)، وهي أم كلثوم بنت إبراهيم السيد تقول وتغني:
1- "الخلاعة والدلاعة مذهبي، من زمان أهوى صفاها والنبي"، "هاتوا الكؤوس صبوا الخمور وداعبوا بنت الخدور" (79).
2- " وغداً نسموا فلا نعرف للغيب محلاً، وغداً للحاضر الزاهر نحيا ليس إلا "، " واللي شفته قبل ما تشوفك عيني، عمر ضايع يحسبوه إزاي عليّ " و" وتسوى إيه الدنيا وأنت مش معايا، هي تبقى الدنيا دنيا إلا بيك "و" دي الحياة من غير لقانا مش حياة " (80) .
3- "حبيبي دانا مخلوق عشانك، يا دوب عشانك .. عشانك انت" (81) .
ثالثاً: التمثيل
اعتبر كثير من أهل الإصلاح الديني والخلقي وعلماء النفس البشرية التمثيل غير الملتزم بالآداب الشرعية والقيود الخلقية من أقوى الوسائل التي يتم بواسطتها تغيير المبادئ الخلقية، واستبدالها بالقيم الفاسدة وتعليم فنون كثيرة من الشر .. وذكروا من ذلك:
1- "في التمثيل يشاهد الرجال النساء الفاجرات الجميلات وطرق المغازلة والتعاشق والحب وكيفية ذلك مفصلة (82)" .
2- " كما يشاهد النساء كيف يصنع العاشق بعشيقته، وكيف يخضع لها ويتواضع ويتفانى في حبها، وكيف يجالسها ويخاطبها ويضمها ويقبلها ويكاتبها وتكاتبه، فتخرج المرأة من ذلك وهي متشوقة إلى ذلك راغبة فيه باحثة عمن يعشقها ويفعل بها كما رأته من الممثل مع عشيقته (83)".
3- "وكذلك يشاهدون طرق النصب والاحتيال والسرقة والقتل والغدر وغير ذلك؛ فتتشوق نفوسهم إلى استعماله وتجربته و تطبيق العلم على العمل" (84).
4- يقوم التمثيل الكوميدي على إهدار القيم الاجتماعية والخلقية والاستخفاف بالثقافة عن طريق الفكاهة المفتعلة.. وبذلك يصبح المجتمع صدى لمجتمعات العبث و(واللامعقول) وغيرها من فنون الانهيار الفكري والتصدع الاجتماعي والخلقي (85).
5- في التمثيل غير الملتزم بالآداب الشرعية الخلقية استبدلت القيم الحميدة كالرحمة والعطف وبر الوالدين والتكافل الاجتماعي والالتزام بالمسؤوليات إلى ضدها.
رابعاً: الرقص
يُعد الرقص من الوسائل المباشرة لإثارة الغريزة وتهييج الشهوة، ولا يُعد في غالب صوره إلا أن يكون كما جاء وصفه في إحدى المجلات الفنية: " ما هو إلا نتاج أوضاع، وتتابع حركات يلتوي الجسم فيها تارة وينعطف أخرى، يرمي بذلك إلى غرض واحد هو استثارة كوامن الشوق إلى الملاذ الشهوانية " (86) .
خامساً: التصوير
1- تقوم كثير من ممارسة الفنون المختلفة من غناء وتمثيل ورقص عن طريق الصور المتهتكة المتحررة من القيود الدينية والخلقية والاجتماعية بما يستهدف زعزعة الحياء والخلق والفضيلة في المجتمعات المسلمة، يقول الدكتور محمد بن محمد حسين (87): "ومع كل هذه الأدواء التي تفتك بأجسام الناس، كانت هناك أدواء أخرى تفتك بعقولهم، وتلوث كل الغذاء الثقافي الذي تتناوله الأجيال الناشئة، فانتشرت الصور العارية في المجلات.. تعرض الأوضاع المثيرة المغرية باسم الفن، فتارة هي من معرض رسام أو مثّال، وتارة هي صورة لممثلة أو راقصة مما يُسمى " نجوم " المسرح أو السينما في هذا البلد أو ذاك .. وتارة هي إعلان عن قصة في إحدى دور الخيالة أو لون من ألوان البضائع، إلى آخر هذه الأعذار والذرائع التي لا تنفذ و لا تبلى، وتجاوز هذا الداء المجلات إلى أشرطة الخيالة، ثم اقتحم المعاهد الحكومية ".
ثم قال: "هل يمكن أن يكون ذلك كله إلا صوراً متعددة لمكيدة واحدة تأتمر بالقيم الأخلاقية، وتستهدف تدمير كيان الشبان الذي يتكون منه الجيل! (88)".
1- قامت فنون الرسم الحديث في بعض البلدان المسلمة على مبادئ الإباحية المحضة التي تدعو إلى تقديس جسد المرأة واعتبار الحياء والحشمة والخلق والفضيلة نوعاً من الرياء .. والعري والفجور نوعاً من السمو النفسي والرقي الروحي، تقليدا للأمم الغربية الجاهلية المنتكسة (89) .
وقام على هذا المبدأ ما يُسمى "معاهد الفنون الجميلة " في بعض البلدان المسلمة، وهي تقوم على استباحة الصور وهي في غاية القبح الديني والعقلي والذوقي، يقول الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- (90):"صنعت الدولة وهي تزعم أنها إسلامية في أمة إسلامية، ما سمته مدرسة الفنون الجميلة أو كلية الفنون الجميلة.
صنعت معهداً للفجور الكامل الواضح، ويكفي للدلالة على ذلك أن يدخله الشباب الماجنون من الذكور والإناث إباحيين مختلطين، لا يردعهم دين ولا عفاف ولا غيرة، يصورون فيه الفواجر من الفاتنات اللاتي لا يستحين أن يقفن عرايا ويجلسن عرايا ويضطجعن عرايا على كل وضع من الأوضاع الفاجرة، يظهرن مفاتن الجسد وخفايا الأنوثة لا يسترهن شيء ولا يمنعهن شيء!! ثم يقولون: هذا فن!! لعنهم الله، ولعن من رضي هذا منهم، أو سكت عليه، وإنا لله وإنا إليه راجعون".
سابعاً: المقصد المالي الاقتصادي
تعتبر المادة والمال هدفاً مُقدماً لمن يمارسون الفن، ولهذا اعتبروه أداة ووسيلة تدر الربح دون النظر إلى فساد العمل أو صلاحه و ما يترتب عليه من فساد ديني أو خلقي أو اجتماعي أو سياسي أو غير ذلك، يقول نعمان عاشور-أستاذ المسرح العربي-: "إن موجات الجنس والجريمة والعنف تطغى على أفلامنا السينمائية، والمساخر الفكاهية الهزلية التي تسيطر على النشاط المسرحي والمسلسلات العقيمة المتفشية في التلفزيون، وهذا الهذر السخيف الذي تفيض به فقرات البرامج الثقافية، ناهيكم عن الكتابات الفارغة الفجة التي تملأ صفحات الكتب والمجلات، إنما يخلقها دائما الانهيار الفني والتردي الأدبي وهبوط المستوى الثقافي، وكل ذلك منبعث عن مصدر واحد هو "اعتبار الفن مجرد أداة من أدوات التسلية والترفيه التي يصلح بيعها كسلعة تدر الربح (91) ".
وقد أصبحت الفنون بأنواعها المختلفة من غناء، وموسيقى، ورقص، وتمثيل، وتصوير مهناً وأعمالاً يتسابق إلى احترافها الكثير من الناس.
وساعد على ترويج الفن واحترافه في عصرنا أمور هي:
1- وجود المدارس والمعاهد والكليات المتخصصة في تعليمه ومنح الدرجات العلمية في إتقانه.
2- وجود المؤسسات المعنية بعرضه كالمسارح والمراقص والمعارض التي يتم عرضه فيها.
3- خدمة وسائل الاتصال الحديثة للفن وأهله .
4- الدعم الكبير الذي يتلقاه الفنان وإضفاء الهيبة والقيمة لعمله وجعله صاحب رسالة مهمة وعمل مُفيد لمجتمعه .
5- ارتفاع مستوى الدخل الذي يتلقاه الفنان بالنسبة إلى غيره ممن يعمل أكثر وأشق من عمله في كثير من البلدان، فمثلا الفنان الذي يرقص ويطبل يتقاضى من الأجر المادي والتكريم - عند أولئك- أكثر من المهندس الذي يعمل ويخطط أو الطبيب أو أهل المهن المضنية وغيرهم .
____________
(1) انظر الصحاح 6/2177 ، لسان العرب 6/3475 .3476 .
(2) انظر لسان العرب 6/3476 .
(3) أي نفس المكان .
(4) معجم متن اللغة 4/457 بتصرف .
(5) انظر القاموس 1577 ، لسان العرب 6/3476 .
(6 ) انظر المعجم المفصل 956 .
(7) المعجم المفصل 956 .
( نفس المكان .
(9) الأصول الجمالية 145ـ 146 .
(10) انظر المعجم المفصل 957 ، الأصول الجمالية 146.
(11) فلسفة الجمال والابداع الفني 162 ـ 163 بتصرف .
(12) انظر نفس المصدر 166ـ 173.
(13) انظر مقدمة علم الجمال 152 .
(14) انظر فلسفة الجمال 42 .
(15) دراسات في عالم الجمال 101 ، 103 بتصرف .
(*) ومن هنا قالوا عنها الفنون الجميلة ، أي اللذيذة للنفس لا الجمال الشرعي ولا حتى العقلي .
(16 ) انظر الأصول الجمالية 145 ، 167 .
(17) نفس المصدر 168 .
(18) انظر نفس المصدر 32 ، 167 ، 168 .
(19) انظر المعجم الأدبي 197 .
(20) فلسفة الفن في الفكر المعاصر 385 .
(21) المعجم الأدبي 197 .
(22) فلسفة الفن في الفكر المعاصر 400 .
(23) انظر الأصول الجمالية 32 ، 176 وما بعدها .
(24) انظر فلسفة الفن 334 .
(25) انظر فلسفة الفن 318 .
(26) انظر دراسات في علم الجمال 114 .
(27) انظر المدخل إلى علم الجمال 47 ـ 48 .
(28) انظر فلسفة الفن 269 .
(29) انظر فلسفة الفن 226 .
(30) انظر دراسات في علم الجمال 76 .
(31) انظر مشكلة الفن 16 .
(32) انظر مشكلة الفن 19 .
(33) المعجم المفصل 2/958 .
(34) انظر الأصول الجمالية 148 .
(35) انظر منهج الفن الإسلامي 11 .
(36) الفن الاسلامي36 .
(37) مجلة المسرح ، السنة الأولى ، مايو 1964 ( جلسة مع توفيق الحكيم) 9 .
(38) مجلة المسرح ، السنة الأولى ، يوليو 1964 ، 73 بتصرف .
(39) مجلة المسرح ، السنة الأولى ، مايو 1964 ( جلسة مع توفيق الحكيم) 9 .
(40) انظر المعجم الادبي 197 .
(41) انظر حياة واغاني كوكب الشرق 25 ، 26 .
(42) ص 34 .
(43) انظر نفس المصدر 103 .
(44) انظر نفس المصدر 72 ، 77 .
(45) محمد عبد الوهاب 66 .
(46) عبد الحليم حافظ 1/27 .
(47) الفن خبرة 552 .
(48) انظر الصحافة والأقلام المسموعة 231 .
(49) انظر المعجم المفصل 1/241 ، 355 ، 393 ، 420، 450، 2/1126 .
(50) انظر فلسفة الجمال والإبداع الفني 164 .
(*) الأصل في بني آدم هو التوحيد ، والعبادة الشرعية ، ثم طرأ الشرك والعبادة الوثنية ، وهذا مُتفق عليه بين الأديان وأهل الثقة من نقلة التاريخ. والشرك الذي هو نقيض التوحيد حقيقتة واحدة ، وهي عبادة غير الله تعالى ، وصوره متنوعة وكثيرة لدى الأمم الجاهلية والوثنية بحسب ما يحدثه كل قوم وما يلحقون به من العبادات الوثنية ، ومن ضمن هذه العبادات الشركية المحدثة القيام بحركات موزونة – هي بمثابة صلاة المسلم لربه –تقرباً إلى الآلهة ، وهذه هي حقيقة الرقص الوثني .
(51) انظ
الموضوع الأصلي :
ضوع: مقاصد الفن في العصر الحديث الكاتب :
عبد النورالمصدر :
منتديات طموح الجزائر