الذين كانوا – الفصل الاول – (البحث)
قدم
يعتقد البض منكم يا اخواني الكرام بعد نهاية القراءة ان الموضوع لا علاقة
له بعالم الفضاء... لكن انتظروا الفصول القادمة و سوف ترون انها فصول كاملة
تتعلق بالمخلوقات الفضائية
اخوكم سليم ناصر
فجأة
، فجرت الولايات المتحدة الأميركية قنبلتها الذرية الأولى ، في مدينة (
هيروشيما ) اليابانية ، لتثير الذعر فى العالم أجمع ، مع مولد ذلك السلاح
الجبار ، الرهيب ، الذي جعل مخاوف قرب فناء العالم تملأ العقول والقلوب ،
وتشعل نار الهلع في النفوس ..
ولأسابيع طويلة ، بعد أن وضعت الحرب
أوزارها ، عقب تفجير القنبلة الثانية في ( ناجازاكي ) ، لم يكن للعالم كله
حديث ، سوى عن انفجار ، عش الغراب العملاق الذى سحق ملايين البشر بضربة
واحدة ، وقفز بالولايات المتحدة الأميركية إلى قمة العالم ، و ..
وقبل حتى أن تهدأ العاصفة ، تفجرت قنبلة جديدة ..
وأيضًا من الولايات المتحدة الأميركية ..
ولكن تلك القنبلة الجديدة لم تكن ذرية ، أو نووية ، أو حتى هيدروجينية هذه المرة ، بل كانت قنبلة علمية محضة ..
قنبلة تمثلت في مقال من ست صفحات ، نشرته إحدى المجلات العلمية الجادة المحترمة ، وحمل توقيع واحد من أشهر العلماء في ذلك العصر ..
توقيع الدكتور ( موريس كاتشم جيسوب ) .
وقبل
أن نتحدث عما حواه مقال الدكتور ( جيسوب ) ، الذي قلب الأوساط العلمية
رأسًا على عقب ، وأشعل عقول المفكرين ، وبدأ نظرية علمية فريدة مدهشة ، لم
تحسم حتى هذه اللحظة ، لابد أن نلقي الضوء أولاً على الدكتور ( جيسوب )
نفسه ، وعقليته المدهشة .
وأول ما ينبغي أن تعرفه عنه ، هو أنه عالم ، وفلكي ، وفيزيائي فضائي وعالم رياضيات ، وباحث ، ومحاضر ، ومؤلف مرموق أيضًا ..
وعلى الرغم من أن ( جيسوب ) ليس من النوع الذي يسعى إلى الشهرة ، أو يهتم بها ، فقد نال حظًا وافرًا منها ، خلال حياته الحافلة .
ولقد
ولد ( موريس جيسوب ) في بلدة ( روكفيل ) ، بولاية ( إنديانا بولس ) ، في
العشرين من مارس ، عام 1900 م ، ومع عمر السابعة عشرة ، وقبيل أسابيع من
دخول ( أمريكا ) الحرب العالمية الأولى رسميًا ، تم استدعاؤه لأداء الخدمة
الوطنية الإجبارية ، ككل أقرانه ، ومع تخرجه من المدرسة العليا ، تم الحاقه
بصفوف الجيش الأميركي ، ليحصل فيه على رتبة ( سيرجنت ) .
والمدهش أن (
جيسوب ) ، على الرغم من عقليته العلمية المتألقة ، كان مقاتلاً من الطراز
الأول ، خلال فترة الحرب ، وكانت له بطولات بهرت زملاءه ، وخلبت ألباب
رؤسائه ، حتى تصور الجميع أنه سيواصل العمل في صفوف الجيش ، حتى يحمل على
كتفيه حتمًا رتبة ( جنرال ) ..
ولكن ( جيسوب ) خالف ظنون الجميع ..
وبعنف ..
فما
أن انتهت الحرب العالمية الأولى ، حتى ألقى ( جيسوب ) العسكرية والجندية
خلف ظهره ، دون أن يلتفت إليها لحظة واحدة ، وانطلق يسعى لاستكمال تعلميه ،
وللحصول على درجات علمية مناسبة ، تؤهله لتدريس علم الفلك والرياضيات ، في
واحدة من كليات الجامعة .
وكانت هذه معركة من نوع جديد ، حقق فيها (
جيسوب ) أيضًا انتصارًا مدهشًا ليحصل على درجته العلمية بتفوق ، أهله
بالفعل لتدريس علم الرياضيات والفلك في جامعة ( دريك ) في ولاية ( آيوا ) ،
وجامعة ( ميتشجن ) في ( آن آربور ) .
وفي أواخر عشرينات القرن العشرين ، راح ( جيسوب ) يستعد للحصول على درجة الدكتوراه ، من جامعة ( ميتشجن ) نفسها .
ولكن
فجأة ، وقبل أن يتم ما يسعى إليه ، لاحت له فرصة السفر إلى ( جنوب افريقيا
) ، حيث مرصد ( لامونت - هوس ) التابع لجامعة ( ميتشجن ) ، في (
بلوموفنتين ) ..
ولم يستطع ( جيسوب ) مقاومة هذا العرض أبدًا .
وبحزم لا مثيل له ، ترك فكرة الدكتوراه خلفه ، وحزم حقائبه ، وانطلق ليعمل على أكبر تليسكوب انكساري ، في نصف الكرة الجنوبي .
ويبدو
أن العبقرية لابد أن تتبدى في وضوح ، في أي مجال يقتحمه صاحبها ، فقد برع (
جيسوب ) في هذا المجال ، وانطلق يعمل في برنامج بحث رائع متكامل ، انتهى
به إلى كشف عدد من النجوم الفيزيائية المزدوجة ، والتي أثارت جدل العلماء
طويلاً ، قبل أن يتم الاعتراف بها علميًا ، وتتم فهرستها في كاتلوج خاص ،
أعدته جمعية الفلك الملكية في ( لندن ) .
وبدأت الأوساط العلمية تتحدث في شغف عن ( موريس جيسوب ) ، وعن عبقريته وكشوفه العلمية المدهشة .
وعاد
( جيسوب ) إلى الولايات المتحدة الأميركية ، لتستقبله شهرته الواسعة ،
التي لم يبال بها كعادته ، وإنما انشغل عنها باستغلال خبراته ، كقاعدة
لرسالة الدكتوراه ، التي قرر العودة إليها ، حول حقل الفيزياء الفلكية .
وفي العام 1933 م ، أكمل ( جيسوب ) عمله ، ونشره في واحدة من كبريات المجلات العلمية العالمية ، وبهر به الأوساط كلها كعادته .
ولكن المدهش أنه لم يتقدم به لنيل درجة الدكتوراه .. أبدًا .
كان
من الواضح أنه من ذلك الطراز النادر من العلماء ، الذي لا يبالي بالشهادات
الورقية ، بقدر ما يبالي بالانجازات العلمية ذاتها ، ولعل هذا ما دفع
الجميع إلى مناداته بلقب الدكتور ، من قبل حتى أن يحصل على الشهادة نفسها .
وفي
الوقت الذي تنازلت فيه الجامعة ، لدراسة ما أنجزه ، تمهيدًا لمنحه درجة
الدكتوراه ، فوجئ به الجميع يقبل وظيفة في وزارة الزراعة الأميركية ، التي
أوفدته مع فريق من العلماء إلى ( البرازيل ) ، لدراسة مصادر المطاط الخام ،
في منابع ( الأمازون ) ..
انتزعه الفضول العلمي كالمعتاد ، من الشهادة ،
والدكتوراه ، ليقضي عدة أعوام في الأدغال ، وليخرج ببحوث وكشوف علمية
جديدة ، بهرت الجميع ، وأثارت الجدل كالمعتاد .
ومع ذيوع صيته ، وانتشار
شهرته ، وسمعته ، اتصلت به حملة من حملات استكشاف الآثار ، وعرضت عليه على
استحياء الانضمام إليها ، في بعثة للبحث عن بقايا حضارة ( المايا ) ، في
أدغال أميركا الوسطى .
كان في هذه المرة أيضًا ، يستعد لنيل درجة
الدكتوراه ، وعلى الرغم من هذا ، فقد قبل عرض تلك الحملة ، وانطلق يحمل آلة
التصوير ، ويلتقط الصور في ( أميركا ) الوسطى ، لسنوات وسنوات ، اكتسب
خلالها خبرات مدهشة في هذا المجال ، ومعرفة واسعة بتلك الحضارات ، ذات
الطابع الخاص .
وبالطبع ، خرج من تلك الحملة بكشوف وأبحاث مدهشة ، تستحق
ألف درجة دكتوراه ، ولكنه ، وكما يفعل في كل مرة ، لم يحاول التقدم لأية
جهة ، مكتفيًا بنشرها ومناقشتها فحسب .
ويمكننا أن نقول : إن ( جيسوب )
قد انبهر بحضارة ( أميركا ) الوسطى ، وخاصة عندما توصل إلى بعض بقايا (
الأنكا ) وما قبلها من شعوب وحضارات ، وتوقف أمام معابدها الهائلة ، ذات
النقوش الدقيقة المدهشة ، والأشكال شديدة التميز والتعقيد .
ومن هناك ،
راح ( جيسوب ) يرسل مقالات ساخنة ، إلى عدد من المجلات العلمية ، وتلك
المهتمة بالآثار القديمة ، على نحو أثار انتباه واهتمام العامة قبل
المتخصصين ، فراح الكل يلهث خلف متابعاته ، ومفاجآته ، لولا أن اشتعلت
الحرب وأحداثها ، وجذبت الكل بلهيبها ، فانشغلوا عنه وعن أخباره .
وهو أيضًا توقف عن إرسال مقالاته ..
ولكن لسبب آخر ..
سبب مختلف تمامًا ..
فبخبراته في التصوير الفوتوغرافي للآثار ، راح ( جيسوب ) يلتقط عشرات الصور لمعابد وأحجار ( الأنكا ) ، ويظهرها ويطبعها بنفسه ، و ..
وفجأة ، توقف أمام صورة مقربة لبعض النقوش ..
صورة أوضحت تفاصيل أكثر ، بدقة أكثر ..
وطويلاً ، راح ( جيسوب ) يدرس الصورة ويراجعها ، ويفرك عينيه ألف مرة ومرة ، وهو يطالعها ، ويطالعها ، ويكذِّب عينيه مرة ، ومرة ..
بل مرات ..
وفي
الصباح التالي ، ومع أول ضوء شمس ، حمل ( جيسوب ) آلة التصوير الخاصة به ،
وعاد يلتقط عشرات الصور للمكان نفسه ، ثم عشرات أخرى لكل الأحجار والمعابد
المحيطة به .
وبرسالة عاجلة ، أرسل يطلب شحنة ضخمة من أفلام التصوير ،
على نحو أثار دهشة الجميع ، إلا أنهم أرسلوا ما طلبه ، دون أن يتصور مخلوق
واحد ، إلا أنه على أعتاب كشف علمي جديد .
وكانت هذه حقيقة .
لقد كشف
( جيسوب ) ، عن طريق صورة ، أمرًا غاية في الغموض والخطورة في نقوش معابد (
الأنكا ) وأحجارها الضخمة ، ذات النقوش العجيبة شديدة التعقيد .
ولأن (
جيسوب ) عالم بحق ، من قمة رأسه ، حتى أخمص قدميه ، فقد تردد كثيرًا ، وهو
يدرس الصور ألف مرة ، ويدرس الأماكن نفسها آلاف المرات ، قبل أن يحسم أمره
، ويجلس ليكتب مقاله الجديد ، بعد سبعة أشهر كاملة من الانقطاع ، دون أن
يعلم حتى أن الحرب قد انتهت ، في ( أوروبا ) و ( اليابان ) .
ووصل مقال ( جيسوب ) إلى المجلات العلمية الأميركية ، التي نشرته على الفور ، مع ما يحويه من صور ودلائل .
وكانت مفاجأة للجميع ..
مفاجأة مذهلة .
نهاية الفصل الأول .
الموضوع الأصلي :
الذين كانوا – الفصل الاول – (البحث) الكاتب :
المدير{ع~المعز}العامالمصدر :
منتديات طموح الجزائرالمدير{ع~المعز}العام : توقيع العضو
|