وأنا أهم بمغادرة المدرسة،استوقفني المدير... بعد السلام، بادر قائلا:

- ألست على علم بالجديد؟

- لا،عادتي تجنب القيل والقال.

- إن الأستاذة فلانة قد اعترضت طريق السيد المفتش في الشارع فسبّته وشتمته.

- ولماذا؟

-
لقد كانت في إضراب، وجاء المفتش ليمنحها نقطة الترقية في تلك الفترة
(عنوة)، فلم يجدها حاضرة، فثارت ثائرتها ضده، وبعد البهدلة التي تعرض لها،
طارت إلى النيابة متظلمة على السيد النائب تشكو له الحيف الذي تعرضت له من
هذا المفتش.

ألمحت للسيد المدير أني مستعجل، هناك أمور تنتظرني في المنزل.

- ما المطلوب مني ؟

- قال: من الآن فصاعدا يجب أن تقوم ب " حصة عمل خارج القاعة "

- أجبته : نناقش هذا الموضوع يوم الاثنين إن شاء الله،وودعته..

ركبت
سيارتي ، وفي الطريق أحسست بتوتر أعصابي لأن ساعات إضافية لا تقوم بها
المدارس في المدينة كلها، سنجبر نحن في هذه المؤسسة على حضورها . هاهي
الأستاذة المجازة بدأت تجلب لنا المشاكل والاستنفار داخل المؤسسة، فمادامت
تعيش في جو مشحون فليكن كذلك الآخرون.

لم
تتقدم هي إلى الامتحانات المهنية خوفا من الرسوب الذي يشوه حقيقة الإجازة
التي تتفاخر بها، ولها تناضل من أجل الدرجة الممتازة التي وعددتهم بها بعض
النقابات في هذه الفترة التي تستعد الأحزاب لنيل ثقة الناخبين في سنة 2012
حيث تخيم ظلال الأزمة الاقتصادية والاجتماعية العالمية.

""ليست لي أي حساسية ضد المجازين فقط ألمس لديهم ضعفا في المستوى المعرفي لا يوازي ابتدائي سنوات الستينيات من القرن الماضي"".

إن
غياب هذا النوع من الأساتذة والأستاذات برخصة مرضية أو إضراب عن العمل أو
أي مبرر آخر، خير لهم وللتلاميذ...على الأقل سيتركون فرصة لزملائهم
الفضوليين والفضوليات ، دخول أقسامهم والقيام بجزء ضئيل من واجبهم. عكس
حضورهم المضر الذي يجعل الجميع متحلّقا هنا وهناك ، يسردون مشاكلهم الصحية
والمادية والعملية،وطموحاتهم المستقبلية، فالمشهد كأنه سوق الكلام الفارغ بامتياز، سوق الشكوى ، والتظلم ، والوعيد،والنميمة، وأحلام اليقظة.

كانت علاقة هذه السيدة "سمنا على عسل" مع الإدارة والمفتش. فانقلب الحال منذ ثلاث سنوات إلى نكد وصراع، لسبب أجهله... وسبق لي نصْحها بتجنّب النزاعات حفاظا على أعصابها،وخير لها أن تهتم بنفسها خاصة ونحن في خريف العمر عوض التهور ومحاولة تحدي رؤسائها...هم
أصحاب ميداليات ذهبية في الحروب النفسية و "الحرب الباردة" . "سيري يا
دجاجة حتى لتازة" ولا محالة ستصابين أيتها الأستاذة بالشيخوخة المبكرة في
حربك هذه مع أعدائك. وسنصاب نحن زملاؤك بخسائر عرضية . والبداية "العمل
خارج القاعة" . لقد أبغلت المسئولين في النيابة أنّ السيد المفتش جاء خلال
حصة عملك خارج القاعة، وكل المعلمين في المدرسة لا يعملون في هذه الحصة..
.فلماذا أنت المقصودة دون غيرك؟.مع العلم أن غريمك حضر لزيارتك وأنت في
إضراب لمدة ثلاثة أيام مع زملائك المجازين. وتوقيعه في مذكرتي يشهد له
بذلك.

الثغرات
بادية للعيان، تريدين النقطة و الترقية والدرجة الأولى والممتازة والتحدّي
في نفس الوقت ، ألم يقل شيوخنا: "الكلب لّ حاجتك فيه، ڭولّيه سيدي ".أمّا
التحدي، فيتطلب منك "القيام بالواجب 1000/100 " تبعا للحكمة التي تقول "سر سويّا يحتار عدوك فيك".

لو
اخترت القناعة التي هي كنز لا يفنى، وحمدت الله في كنف أولادك وبناتك
وزوجك الأستاذ في الإعدادي،وأظهرت لأعدائك برودة الأعصاب واللامبالاة،و
الخير أو السوء الذي يأتيك منّة منهم لا حاجة لك به. فالخير من الله
تعالى، هكذا تربحين هدوء أعصابك وتتركينا وشأننا.

أنت
لا تجيدين التصدي بالحنكة والتبصّر والعقل." الفأر المقلّقْ من سعْدْ
المشْ".ميدان العمل هو ملعب كرة القدم،هناك الدفاع ووسط الميدان و الهجوم.
وأرى أنك تندفعين إلى الهجوم بكل قواك مهملة الدفاع ووسط الميدان بسبب
التهور والتغيبات والإضرابات التي تربك كل حساباتك. ممّا يجعلك تركنين إلى
الدفاع بالدموع والترهيب والوعيد، بينما تلامذتك هم الضائعون.والجميع
يتسلى بمسلسل مشاكلك.

واسألي المجرب قبل الطبيب.....