بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
مجموع فتاوى و رسائل - المجلد الثالث عشر | مكروهات الصلاة | محمد بن صالح العثيمين |
وسئل فضيلة الشيخ: إذا حضر العشاء والإنسان يشتهيه فهل له أن يبدأ به ولو خرج الوقت؟ فأجاب فضيلته بقوله: هذا محل
خلاف، فبعض العلماء يقول يؤخر الصلاة إذا انشغل قلبه بما حضر من طعام وشراب
أو غيره، ولو خرج الوقت.
ولكن أكثر أهل العلم يقولون:
إنه لا يعذر بحضور العشاء في تأخير الصلاة عن وقتها، وإنما يعذر بحضور
العشاء بالنسبة للجماعة يعني أن الإنسان يعذر بترك الجماعة إذا حضر العشاء
وتعلقت نفسه به فليأكل، ثم يذهب إلى المسجد فإن أدرك الجماعة وإلا فلا حرج
عليه.
ولكن يجب أن لا يتخذ ذلك عادة
بحيث لا يقدم عشاءه إلا وقت الصلاة؛ لأن هذا يعني أنه مصمم على ترك
الجماعة، لكن إذا حدث هذا على وجه المصادفة فإنه يعذر بترك الجماعة، ويأكل
حتى يشبع؛ لأنه إذا أكل لقمة أو لقمتين ربما يزداد تعلقاً به.
بخلاف الرجل المضطر إلى الطعام
إذا وجد طعاماً حراماً مثل الميتة، فهل نقول إذا لم تجد إلا الميتة وخفت
على نفسك الهلاك أو الضرر فكل من الميتة حتى تشبع؟ أو نقول كل بقدر
الضرورة؟ نقول له كل بقدر الضرورة. فإذا كان يكفيك لقمتان فلا تأكل
الثالثة.
وهل يلحق بالعشاء من الأشياء التي تشوش على الإنسان مثل البول والغائط والريح؟
الجواب: نعم يلحق به بل في
صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا صلاة بحضرة طعام ولا هو
يدافعه الأخبثان" (1) يعني البول والغائط ومثل ذلك الريح.
فالقاعدة أن كل ما أشغل
الإنسان عن حضور قلبه في الصلاة وتعلقت به نفسه إن كان مطلوباً، أو قلقت
منه إن كان مكروهاً فإن يتخلص منه قبل أن يدخل في الصلاة.
ونخلص من هذا إلى فائدة: وهي
أن لب الصلاة وروح الصلاة هو حضور القلب، ولذلك أمر النبي صلى الله عليه
وسلم بإزالة كل ما يحول دون ذلك قبل أن يدخل الإنسان في صلاته.
وإذا نظرنا إلى واقعنا اليوم
وجدنا أن الوساوس والهواجس لا تأتي إلا إذا دخل المصلي في صلاته، ومن ذلك
العبث في الصلاة فإن العبث يشغل القلب، فالإنسان إذا دخل في الصلاة جاء
الشيطان يكره يقول اذكر كذا، اذكر كذا حتى يذكره ما لم يذكره من قبل، يذكر
أن رجلاً جاء إلى أحد العلماء وقال: إنه أودع وديعة، وأنه نسي مكانها، وأن
صاحب الوديعة جاء يطلبها فماذا أصنع؟ قال العالم: اذهب فصل، وستذكرها، فذهب
الرجل وجعل يصلي فذكر مكانها.
استدل العالم على ذلك بقول
النبي عليه الصلاة والسلام "إذا نودي للصلاة، أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا
يسمع التأذين، فإذا قضي النداء أقبل، حتى إذا قضي التثويب أقبل، حتى يحظر
بين المرء ونفسه، يقول: اذكر كذا، اذكر كذا، لما لم يكن يذكر، حتى يظل
الرجل لا يدري كم صلى" (2).
ومما يشغل عن الصلاة ما يفعله
بعض من يقف خلف الإمام تجده يمسك المصحف، ويتابع الإمام في قراءته،
والحقيقة أن هذا العمل يترتب عليه أمور محاذير:
أولاً: أن الإنسان يتحرك بحركات لا حاجة إليها، إخراج المصحف، فتح المصحف.
ثانياً: أن هذا الفعل يشغله عن سنة مطلوبة منه، وهي وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى على صدره.
ثالثاً: أنه يشغل بصره
بالانتقال من أعلى الصفحة إلى أسفلها وبالانتقال من أول السطر إلى آخره.
والبصر له حركات كما أن اليد لها حركات لاشك في هذا.
رابعاً: أن هذا المتابع يشعر
وكأنه منفصل عن الصلاة، كأنه يمسك على هذا القارئ من أجل النظر هل يخطئ أو
يصيب فيشطح قلبه عن الصلاة ويبعد.
أما إذا وقف وراء الإمام من أجل إذا أخطأ يرده فهذا جائز من أجل الحاجة.
ولكن ما علاج هذه الوساوس الذي يثيرها الشيطان في الصلاة؟
علاجها بينه الرسول عليه
الصلاة والسلام أن يتفل الإنسان عن يساره ثلاث مرات، ويستعيذ بالله من
الشيطان الرجيم هذا هو العلاج (1).
بقي أن يقول سائل هل يلتفت ويتفل عن يساره وهو يصلي؟
والجواب: نقول نعم، يلتفت لأن هذا الالتفات لحاجة والالتفات لحاجة لا بأس به.
وقد يقول قائل: كيف أتفل والناس عن يساري؟
نقول إذا كنت مأموماً فلا تتفل لأنك ستؤذي من كان على يسارك، ولكن استعذ بالله.