خرجت من وحدتي الكئيبة ، أبحث عن عمل ..أعين به نفسي..
فوجدت المدينة خالية من ناسها.. لا ضجيج .. كل المنازل يعمها الظلام وكأنها بلدة مهجورة ..
وحيدة أنا بين شوارعها .. أتفتل علا وعسى أجد محلا مفتوحا أقصده لأدفئ نفسي قليلا.. فالبرد قارص جدا.. والجو مضطرب.. ليس معي نقود !!
ماذا أفعل ؟ المحلات مغلقة .. والشوارع خالية..
ماذا يحصل لمدينتي الحبيبة ..؟
وقفت جامدة .. ماذا أفعل وأنا لا أعرف أحدا؟
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
فاستوقفني منزل كبير .. يحرسه رجل عجوز ..
مسكين هذا العجوز .. ماذا يفعل أمام المنزل الكبير وفي هذا الجو البارد ..؟
اقتربت منه .. القيت السلام .. فرد علي .. وسألني.. ماذا تفعلين يابنتي في هذاالجو البارد ؟
أبحث عن عمل سيدي..
ابتسم .. فاستغربت لإبتسامته .. وسألته .. لمذا تبتسم سيدي؟
اجلسي بنيتي ودفئي نفسك بهذه الأعواد..
شكرا لك ..
أبتسم لأني تذكرت فيك ابنتي التي درست وتخرجت طمعا في أن تريحني من
هذا العمل .. لكنها لم يحالفها الحظ لأنها ابنة بواب.. صديقاتها توظفن
لأنهن من عائلات غنية ومعروفة .. وهي لم تجد وظيفة لأنها فقيرة .. فبعد
سنوات الضياع في الدراسة والنقوذ التي صرفتها على أبنائي الخمسة ليدرسوا
ويتخرجوا.. لم يتوظف منهم أحد..
خمسة !!
وماذا تفعل ابنتك الآن؟
أصيبت بإنهيار عصبي .. وهي الآن في مستشفى للأمراض النفسية..
ألهذا الحد .. ؟ نعم هي الآن مريضة وأعمل ليل نهار لأدفع تكاليف المستشفى..
أنا آسفة سيدي .. أتمنى من الله أن يشفيها ويحقق أمانيها.
وأبناؤك ..!!
واحد منهم بعدما تخرج ويئس من البحث عن العمل اختار السفر إلى الخارج عبر قوارب الموت ولا أعرف عنه شيئا ..
دموع الشيخ العجوج مكبوتة تكاد تسيل ..صوت خافت يصدر عنه.. بدأ يرتعد
من شدة الألم .. ألم في الفؤاد على وطن نحبه وطن تحكمه الطبقات الغنية
بفرض سيطرتها وقمعها للضعيف.. تجاهلها له ووضعه تحت الحذاء والولاء لمن
يدفع أكثر..استنزاف استمر ويستمر بإستلاء أصحاب النفوذ على كل شيء .. ونحن
حتى وإن تعلمنا فلن نجد مكانا بينهم ..
فهل مكاننا تنظيف الشوارع حتى يمرون منها ..؟ أم جمع القمامة ليستقبلوا ضيوفهم الكرام عليها..؟
وبقية أبنائك سيدي ..؟
إنهم ثائرون وفي ساحة التغيير موجودون .. وأنا أوصل لهم الأكل والشرب كلما اتنهى حظرالتجوال..
لم أفهم سيدي .. أي حظر تجوال وأي ساحة هذه..؟
ساحة المستقبل .. بنيتي ..
أبنائي
ذهبوا إلى هناك لأنهم فقدوا الأمل في التغيير .. فأرادوا أن يقدموا شيئا
لخلفهم ..وأن يصنعوا رفقة الشباب مستقبل الوطن الذي لا يميز الفقير من
الغني .. فالكل سواسية والكل له الحق في العمل والمشاركة ..
ذهبوا لإسترجاع الوطن .. لإسترجاع الإنسانية والتعاون من من سلبوه ونهبوه منا بنيتي..
آه ياسيدي العجوز .. لم أكن أعرف أن البلد أعلن حالة طوارئ.. لأنه ليس
لدي كهرباء ولا ماء .. أسكن في حي يكاد يكون مهجورا .. تملأ القمامة
جنباته .. فأردت الخروج اليوم من وحدتي مع الدجى لأبحث عن نقطة ضوء ..
وياليتني لم أخرج من حجرتي ..!!
************************************
سيدي .. أين توجد ساحة التغيير..؟
ابنتي بقي القليل على وقت حظر التجول .. اذهبي لبيتك ..
لا
... لن أذهب إليه .. ذاهبة إلى ساحة التغيير لأساندهم ..فأنا جزء من هذا
الوطن .. أريد أن أعيش أريد أن أعمل.. انتهى زمن الإستبداد وولى .. إلى
ساحة التغيير .. أيها العجوز أشعلت ثورة بقلبي.. أنستني عنواني وأين أقيم
.. لكن عنواني أكيد ساحة التغيير .. لننهي عهد استنزاف الطاقات
والتدمير..إلى الحرية والتغيير..
فالبطالة نخرت أجسادنا .. والمشي في الشوارع أعيا أقدامنا.. فالحذاء
تمزق من كثرت التجوال والبحث عن عمل .. لا أسعى ولا أطلب ما ليس لي .. فقط
أريد أن أعمل وأعيش ..
تحياتي للجميع