صفحة سوداء .. طويت
د. لطفي زغلول
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]توقيع اتفاقية المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، والوحدة الوطنية في القاهرة برعاية مصرية، لم تعد أمنية، لم تعد مستحيلة، لم تعد ترخي سدول الإحباط واليأس والتمزق على الشعب الفلسطيني الذي شهد في الرابع من أيار/مايو من العام 2011 هذا التوقيع على إنهاء حالة الإنقسام التي كابدها أبناء الوطن الواحد على مدار أربع سنوات عجاف من عمر القضية الفلسطينية.
إنها صفحة سوداء قد طويت. إن أيدي الشعب الفلسطيني مرفوعة إلى السماء، تدعو الله العلي القدير أن يديم عليه نعمة وحدة الصف والموقف، وأن تكون المساعي جادة لرأب الصدع الخطير الذي أحدثه الإنقسام البغيض، وأن تتبعه خطوات ملموسة تؤسس لهذه المصالحة الوطنية.
لم يعد خافيا على أحد أن الرابح الأول جراء هذا الإنقسام تمثل في أعداء الشعب الفلسطيني، وأعداء قضيته المشروعة، وهم كثر، وقد هيأ لهم هذا الإنقسام تربة خصيبة لتحقيق مشروعاتهم وبخاصة الإستيطانية والتهويدية وغيرها من المشروعات السياسية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، سواء في مخططات سياساتها الخارجية، أو في منظمة الأمم المتحدة. وها هي إسرائيل على لسان رئيس حكومتها تعتبر المصالحة انتصارا للإرهاب، وضربة لما تسميه" السلام".
عودة إلى المصالحة الفلسطينية. إن ما عاناه الشعب الفلسطيني من انقسام كان أمرا طارئا عابرا. عند هذه الحقيقة، لسنا بحاجة أن نذكر أن الشعب الفلسطيني واحد لا يتجزأ، سواء كان يقيم في الوطن بجناحيه الضفة والقطاع، أو ذلك المهجر عن وطنه التاريخي في الشتات والمنافي. إنه شعب واحد، إنها قضية واحدة تأبى أن تتجزأ أو أن تقسم إلى قضايا.
هكذا هو الشعب الفلسطيني. يفترض أنه شعب واحد، وهكذا هي قضيتة. يفترض أنها قضية واحدة، ونكبة واحدة. هكذا فهمناها وعشناها وضحى المضحون من شهداء وأسرى وجرحى من أجلها، وبذلوا الغالي والنفيس فداء لها وعلى شرفها.
إن الحقيقة الأشمل والأعم التي أفرزتها حالة الإنقسام، تتمثل في أن غالبية الشعب الفلسطيني في الوطن المحتل، أو الشتات بريئة من هذا الإنقسام العبثي غير المبرر. لقد رفضه الشعب الفلسطيني رفضه للإحتلال الإسرائيلي، وشجبه وأدانه واستنكره. وهو بكل ما أوتي من قوة وعزيمة وإيمان بعدالة قضيته، رفض أن يستمر بعد هذا اليوم يوما واحدا.
لسنا هنا بحاجة إلى تكرار سؤال طالما طرحناه: من هو الرابح الأكبر من هذه القطيعة جراء هذا الإنقسام بين أكبر فصيلين فلسطينيين يشكلان مساحة شاسعة من واجهة المجتمع الفلسطيني المعاصر؟.
إننا في ذات السياق لا نأتي بجديد، فقد رددنا في كل مرة مشابهة إجابتنا، وبأعلى صوت إن القضية الفلسطينية وشعبها هما الخاسران الأوحدان، وإن كافة أعدائهما– وهم كثر- هم الرابحون دون أدنى شك في ذلك.
لدى استقراء تاريخ نضالات الشعوب ضد الإستعمار والإحتلال، يتبين لنا أن العناصر التي قادت هذه النضالات، كانت متآلفة متفقة فيما بينها على أسس مواجهة أعدائها، وكانت تتفيأ ظلال هدف واحد يتمثل في تحرير بلادها.
لا يعني هذا أنها كانت متجانسة في أفكارها، لكنها جمدتها على شرف التحرير والخلاص من العدو إلى ما بعد التحرير، لقد كانت هناك خلافات بينها في الرأي والمنظور، إلا أنها وحرصا منها على عدم شرذمة الصف المقاوم وإضعافه، جمدت خلافاتها واختلافاتها إلى ما بعد التحرر وإنهاء الإحتلال.
إن الشعب الفلسطيني يفترض أنه من الوعي بحيث أنه يدرك هذه الحقيقة ويعيـها تماما. وهو من الذكاء بحيث أنه على يقين أن المستفيد من خلافاته أيا كان شكلها وحجمها هم أعداؤه الذين يتربصون به، وهم له بالمرصاد، ويراهنون باستمرار على شق صفوفه وانقسامه.
تذكيرا، حتى الآن لم تراوح القضية الفلسطينية مكانها. إن النكبة الأولى التي فرضت عليه ما زالت تجر نكبات كارثية. ما زال الوطن كله محتلا، تشهد على احتلاله هذه الإجتياحات التي أصبحت مسلسلا يوميا. يشهد على ذلك هذه الموجات المسعورة من الإستيطان، وهذا المد التهويدي الذي يجتاح الوطن بعامة والقدس بخاصة.
إضافة إلى هذا الطرح وتأكيدا له، ما زالت الحواجز قائمة، والأطواق الأمنية والإغلاقات والحصارات، ومصادرة الأراضي ، والإعتقالات والإغتيالات وغيرها الكثير الكثير أصبحت سيناريو الحياة اليومية للشعب الفلسطيني، وهي الخبز المر الذي يقتات عليه شعب النكبة.
إلى جانب هذا وذاك، ما زال اللاجئون منفيين في الشتات والمخيمات. وما زالت الدولة الموعود بها الفلسطينيون خدعة الأطراف الدولية"أميركا والإتحاد الأوروبي"، وكذبتهم الكبرى. والحقيقة المرة التي لا ينبغي أن تغيب عن أذهان المخلصين والثابتين على مواقفهم أن القضية قد رجعت إلى مربعها الأول.
إن الجماهير الفلسطينية في الوطن الذي ما زال محتلا، وفي الشتات، كان يحزنها ويؤلمها ويحبطها ويخرجها عن جادة صوابها هذا الإنقسام الذي هو انحراف خطير عن مسار القضية الطبيعي.
إن هذه الجماهير على يقين أنه لم يكن هناك من مبرر على الإطلاق لهذا الإنقسام مهما كانت الظروف والدوافع. فلطالما ردد المخلصون للقضية والأمناء عليها إن الإنقسام الفلسطيني خط أحمر، لا ينبغي لأي فلسطيني كائنا من كان الإقتراب منه، أو اعتباره قدرا مكتوبا.
إن القضية الفلسطينية بكل مستحقاتها أصبحت في مهب رياح الأطماع والأهواء المعادية وتحديدا في هذه الآونة. لقد كانت الخلافات الفلسطينية الفلسطينية، وفي مقدمتها هذا الإنقسام، بمثابة هدية لأعداء الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، والذين يريدون أن يتخلصوا من تبعات القضية، ويتملصوا منها بفرض حل نهائي من منظورهم. وهنا تكمن الخطورة المتمثلة في تصفية القضية من جذورها. والأجواء كانت– لو استمر الإنقسام لا سمح الله– مهيأة ومواتية.
كلمة أخيرة. لقد آن الأوان للشعب الفلسطيني أن يبرهن مصداقية مقولته التي رددها على الدوام، والمتمثلة بحرمة هذا الإنشقاق والإنقسام، حفاظا على قضيته العادلة، وأرضه ومكانته بين الشعوب، وإنهاء الإحتلال الإسرائيلي الجاثم على أرضه، وقبل هذا وذاك احترامه لذاته.
إن الشعب الفلسطيني في الوطن المحتل، وفي الشتات، ومعه الأمة العربية تواقون جميعا إلى ترجمة بنود اتفاق المصالحة إلى حقائق على أرض الواقع، وهم يتمنون على الله عزت قدرته أن تكون صفحة الإنقسام السوداء قد طويت إلى الأبد، وأنها أصبحت من الماضي. وإن غدا لناظره قريب.
صفحة سوداء .. طويت
د. لطفي زغلول
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]توقيع اتفاقية المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، والوحدة الوطنية في القاهرة برعاية مصرية، لم تعد أمنية، لم تعد مستحيلة، لم تعد ترخي سدول الإحباط واليأس والتمزق على الشعب الفلسطيني الذي شهد في الرابع من أيار/مايو من العام 2011 هذا التوقيع على إنهاء حالة الإنقسام التي كابدها أبناء الوطن الواحد على مدار أربع سنوات عجاف من عمر القضية الفلسطينية.
إنها صفحة سوداء قد طويت. إن أيدي الشعب الفلسطيني مرفوعة إلى السماء، تدعو الله العلي القدير أن يديم عليه نعمة وحدة الصف والموقف، وأن تكون المساعي جادة لرأب الصدع الخطير الذي أحدثه الإنقسام البغيض، وأن تتبعه خطوات ملموسة تؤسس لهذه المصالحة الوطنية.
لم يعد خافيا على أحد أن الرابح الأول جراء هذا الإنقسام تمثل في أعداء الشعب الفلسطيني، وأعداء قضيته المشروعة، وهم كثر، وقد هيأ لهم هذا الإنقسام تربة خصيبة لتحقيق مشروعاتهم وبخاصة الإستيطانية والتهويدية وغيرها من المشروعات السياسية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، سواء في مخططات سياساتها الخارجية، أو في منظمة الأمم المتحدة. وها هي إسرائيل على لسان رئيس حكومتها تعتبر المصالحة انتصارا للإرهاب، وضربة لما تسميه" السلام".
عودة إلى المصالحة الفلسطينية. إن ما عاناه الشعب الفلسطيني من انقسام كان أمرا طارئا عابرا. عند هذه الحقيقة، لسنا بحاجة أن نذكر أن الشعب الفلسطيني واحد لا يتجزأ، سواء كان يقيم في الوطن بجناحيه الضفة والقطاع، أو ذلك المهجر عن وطنه التاريخي في الشتات والمنافي. إنه شعب واحد، إنها قضية واحدة تأبى أن تتجزأ أو أن تقسم إلى قضايا.
هكذا هو الشعب الفلسطيني. يفترض أنه شعب واحد، وهكذا هي قضيتة. يفترض أنها قضية واحدة، ونكبة واحدة. هكذا فهمناها وعشناها وضحى المضحون من شهداء وأسرى وجرحى من أجلها، وبذلوا الغالي والنفيس فداء لها وعلى شرفها.
إن الحقيقة الأشمل والأعم التي أفرزتها حالة الإنقسام، تتمثل في أن غالبية الشعب الفلسطيني في الوطن المحتل، أو الشتات بريئة من هذا الإنقسام العبثي غير المبرر. لقد رفضه الشعب الفلسطيني رفضه للإحتلال الإسرائيلي، وشجبه وأدانه واستنكره. وهو بكل ما أوتي من قوة وعزيمة وإيمان بعدالة قضيته، رفض أن يستمر بعد هذا اليوم يوما واحدا.
لسنا هنا بحاجة إلى تكرار سؤال طالما طرحناه: من هو الرابح الأكبر من هذه القطيعة جراء هذا الإنقسام بين أكبر فصيلين فلسطينيين يشكلان مساحة شاسعة من واجهة المجتمع الفلسطيني المعاصر؟.
إننا في ذات السياق لا نأتي بجديد، فقد رددنا في كل مرة مشابهة إجابتنا، وبأعلى صوت إن القضية الفلسطينية وشعبها هما الخاسران الأوحدان، وإن كافة أعدائهما– وهم كثر- هم الرابحون دون أدنى شك في ذلك.
لدى استقراء تاريخ نضالات الشعوب ضد الإستعمار والإحتلال، يتبين لنا أن العناصر التي قادت هذه النضالات، كانت متآلفة متفقة فيما بينها على أسس مواجهة أعدائها، وكانت تتفيأ ظلال هدف واحد يتمثل في تحرير بلادها.
لا يعني هذا أنها كانت متجانسة في أفكارها، لكنها جمدتها على شرف التحرير والخلاص من العدو إلى ما بعد التحرير، لقد كانت هناك خلافات بينها في الرأي والمنظور، إلا أنها وحرصا منها على عدم شرذمة الصف المقاوم وإضعافه، جمدت خلافاتها واختلافاتها إلى ما بعد التحرر وإنهاء الإحتلال.
إن الشعب الفلسطيني يفترض أنه من الوعي بحيث أنه يدرك هذه الحقيقة ويعيـها تماما. وهو من الذكاء بحيث أنه على يقين أن المستفيد من خلافاته أيا كان شكلها وحجمها هم أعداؤه الذين يتربصون به، وهم له بالمرصاد، ويراهنون باستمرار على شق صفوفه وانقسامه.
تذكيرا، حتى الآن لم تراوح القضية الفلسطينية مكانها. إن النكبة الأولى التي فرضت عليه ما زالت تجر نكبات كارثية. ما زال الوطن كله محتلا، تشهد على احتلاله هذه الإجتياحات التي أصبحت مسلسلا يوميا. يشهد على ذلك هذه الموجات المسعورة من الإستيطان، وهذا المد التهويدي الذي يجتاح الوطن بعامة والقدس بخاصة.
إضافة إلى هذا الطرح وتأكيدا له، ما زالت الحواجز قائمة، والأطواق الأمنية والإغلاقات والحصارات، ومصادرة الأراضي ، والإعتقالات والإغتيالات وغيرها الكثير الكثير أصبحت سيناريو الحياة اليومية للشعب الفلسطيني، وهي الخبز المر الذي يقتات عليه شعب النكبة.
إلى جانب هذا وذاك، ما زال اللاجئون منفيين في الشتات والمخيمات. وما زالت الدولة الموعود بها الفلسطينيون خدعة الأطراف الدولية"أميركا والإتحاد الأوروبي"، وكذبتهم الكبرى. والحقيقة المرة التي لا ينبغي أن تغيب عن أذهان المخلصين والثابتين على مواقفهم أن القضية قد رجعت إلى مربعها الأول.
إن الجماهير الفلسطينية في الوطن الذي ما زال محتلا، وفي الشتات، كان يحزنها ويؤلمها ويحبطها ويخرجها عن جادة صوابها هذا الإنقسام الذي هو انحراف خطير عن مسار القضية الطبيعي.
إن هذه الجماهير على يقين أنه لم يكن هناك من مبرر على الإطلاق لهذا الإنقسام مهما كانت الظروف والدوافع. فلطالما ردد المخلصون للقضية والأمناء عليها إن الإنقسام الفلسطيني خط أحمر، لا ينبغي لأي فلسطيني كائنا من كان الإقتراب منه، أو اعتباره قدرا مكتوبا.
إن القضية الفلسطينية بكل مستحقاتها أصبحت في مهب رياح الأطماع والأهواء المعادية وتحديدا في هذه الآونة. لقد كانت الخلافات الفلسطينية الفلسطينية، وفي مقدمتها هذا الإنقسام، بمثابة هدية لأعداء الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، والذين يريدون أن يتخلصوا من تبعات القضية، ويتملصوا منها بفرض حل نهائي من منظورهم. وهنا تكمن الخطورة المتمثلة في تصفية القضية من جذورها. والأجواء كانت– لو استمر الإنقسام لا سمح الله– مهيأة ومواتية.
كلمة أخيرة. لقد آن الأوان للشعب الفلسطيني أن يبرهن مصداقية مقولته التي رددها على الدوام، والمتمثلة بحرمة هذا الإنشقاق والإنقسام، حفاظا على قضيته العادلة، وأرضه ومكانته بين الشعوب، وإنهاء الإحتلال الإسرائيلي الجاثم على أرضه، وقبل هذا وذاك احترامه لذاته.
إن الشعب الفلسطيني في الوطن المحتل، وفي الشتات، ومعه الأمة العربية تواقون جميعا إلى ترجمة بنود اتفاق المصالحة إلى حقائق على أرض الواقع، وهم يتمنون على الله عزت قدرته أن تكون صفحة الإنقسام السوداء قد طويت إلى الأبد، وأنها أصبحت من الماضي. وإن غدا لناظره قريب.