[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]حتى
عشرينات القرن الماضي لم تكن البشرية تعرف هذا الانتشار الواسع لأمراض
شرايين القلب، ومرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، وغيرها من «أمراض العصر»
الحالي. وهناك ما يعرف في تاريخ الطب بـ«محطات تاريخية» لظهور مسببات
ارتفاع الإصابة بالأمراض، والأمثلة عليها متعددة، وأحدها هو ظهور ما يسمى
بـ«الزيوت النباتية المهدرجة»، والتي قدمت للبشر نوعية جديدة من الزيوت
«النباتية».
القصة
بدأت من رغبة أهل الصناعة والتجارة في الانتفاع بالأرباح الوفيرة من تسويق
استهلاك البشر للزيوت النباتية، أي قبل معرفة الطب بفوائدها الصحية
العالية. وواجهتهم «معضلة» سهولة فساد تلك الزيوت خلال أشهر بعد إنتاجها،
ومعلوم أن فساد، أو «تزنيخ»، الزيت النباتي الطبيعي يحصل بفعل تعرض هذا
الزيت لضوء الشمس ولحرارة الجو وللهواء. وبمجموع هذه العوامل تتفاعل
الدهون غير المشبعة داخل الزيت النباتي مع غاز الأوكسجين والهيدروجين،
ولذا يظل الزيت النباتي عرضة للفساد كلما طال أمد تخزينه، وكلما تعرض
للضوء أو لحرارة أجواء المناطق الحارة.
ومع
وجود مشكلة المواصلات البطيئة لنقل البضائع، في بدايات القرن الماضي،
والمعتمدة بالدرجة الأولى على السفن وعلى الخطوط البرية وعربات الشاحنات،
«تفتقت الأذهان» عن اختراع طريقة تضمن حفظ الزيوت النباتية مدة أطول،
وكانت تلك الطريقة «العجيبة» هي إخضاع الزيوت النباتية الطازجة والعامرة
بالفيتامينات والمعادن والمواد المضادة للأكسدة والدهون غير المشبعة، إلى
عملية «الحرق» و«الهدرجة»، وذلك ابتغاء الحصول على زيت نباتي ذي قدرة
عالية على البقاء لسنوات دون فساد، وعلى مقاومة الظروف البيئية والمناخية.
وما
يجري خلال عملية «هدرجة الزيوت النباتية» هو التالي: يؤتى بالزيت النباتي
الطبيعي الطازج، ويوضع في «غلايات» تطبخه إلى درجات حرارة عالية، تتجاوز
400 درجة مئوية، ثم يضخ فيها غاز الهيدروجين تحت ضغط عال لإجبار الدهون
غير المشبعة فيها على التشبع بغاز الهيدروجين، ويوضع معدن الألمنيوم أو
النيكل كمواد «مساعدة» على إتمام سرعة هذا التفاعل، وتستمر العملية نحو
ثماني ساعات.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وبعدها
نحصل، وبكل جدارة، على «زيت» كان نباتيا في الأصل، وأصبح زيتا «بلاستيكيا»
جديدا، لا علاقة له البتة بما كان من قبل هذه «الهدرجة»، لأن عملية
«الحرق» و«الهدرجة» قضت على الفيتامينات والمواد المضادة للأكسدة والدهون
غير المشبعة، وقضت أيضا على الكيفية الصحية التي تمتلكها الدهون النباتية
الطبيعية غير المشبعة، في التعامل الصحي مع خلايا الجسم وأنسجته وشرايينه.
وعلى
حساب كل هذه «الخسائر الصحية الفادحة»، حصلنا على زيت يستطيع البقاء في
المستودعات دون أن يفسد! وحصلنا على زيت يحتوي على «الدهون المتحولة».
ومنذ
تسعينات القرن الماضي سطع لنا «نجم» جديد في عالم أمراض شرايين القلب، وهو
الدهون المتحولة. وللتذكير تشير المصادر في طب القلب إلى أن أضرار تناول
الدهون المتحولة تفوق أضرار تناول الكولسترول أو الدهون المشبعة.
ولما
عرض باحثو كلية الطب بجامعة هارفارد موضوع الزيوت النباتية المهدرجة،
ومزاعم البعض بأن الزيوت النباتية المهدرجة جزئيا أفضل من تلك المهدرجة
بالكامل، قالوا إن تلك الزيوت الصناعية ذات علاقة سيئة بانتشار ارتفاع ضغط
الدم واضطرابات الكولسترول، وأمراض شرايين القلب وأمراض الحساسية، وتدني
قدرات أجهزة مناعة أجسام الناس. واختصر باحثو كلية الطب بجامعة هارفارد
الأمر برمته قائلين: بقول أكثر العبارات الطبية محافظة في عدم المبالغة،
إن إحلال تناول الزيوت النباتية الطبية بدلا من الزيوت المهدرجة جزئيا،
ناهيك عن الزيوت المهدرجة بالكامل، سيؤدي إلى حماية أرواح 100 ألف شخص
سنويا من الموت المبكر! هذا في الولايات المتحدة فقط، وناهيك أيضا عن
الرقم الفعلي في كل أنحاء العالم.
وبدلا
من التفكير الجدي في وسائل لحفظ الزيوت النباتية بطريقة طبيعية، صدر في
عدد أواخر يناير (كانون الثاني) الحالي لمجلة «نيتشر ماتيريالز» بحث
الدكتور فرانسيسكو زائيرا من جامعة كاليفورنيا، حول جدوى استخدام
البلاتينيوم في إتمام عملية الهدرجة تلك. وذلك كوسيلة لتقليل إنتاج الدهون
المتحولة خلال عملية «حرق» الزيوت النباتية.
ومشكلة
الزيوت النباتية المهدرجة جزئيا، أو بالكامل، ليست فقط في إدخالها، بشكل
لم يسبق له مثيل في تاريخ البشر، للدهون المتحولة في أغذية الناس، بل هو
أيضا في قضائها على كل عناصر «العافية» و« الصحة» التي يبتغيها الأطباء
والناس من وراء نشر تناول الدهون النباتية.
وعلينا
أن نتقبل فكرة أن الشيء الطبيعي المفيد للصحة هو شيء سهل الفساد ما لم
نحفظه بطريقة طبيعية وجيدة، وهو ما يجري على الخضار والفواكه الطازجة، ومن
باب أولى على الزيوت النباتية الطبيعية.
ومثال
الزيوت النباتية ليس هو الوحيد في محاولات أرباب التجارة والصناعة جني
الأرباح، بتغيير حال المنتج الغذائي الطبيعي على حساب الاستفادة الصحية من
تناوله. والمثل الآخر القريب جدا منا هو تقشير حبوب القمح للحصول على دقيق
أبيض يقاوم سرعة الفساد، مقارنة بالدقيق الأسمر. وبعملية التقشير هذه نزيل
طبقة قشرة حبة القمح المحتوية على الألياف والمعادن والفيتامينات، ليبقى
لدينا دقيق خال من كل تلك العناصر الصحية، ولكنه قادر على البقاء في
المستودعات مدة أطول! وما نزيله في هذا الدقيق الأبيض هو عناصر ثبت علميا
أنها فاعلة جدا في وقاية الناس من الإصابة بأمراض السرطان والسكري وإصابات
شرايين القلب وارتفاع ضغط الدم وغيرها، وما نبقي عليه هو سكريات ثبت أنها
سبب في سمنة الناس وإصابتهم بتداعياتها.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]