آثار تصرفات المرضى النفسيين
آثار تصرفات المرضى النفسيين
د. هاني بن عبدالله الجبير
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه، أمّا بعد:
فالأمراض النفسية من المشكلات الهامة في العصر الحالي، فالمجتمعات لا تخلو منها، والمريض النفسي مع معاناته من المرض إلا أن الحكم على تصرّفه وتكييف وضعه بإلحاقه بالعاقل أو المجنون من نوازل هذا العصر، لأنّه العصر الذي شهد تقدمًا كبيرًَا في مجال اكتشاف وعلاج الأمراض النفسية والاهتمام بها، وليس للمرض النفسي بهذا الوصف ذكر لدى الفقهاء والمتقدمين، ولذا فإن هذا البحث يحاول معالجة هذه المسألة.
وليس للأمراض النفسية ذكر في كتب الفقهاء المتقدمين، وإنما عرضوا للمجنون والمعتوه، والصغير غير المميز، والسكران، والغضبان، والمكره، وهي وإن كانت عوارض عقلية وانفعالية نفسية؛ لكنها ليست هي المرض النفسي.
ومن أوائل من أشار لهذه المسألة: الأستاذ عبد القادر عودة في كتابه: التشريع الجنائي الإسلامي عندما تعرّض لجناية وجرائم المصاب بالهستيريا وازدواج الشخصيّة وضعيف التمييز والمنوّم مغناطيسيًا، وإن كان كلامه مجملاً، وقد قُدِمت في كلية الشريعة بجامعة الأردن رسالة بعنوان: أثر الاختلالات العقلية والاضطرابات النفسية في مسائل الأحوال الشخصية للباحث: نائل إبراهيم قرقز، لكنه تناول فيها أحكام تصرفات المجنون والمعتوه والسكران والمدمن على المخدرات والغضبان، فيما يتعلق بالأحوال الشخصية.
كما قُدِمت رسالة ماجستير بجامعة الملك سعود بعنوان: أثر المرض النفسي في العقوبة، إعداد: عواطف الخريصي. وهي خاصة بالعقوبات.
ولم نطّلع على بحث استوفى الأمراض النفسية بالنظر للأحكام المتعلّقة بتصرفاتهم، وقد أقامت المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية الندوة العاشرة عام 1997م حول حقوق المعاقين نفسيًا وعقليًا في الإسلام.
وقد استعنت بالله تعالى في كتابة موجز متعلق بهذا الموضوع؛ لأهميته وتعلقه كثيراً بالقضاة والمفتين.
واقتضت طبيعة الموضوع أن يكون في تمهيد تعريفي بالمرض النفسي، والألفاظ ذات الصلة، وأربعة مباحث كما يلي:
المبحث الأول: أنواع التصرفات.
المبحث الثاني: مناط صحّة تصرّف الإنسان وأثره.
المبحث الثالث: أهليّة المريض النفسي.
المبحث الرابع: أثر تصرفات المريض النفسي.
ثم خاتمة: توجز أبرز النتائج.
والله تعالى أسأل أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفع به، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
تمهيد
أولا: تعريف المرض النفسي:
المرض النفسي: اضطراب يظهر بشكل أعراض انفعالية ومعرفية وجسدية مختلفة مجتمعة أو متفرقة، ينتج عنه تدهور في جوانب متعددة في حياة الإنسان، سببه ناتج عن تداخل عوامل عضوية، ووراثية، ونفسية، واجتماعية، وأسرية، مع تفاوت تأثير كل عامل منها بين مريض وآخر.
وقد عرف بعدة تعريفات، تتفاوت بحسب تفاوت المدرسة النفسية التي ينتمي إليها صاحب التعريف، ومن هذه التعريفات أنه: اضطراب وظيفي في الشخصية، نفسيّ المنشأ، يبدو في صورة أعراضٍ نفسية وجسمية مختلفة، يؤثر في سلوك الشخص فيعوق توافقه النفسي، ويعوقه عن ممارسة حياته السوية في المجتمع الذي يعيش فيه. (1)
ومنها: أنه الابتعاد عن متوسط السلوك العام في المجتمع، أو عدم التوافق الداخلي بين مكونات النفس .(2)
ومع تفاوت المختصين في تعريفهم للمرض النفسي، إلا أنهم يتفقون على ملامح عامة لهذا المرض منها:
أنه مرض مرتبط باضطرابات مزاجية وانفعالية، وهي ترتبط بجانب أو أكثر من جوانب الشخصية أو السلوك، والمريض يعلم بمرضه ويعي به. (3)
ثانيا: التعريف بالألفاظ ذات الصلة:
أ- الجنون: وهو خلل في العقل يؤدي إلى انحراف تصرفات الإنسان القولية والفعلية عن النهج القويم غالبًا. (4)
وقيل هو: اختلال القوة المميزة بين الأشياء الحسنة والقبيحة المدركة للعواقب. (5)
والجنون قد يكون دائمًا أو متقطعًا.
وهو الذي يسمى (بالمرض العقلي) Insanity والذي يعرف بأنه: حالة من النقص في النمو العقلي وانحطاط واضح في الذكاء وفي الأداء العقلي الوظيفي العام مما يجعل الشخص عاجزًا عن التعلّم والتوافق مع البيئة (6)، وهو خلل في تفكير الفرد ووجدانه يؤدي إلى تغيير نظرته وإدراكه للحياة.
ب- العته: وهو ضعف العقل الذي ينشأ عنه ضعف في الوعي والإدراك؛ فيصير صاحبه مختل الإدراك. (7)
وقيل هو: اختلال في العقل، فيصير صاحبه مختلط الكلام، فيشبه بعض كلامه كلام العقلاء، وبعضه كلام المجانين. (
والعته اصطلاح فقهي مقارب لمعنى الجنون، إلا أن المعتوه لا يصاحبه تهيج واضطراب فلا يضرب ولا يشتم، بخلاف المجنون، وأما في الحكم فهما سواء. (9)
ج- السَّفَه: وهي: خِفّةٌ تبعث الإنسان على العمل في ماله بخلاف مقتضى العقل والشرع، مع قيام العقل حقيقةً. (10)
وقيل: هو البالغ العاقل الذي لا يحسن التصرف في المال. (11)
د- السُّكر: وهو زوال العقل وانعدام التمييز بسبب تناول الخمر أو مسكر آخر، بحيث لا يدرك السكران بعد إفاقته ما صدر منه حال سكره. (12)
وقيل هو: نشوة تزيل العقل بعد تعاطي ما يوجبها. (13)
هـ - الإكراه: وهو حمل إنسان على عمل أو ترك بغير رضاه.
أو عمل يوقعه بغيره فيفوت رضاه، أو يفسد اختياره مع بقاء أهليته. (14)
المبحث الأول: أنواع التصرفات:
كل ما يصدر عن الإنسان من الأقوال والأعمال - مما يترتب عليه حكم سواء كان مريضًا أو لا - فهو لا يخلو من الاندراج في واحدٍ من هذه الأنواع:
تصرفات مالية: وقد تكون تمليكات ومعاوضات كالبيع، والإقالة، والصلح، والإجارة، والمزارعة، والشركة. أو تبرعات كالوقف، والهبة، والصدقة، والإبراء من الديون.
أو التزامات كالضمان، والكفالة، والحوالة.
وكلها تصرفات يربطها أنّ الغرض المقصود منها هو المال أو ما يراد به المال.
1- ألفاظ لها أثر: وقد تكون هذه الألفاظ متعلقة بالإثباتات كالإقرار، والشهادة، واليمين.
أو متعلقة بالأسرة كالنكاح والخلع والطلاق.
أو التزامًا ببعض العبادات كالنذر.
2- موجبات الحدود والتعزير: وهي الجرائم التي يعاقب عليها الشرع في الدنيا كالسرقة والزنا وشرب الخمر والقذف وغيرها.
3- الجنايات والإتلافات: وهي كل اعتداء على بدن الغير أو حَقّه المالي كالقتل وما دونه من الاعتداء على الأبدان، وكالغصب وإتلاف أموال الغير.
وكل هذه الأفعال التي تصدر عن الإنسان، ويترتب عليها آثار ونتائج شرعية، تنقسم إلى نوعين:
1- أفعال لا يشترط في فاعلها العقل، بل يرتبط فيها الأثر بمجرد الفعل ارتباطًا ماديّا محضًا، كارتباط المسببات بأسبابها الطبيعيّة، وذلك كالفعل الضار من الإتلافات والجنايات من حيث تسبّبها في ضمان الضرر الحاصل بها.
فلو أتلف المجنون أو الطفل غير المميز مالاً لغيره، فإنه يضمنه، أي: يصبح ملتزمًا بتعويض ما أتلف.
2- وأفعال يشترط في فاعلها العقل والتفهّم كي يعتد بها وتترتب عليها آثارها ونتائجها الشرعية، لأن لنـتائجها ارتباطًا بالمقاصد والإرادات.
ومنها جميع العقود والالتزامات والتصرفات المالية.
فالنوع الأول تعتمد في الفاعل (أهلية الوجوب) ليتحمل نتائجها، وهذه الأهلية تثبت للإنسان بمجرد ولادته.
والنوع الثاني تعتمد في الفاعل ( أهلية الأداء ) (15) كما سيأتي.
المبحث الثاني: مناط صحّة تصرّف الإنسان وأثره:
1- مناط صحة تصرف الإنسان:
إن مناط تحمل الإنسان لآثار أفعاله الضارة وإتلافاته هو إنسانيته، وهو ما ذكرنا أنه يسمى (أهلية الوجوب).
وأما مناط صحّة العقود والالتزامات فهي أهلية الأداء، والتي تعرّف بأنها: صلاحية الإنسان لأن يكون فعله وتصرفه معتبراً شرعًا. (16)
وتحصل هذه الأهلية بتمامها إذا تحقق في الإنسان التكليف مع قصد التصرّف وإرادته، والتكليف يتحقّق في الإنسان باجتماع البلوغ والعقل.
وسنعرض لما يتعلّق بهذه الأوصاف التي يعلق على اجتماعها صحّة التصرّف.
أ – البلوغ:
وهو انتهاء حَدّ الصّغر. (17)
والبلوغ يحصل بالاحتلام، وهو خروج المني من الرجل أو المرأة، لقوله تعالى:"وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا"[النور:59]. وتزيد الأنثى أنه يحصل بلوغها بالحيض، والحمل. وهذا باتفاق الفقهاء. (18)
واختلف الفقهاء السن التي يثبت بها البلوغ، وهل يثبت بإنبات شعر العانة أم لا. (19)
وإذا ثبت البلوغ ثبتت في حق البالغ التكليفات الشرعية، ولزمته آثار التصرفات، قال ابن المنذر: وأجمعوا على أن الفرائض والأحكام تجب على المحتلم العاقل. (20)
وقال ابن حجر: أجمع العلماء على أن الاحتلام في الرجال والنساء يلزم به العبادات والحدود وسائر الأحكام. (21)
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"رفع القَلَم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يفيق" (22).
والعلة في عدم ترتب آثارٍ لتصرفات غير البالغ، هو عدم اكتمال القدرات العقلية والذهنية والبدنية لديه في الغالب. ولذا ومع أن بعض الناس قد تكتمل فيه القدرات قبل البلوغ إلا أن الشرع أناط صحة التصرفات بالعلامة الظاهرة التي هي البلوغ (23).
ب- العقل:
والعقل هو ما يدرك به الإنسان الأشياء على حقيقتها (24).
وفاقده معدوم الأهلية، لأنه لا يعرف مصلحته من ضدها، والجنون يسلب الولايات واعتبار الأقوال (25).
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رفع القلم...عن المجنون حتى يفيق).
والعقل هو ما يعرف لدى المختصين بعلم النفس: بالوعي، وهو قدرة الإنسان على إدراك ذاته وما حوله، مع التفكير، والتي تمثل القدرات العقلية الأساسية التي يحصل بها الفهم. (26)
جـ- الرشد:
وهو الصلاح في المال. وقيل الصلاح في المال والدين. (27)
وليس للرشد سن معينة، بل هو البصيرة المالية، والقدرة التامة على التصرّف، ومرحلة الرشد لا تبدأ قبل البلوغ، فكل من لم يبلغ لا يمكن اعتباره رشيدًا، وأمّا بعد بلوغه فقد يكون رشيدًا فيدفع إليه ماله، وتصح تصرفاته، وقد لا يثبت رشده فلا تصح تصرفاته. قال تعالى:"وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإذا آنستم منهم رشدًا فادفعوا إليهم أموالهم". [النساء: 60].
وليس للرشد ارتباط بغير التصرفات المالية، فالعاقل البالغ غير الرشيد تجب عليه العبادات وتصح منه، وتصح شهادته لكنه ممنوع من البيع والشراء ونحوه. (28)
د- سلامة القصد والإرادة:
يشترط لكل تصرف يستلزم أهلية الأداء؛ سلامة القصد والإرادة. بمعنى: أن يقصد الفعل ويريده، فلا يقع منه الفعل المعين خطأً ولا إكراهًا إنما يقع منه الفعل حال رغبة وقصد منه واختيار، كما أن الإتلاف الواقع عن قصد يختلف عن الخطأ في الضمان الواجب فيه.
وربما يفرق في بعض الأحوال بين مسائل الخصومة، وأحوال الفتيا، فقد تقبل دعوى الغلط وعدم الإرادة، وقد ترد بناء على دلالة الأحوال على الإرادة عند وقوع النـزاع. (29)
2- أثر فوات ونقص معيار الأهلية على التصرفات:
هذه الأوصاف المتقدمة التي تقرر كونها معيارًا لتمام أهلية الأداء، ومناطًا لصحة تصرفات الإنسان وترتب آثارها عليها، إذا فاتت كليًّا أو جزئيًا ترتب على ذلك اختلال في هذه الأهلية كما يلي:
أ- أثر نقص العقل أو فواته:
فاقد العقل معدوم الأهلية، ولذا فإن جميع تصرفاته وأقواله باطلة غير معتبرة، فبيعه وشراؤه وسائر تصرفاته باطلة، أما لو جنى على نفس أو مال فإنه يؤاخذ ماليًا لا بدنيًا، ففي القتل يضمن دية القتيل ولا يقتص منه، وكذلك يضمن ما أتلف من الأموال (30).
وإذا كان المجنون يجنّ أحيانًا ويفيق أحيانًا، فإنه يعتبر من أقواله وتصرفاته ما صدر حال إفاقته، ولا يعتبر ما صدر منه حال جنونه، لأنه حال إفاقته ليس مجنونًا (31).
والمجنون هو زائل العقل كليًا، أو مختل العقل، أو من فيه ضعف شديد فيه بحيث تصدر أقواله وأفعاله على خلاف نهج العقلاء.
فضابط الجنون هو: عدم فهم الخطاب، وعدم القدرة على التمييز، وعدم التمكّن من الاستدلال أو الضعف الشديد فيها.
أما من كان لديه تمييز وإدراك لكنه لا يصل لدرجة العاقل البالغ فهو عند جمهور أهل العلم كالمجنون بلا فرق (32)، وعند الحنفيّة أن حكمه حكم الصبي المميّز، فهو مقبول التصرّف فيما لا ضرر فيه، ولا تصح تصرفاته الأخرى، ويؤاخذ بأفعاله وإتلافاته (33).
فيعتبر في حكم المجنون كل من لم يكن تام العقل، لعدم قدرته على فهم الخطاب، ولو لديه قدرة قاصرة.
يقول ابن تيمية: (بل قد تُسقط الشريعة التكليف عَمّن لم تكمل فيه أداة العلم والقدرة تخفيفا عنه، وضبطًا لمناط التكليف، وإن كان تكليفه ممكنًا، كما رفع القلم عن الصبيّ حتى يحتلم وإن كان له فهم وتمييز، لكن ذلك لأنه لم يتم فهمه، ولأن العقل يظهر في الناس شيئًا فشيئًا وهم يختلفون فيه، فلمّا كانت الحكمة خفيّة ومنتشرةً قيّدت بالبلوغ) (34).
ب- أثر نقض الرشد أو فواته:
إذا لم يكن الإنسان رشيدًا فإن تصرفاته المالية لا تنفذ إلا بإذن وليه، لكن يصح منه الإقرار بموجب العقوبات، فيعاقب على ما جنى، ويؤخذ بها، كما تصح تصرفاته في الزواج والطلاق (35).
جـ- أثر نقض الإرادة أو فواتها:
المراد بالإرادة قصد الشيء، فإن الإنسان قد يفعل الشيء قاصدًا فعله، وقد يفعل الشيء عن غير قصد منه.
فمن لم يقصد الفعل أو القول لم يترتب عليه أثره، إلا في الجنايات والإتلافات فإنه يلزمه الضمان.
أما غيرها فلا يترتب عليه شيء كالمكره الذي لا يريد الفعل أو القول بل يريد دفع الأذى عن نفسه، وكالنائم والمجنون والسكران الذين لا يقصدون معاني ألفاظهم، وكالمخطئ الذي لا يقصد.
بخلاف القاصد للشيء سواء قصد وقوع الأثر وهو العامد، أو لم يرد حصول الأثر وهو الهازل فإنهم تلزمهم آثار تصرفاتهم (36).
ومن أمثلة هذه القاعدة ما يلي:
1- تصرف السكران:
لا يخلو زائل العقل بالسُّكر إمّا إن يكون سكره بطريق مباح كالمتعاطي له مكرهًا أو خطأً، أو يكون سكره بطريق محرم.
فأما الأول فقد اتفق الفقهاء على أنّه لا يعتد بتصرفاته وأقواله (37).
وأما الثاني فقد اختلف الفقهاء في اعتبار أقواله على قولين:
القول الأول: أن أقواله معتبرة مؤاخذ عليها وهو مذهب الحنفية (38)والمالكية (39)والمعتمد عند الشافعية (40)، ورواية عند الحنابلة هي المذهب (41).
القول الثاني: أن أقواله لا يعتد بها، وهو قول الطحاوي والكرخي (42)وقول عند الشافعية (43)ورواية عند الحنابلة (44)وهو مذهب الظاهرية (45).
استدل أصحاب القول الأول بأدلة منها:
قوله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون"[النساء: 43].
فالآية خطاب له حال سكره وهذا نص في كونه مخاطبًا (46).
ونوقش: بأن الآية نهى عن الشرب قريب الصلاة، أو نهى عن أن يسكروا سكرًا يفوتون به الصلاة (47).
أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استشار الصحابة في الخمر يشربها الرجل، فقال له علي بن أبي طالب: نرى أن تجلده ثمانين، فإنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، فإذا هذى افترى (48).
فالصحابة جعلوه كالصاحي في الحد بالقذف.
ونوقش: أن الأثر ضعيف.
واستدل أصحاب القول الأول: أن الله تعالى أخبر عنه أنّه لا يدري ما يقول، فلا يحل أن يلزم شيئًا من الأحكام (49).
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يستنكه ماعزٌ لما أقرّ (50).
وهذا دليل عدم اعتبار أقواله (51).
وظاهر مما سبق رجحان القول الثاني لقوة أدلته.
2- تصرّف المكره:
اتفق الفقهاء على أن كلام المكره كله لغو، وفصّل الحنفية بين ما يحتمل الفسخ كالبيع فيفسخ، وما لا يحتمل الفسخ كالعتق فهو لازم.
وما اختاره الجمهور أرجح لقوله تعالى:"من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان".[النحل:106] فلما وضع الله الكفر عمن تلفظ به حال الإكراه، وأسقط عنه أحكام الكفر، كذلك سقط عن المكره ما دون الكفر؛ لأنّ الأعظم إذا سقط سقط ما هو دونه من باب أولى (52).
3- الغضبان:
اتفق الفقهاء أن الغضب إذا بلغ بالإنسان لنهايته حتى زال عقله فلا يعلم ما يقول فإنه لا يعتد بأقواله، وأما إذا كان في مبادئ الغضب وأوائله فإن أقواله معتبرة لأنه مكلف عالم بأقواله ومريد للتكلّم بها (53).
واختلف الفقهاء في أقوال الغضبان إذا استحكم الغضب بصاحبه واشتد به حتى تعدى مبادئ الغضب لكن لم يصل إلى آخره (54).
ومن الأدلة على قاعدة الإرادة ما روته عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا طلاق ولا عتاق في إغلاق" (55).
والإغلاق في أصل اللغة بمعنى الحبس والإقفال والتضييق والتعسّر، فالمراد به: انسداد باب العلم والقصد، فيضيق صدره ويتعسّر عليه تفكيره ويقفل عنه باب الإرادة (56).
قال ابن القيم: (وأما الإغلاق فقد نَصّ عليه صاحب الشرع، والواجب حمل كلامه فيه على عمومه اللفظي والمعنوي، فكل من أغلق عليه باب قصده وعلمه كالمجنون والسكران والمكره والغضبان فقد تكلّم في الإغلاق، ومن فَسّره بالجنون أو السُّكر أو بالغضب أو بالإكراه فإنما قصد التمثيل لا التخصيص، ولو قُدِّر أنّ اللفظ يختص بنوع من هذه الأنواع لوجب تعميم الحكم بعموم العلة، فإن الحكم إذا ثبت لعلّة تعدّى بتعديها وانتفى بانتفائها) (57).
المبحث الثالث: أهليّة المريض النفسي:
1- تصنيف الأمراض النفسيّة:
تختلف الدول والهيئات والعلماء في تصنيفهم للأمراض النفسيّة حسب المنطلق الذي يبدؤون منه، كما تتفاوت نظرتهم إلى المهم منها, ومن أشهر التصنيفات:
تصنيف الرابطة الأمريكية لأطباء الأمراض العقليّة الصادر عام 1987م في نسخته الثالثة المعدّلة, وتصنيف اضطرابات الطب النفسي والعقلي العالمي الذي أصدرته منظمة الصحّة العالمية عام 1992م.
ومجمل التقسيم أن الاختلالات يمكن إدراجها في ثلاث مجموعات:
1- اختلالات ذات أصل نفسي (نفسيّة المنشأ):
وتشمل ما يلي:
أ- الاختلالات العصابيّة: عصاب الصدمة, والوساوس القهريّة, والقلق وتوهم المرض, والمخاوف المرضية، والاكتئاب.
ب- الاختلالات النفسجسميّة (السيكو فيزلوجيّة): استجابات الجلد، والجهاز العضلي والجهاز الدوري والهضمي.
ج- الاختلالات الخلقيّة: أنواع الانحرافات الجنسيّة, والإدمان.
د- الاختلالات الذهانيّة: الفصام, والهوس، وذهان الشيخوخة.
2- اختلالات ذات أصل عضوي (عضويّة المنشأ):
وأهمها: أنواع الالتهابات, والصدمات، والتقدم في السّن، والاستجابات التشنجيّة.
3- التأخر أو التخلف العقلي: وأهمها: تأثيرات ما قبل الولادة, والالتهابات واختلالات الأيض أو النمو. (58)
وهذه التصنيفات وما تحويه من أنواع لجملة أمراض عديدة إذا نظرنا لها بقصد ملاحظة الأثر الشرعي لتصرفات المصابين بها فيمكننا أن نصنفها إلى ثلاثة أقسام:
أ- الاختلالات المزيلة للإدراك أو المؤثّرة فيه.
وتشمل كل مرض أو اختلال يؤدي إلى انعدام الإدراك والتمييز لدى المصاب بها كلياً أو جزئياً.
فهذه الأمراض التي تؤدي إلى زوال أو ضعف الإدراك والتمييز حكم المصاب بها حكم المجنون.
وكذلك لو كان إدراكه يزول أو يضعف في حالة أو حالات معيّنة, ولكنّه يدرك إدراكاً تامّاً فيما عدا ذلك، فهو مكلف فيما يدركه, ومجنون في النواحي التي ينعدم أو يضعف فيها إدراكه أو تمييزه.
وضعف الإدراك والتمييز قد يكون ضعفاً بسيطاً بحيث ينقص عن الشخص المعتاد, وقد يقل عن ذلك فيكون في حكم غير المميّز. فيلحق الإنسان بالوصف الأقرب منها. (59)
ب- الاختلالات المؤثرة في الإرادة مع سلامة الإدراك والتميز.
وهذا شأن كثير من الأمراض النفسيّة, فالمريض بها لا يستطيع التحكّم بسلوكه وأفكاره، رغم علمه بأنّ ما يقوم به من قول أو عمل مغاير للمنطق, وسخيف في مدلوله. (60)
ومتى ثبت تأثر الإرادة بالمرض حتى يتعسّر عليه التفكير ويضيق صدره به, فإنّ تصرفه القولي لا يقع موجبه، إذا كان في الشأن الذي يصيبه فيه نقص الإرادة.
ج- الاختلالات المؤثرة في السلوك والتصرفات دون العقل والإرادة.
كاضطراب الشخصيّة, والانحرافات الجنسيّة, والتي تشترك كلها بأن المريض بها سليم الإدراك والتمييز ويتحكم في إرادته إلاّ أنه يستمتع بممارسات خاطئة يحتاج إلى تكرارها, ويصعب عليه الانفكاك منها.
فمثل هذا مؤاخذ بكل تصرفاته قال ابن تيميّة: (وأمّا كون الإنسان مريداً لما أُمر به، أو كارهاً فهذا لا تلتفت إليه الشرائع, بل الإنسان مأمور بمخالفة هواه). (61)
2- معيار هذا التصنيف:
الأمراض النفسيّة والعقلية لم يتعرّض لها الفقهاء لكون العلوم النفسيّة والطبية لم تكن وصلت إلى ما هي عليه اليوم من التقدّم, لكن هذه الأمراض يمكن معرفة حكمها إذا طبقت عليها قواعد الشريعة العامّة.
وقد تفاوتت أنظار المختصين حيال الأمراض النفسيّة، فذهبت المحاكم الشرعية في الأردن إلى اعتبار المصاب بالمرض النفسي في حكم المجنون أو غير المميز حسب المرض وحدته وتأثيره على العقل (62).
ومن الفقهاء المعاصرين من يفرق بين المريض مرضًا نفسيًا يفقده الإدراك أو الإرادة أو الاختيار أو لا يفقده (63)، وهذا المنهج أسلم وأقرب – في نظرنا – للصواب؛ ووجه ذلك أنَّ الناس يتفاوتون بحسب طبائعهم في مستويات إدراكهم، وخلقهم، وإراداتهم، فلا يمكن ضبط المستوى الذي يمثّل الصحّة النفسيّة بشكل دقيق يجعل ما عداه مرضيًا، والأمراض نفسها تختلف النظرة لها فمن أهل الاختصاص من يعتبرها أسلوبًا في الحياة يختاره الفرد لنفسه وأن من الخطأ اعتباره مرضًا (64).
ثم إنّ الاعتلالات والانفعالات التي تصيب الإنسان فتضطره لبعض الأعمال، تترتب عليها آثارها، ولا يعفى عن تحمّل آثارها يعمله الانفعال الذي أصابه ما دام متمتعًا بالإدراك والاختيار مثل ما ينتج عن هياج العواطف أو الظروف الصعبة (65).
قال ابن تيمية في رجل مملوك قتل نفسه: (لم يكن له أن يقتل نفسه، وإن كان سيّده قد ظلمه واعتدى عليه، بل كان عليه إذا لم يمكنه دفع الظلم عن نفسه أن يصبر إلى أن يفرّج الله، فإن كان سيّده ظلمه حتى فعل ذلك، مثل: أن يقتر عليه في النفقة، أو يعتدي عليه في الاستعمال، أو يضربه بغير حق، أو يريد به فاحشة ونحو ذلك فإنّ على سيّده من الوزر بقدر ما نسب إليه في المعصية ) (66).
وكذلك الغضب كما تقدَّم مع أنّ الغضب لا يمنع القصاص والحدود مع ما يعرض لإرادة الغضبان.
والقياس دليل شرعي - حقيقته إلحاق غير المنصوص بالمنصوص المشبه له، وبذا فإنّ المريض النفسي يلحق بما هو أقرب وأكثر شبهًا فقد يشبه بالمجنون إذا أثّر المرض في إدراكه وتمييزه، وقد يشبه بالصغير المميّز إذا كان لديه تمييز وإدراك لكنه أقل من المعتاد، وقد يشبه بالعاقل الذي فات اختياره وقصده، وقد يشبّه بالعاقل المختار الذي اعتاد بعض الأمور حتى صعب عليه الخلاص منها.
والعبرة في ذلك بما كان أقرب شبهًا.
والذي يتولى تقرير ذلك هو الطبيب المختص، الذي يستفيد ذلك من معاينة الحالة ودراستها - التي قد تطول مدتها - وخلفيته العلميّة وخبرته (67).
المبحث الرابع: أثر تصرفات المريض النفسي:
1-أثر ألفاظه: تقدّم أن العقل والإرادة هما أساس التكليف، فإذا تحقّق وجودهما في الشخص ترتب أثر تصرفاته عليه، وألزم موجبها.
وفي المقابل من فات عليه عقله، أو إرادته بحيث لم يكن معه عقل يميز به الأمور الحسنة والقبيحة، ويتمكن به من الاستدلال والفهم، أو لم تكن له إرادة يتمكن بها من الفعل والترك فإن ألفاظه لا يؤاخذ عليها، ولا يلزم بموجبها؛ لفوات أهليته.
وأما من كان لديه إدراك عقلي يميّز به، و لديه إرادة، لكن عرض له ما يؤثّر على إرادته كالغضب فإن جمهور الفقهاء على أنّه مؤاخذ بألفاظه إلا إن وصل الغضبُ لدرجةٍ تغطي الشعور أو الإرادة أو تؤثر فهما تأثيرًا بالغًا يقربه من حال الجنون فهنا لا يؤاخذ بألفاظه.
والمريض النفسي متى كانت لديه إرادة وإدراك ولكن لديه اضطرابات بسبب العوامل الاجتماعية والتنشئة وسوء التربية وغيرها تسببت له في التأثير في إرادته فهو مؤاخذ على أقواله، ولا يعفى بسبب ذلك، لكونه مكلفًا (68).
2-أثر ارتكابه لما يوجب الحد أو التعزير:
هناك جرائم موجبة للعقوبة يتم تصنيفها ضمن الاضطرابات النفسيّة مثل أنواع الانحرافات الجنسيّة، وإذا عوملت بمقياس العقل والإرادة، فإنّه لا يعفى ممارس هذه الأعمال من العقوبة لإصابتهم بهذه الاضطرابات.
وكذلك التنشئة والظروف الاجتماعيّة المسبّبة لاضطراب الشخصيّة والسلوك لا يبرر الإعفاء من العقوبة.
وكذلك قوة الدافع والميل النفسي ليس مبرراً لارتكاب الجرائم، فإنّ الغضب الشديد - مثلاً - الذي يجعله الفقهاء سبباً لرفع المؤاخذة عن الغضبان في طلاقه وأقواله لا يمنع القصاص منه عند جنايته.
أما فاقد العقل ومن قاربه في قدرات التفكير، فلا يعاقب لكونه في حكم المجنون.
وأمّا خلل الإدراك وضعف التمييز الحاصلان لدى بعض المرضى ممن لهم إدراك، لكنه قد يقل عن إدراك الشخص التام، وقد يرتكبون جرائم حال تمييز وإدراك لكنه يعرض له ما ينقصه بسبب المرض فمثل هؤلاء يقام عليهم موجبات الحدود والقصاص لوجود العقل والإرادة.
وأمّا التعزيرات فإن للقضاء أن يخفف العقوبة عنهم لتعرضهم لظرف مخفّف وهو المرض المسبب لنقص الإدراك (69).
3- أثر إتلافه وجناياته:
كل من اتصف بالعقل والإدراك لزمه موجب إتلافه وجناياته، فيضمن ما أتلفه مالياً، ويلزمه القصاص في جناياته الموجبة للقصاص.
ولا فرق في ذلك بين ما إذا كانت إرادته تامة، أو عرض له ما ينقص إرادته، لأنّ الضمان المالي لا يتعلّق بالأهلية، والقصاص لا يمتنع عن المكره على الفعل، وفائت الإرادة كالمكره (70).
وأمّا لو كان لديه نقص في إدراكه فإنّه يضمن ماليًا ولا يلزمه القصاص، بل تكون جناياته كلها من قبيل الخطأ (71).
4-أثر تصرفاته المالية:
من كان زائل العقل والإدراك فإنّه لا ينفذ تصرفه المالي، ويجب إقامة ولي عليه يتولى إدارة شأنه المالي.
ومن نقص إدراكه أو ضعفت إرادته كالطائش والسفيه فإنّه يجب الحجر عليه ومنعه من التصرّف في ماله، ولا ينفذ من تصرّفه المالي إلاّ ما كان فيه صلاح له فقط (72).
خاتمة
1- المرض النفسي: اضطراب يظهر بشكل أعراض انفعالية ومعرفية وجسدية مختلفة مجتمعة أو متفرقة، ينتج عنه تدهور في جوانب متعددة في حياة الإنسان، سببه ناتج عن تداخل عوامل عضوية، ووراثية، ونفسية، واجتماعية، وأسرية، مع تفاوت تأثير كل عامل منها بين مريض وآخر .
2- الأفعال الصادرة عن الإنسان، منها: أفعال لا يشترط لترتب آثارها الشرعية عليها توفّر العقل في صاحبها كالفعل الضار فإنه يوجب الضمان سواء كان الفاعل عاقلاً أو لا. ومنها: أفعال يشترط في فاعلها العقل كي يعتد بها ومنها جميع العقود والالتزامات. فالأول: يتحمل فاعلها نتائجها بمجرد إنسانيته، والثاني: لا بد فيه من اجتماع أوصاف تجعله محلاّ لأهليّة الأداء .
3- مناط أهلية الإنسان اجتماع البلوغ، والعقل، والرشد، وسلامة القصد والإرادة .
4- إذا فقد الإنسان العقل لم يعتبر شيء من تصرفاته، ويضمن الجنايات والإتلافات ضمانًا ماليًّا فقط.وإذا لم يقصد الفعل أو القول لم يترتب أثر الفعل أو القول، إلا في ضمان الفعل الضار كما تقدّم .
5- الأمراض النفسية تنقسم إلى: أمراض تزيل الإدراك (العقل) أو تؤثر فيه وحكم المريض بها حكم المجنون في كل جانب يعاني هذا المرض دون جوانب تفكيره الأخرى. وأمراض تؤثر في الإرادة مع سلامة الإدراك والتمييز فيلغي تصرفه القولي في الجانب الذي تأثر بهذا المرض وأمراض تؤثر في السلوك دون العقل والإرادة فلا تأثير لها على حكم تصرفات المريض .
6- قوة الدافع والميل النفسي والتنشئة إذا لم تؤثر على العقل والاختبار بل أثرت على السلوك وكونت دافعًا قويًا على الشخص فقط فلا تأثير لها على أحكام وتصرفات المريض .
7- كل من أساء التصرف في ماله وجب الحجر عليه، ومنعه من التصرف فيه، وإقامة ولي عليه .
وختاماً فإني أسأل الله تعالى أن ينفع بما كتب , ويجعله صواباً , والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.
فهرس المراجع
الإثبات بالخبرة، عبد الناصر شنيور، دار النفائس، الطبعة الأولى، 1425هـ.
أثر الاختلالات العقلية والاضطرابات النفسية في مسائل الأحوال الشخصية، نائل قرقز، دار البيارق، الطبعة الأولى، 1419هـ.
إرواء الغليل في تخريج منار السبيل، الألباني، المكتب الإسلامي، الطبعة الثانية، 1405هـ.
أصول السرخسي، دار الفكر.
أصول المفاهيم النفسية في التراث الإسلامي، د. الزبير طه، وأحمد الحسن، مطبوع ضمن أبحاث المنهجية الإسلامية للعلوم السلوكية، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، الطبعة الأولى، 1412هـ.
إعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن القيم، دار الجيل، بيروت.
إغاثة اللهفان في حكم الطلاق لابن القيم، المكتب الإسلامي، الطبقة الثانية، 1988م.
الأمراض النفسية والأمراض العقلية، د. سناء محمد سليمان، دار عالم الكتب، القاهرة، الطبعة الأولى، 1428هـ.
الأهلية نظرية الحق، د. عبد الله العجلان، الطبعة الأولى، 1416هـ.
بحوث الفقه الطبي، عبد الستار أبو غدة، دار الأقصى، الطبعة الأولى، 1411هـ.
بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني، دار إحياء التراث العربي، 1417هـ.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد، لابن رشد، دار الفكر.
تبيين الحقائق شرح كنـز الدقائق، للزيلعي، دار المعرفة، الطبعة الأولى.
التشريع الجنائي الإسلامي، عبد القادر عودة، مؤسسة الرسالة، الطبعة الرابعة عشر، 1421هـ.
تكملة فتح القدير، لأحمد قاضي زاده، دار إحياء التراث العربي، 1406هـ.
تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي، لابن حجر، مكتبة الكليات الأزهرية.
تهذيب السنن لابن القيم، بهامش عون المعبود، دار الكتاب العربي.
تيسير التحرير، أمير باد شاه، مطبعة مصطفى الحلبي، 1350هـ.
جامع العلوم والحكم، ابن رجب، مؤسسة الكتب الثقافية، الطبعة الثاني، 1408هـ.
جمل الأحكام، الناطفي، نزار مصطفى الباز، 1418هـ.
جواهر الإكليل شرح مختصر خليل، الأبي، دار المعرفة، بيروت.
حاشية ابن عابدين، الطبعة الثانية 1386هـ.
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، للدسوقي، دار الفكر، بيروت.
الحاوي، الماوردي، دار الفكر.
رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، العثماني، دار الفكر، الطبعة الأولى.
روضة الطالبين، النووي، دار الفكر، 1415هـ.
زاد المعاد في هدي خير العباد، ابن قيّم الجوزيّة، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثالثة عشرة، 1406هـ.
سبل السلام بلوغ المرام، الصنعاني، دار الكتاب العربي، الطبعة الرابعة، 1408هـ.
سنن أبي داود، مكتبة السلام.
سنن ابن ماجه، مكتبة السلام.
سنن البيهقي الكبرى، دائرة المعارف العثمانية حيدر أباد الهند.
سنن الدار قطني، حديث أكاديمي باكستان.
سنن النسائي، دار البشائر الإسلامية.
شرح التوضيح على التنقيح لصدر الشريعة البخاري، مطبعة محمد علي صبيح، القاهرة.
شرح الزركشي على مختصر الخرقي، مكتبة العبيكان.
شرح منتهى الإرادات، البهوتي، دار الفكر.
الصحة النفسية من منظور إسلامي، صالح الصنيع، دار الفضيلة، الطبعة الأولى، 1426هـ.
صحيح مسلم، دار السلام.
الطب النفسي المعاصر، د. أحمد عكاشة، مكتبة الانجلو المصريّة.
الطب النفسي والقانون، لطفي الشربيني، المكتب العلمي بالإسكندرية، 1991م
طلاق المكره والغضبان، هاني بن عبد الله الجبير، بحث ضمن مجلة البحوث الإسلامية عدد 50.
علم الأمراض النفسية، ريتشارد سوين، ترجمة أحمد سلامة، دار النهضة العربية، القاهرة 1979م.
عوارض الأهلية، حسين خلف الجبوري، جامعة أم القرى، الطبعة الأولى، 1408هـ.
الفائق الغريب الحديث للزمخشري، دار الفكر.
فتح الباري شرح صحيح البخاري، لابن حجر، الريان، القاهرة.
فتح القدير، لابن كمال الهمام، دار إحياء التراث العربي.
الفروع، لابن مفلح، عالم الكتب، الطبعة الرابعة، 1405هـ.
فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت، الأنصاري، المطبعة الأميرية بولاق، القاهرة، 1322هـ.
القاموس الفقهي لغة واصطلاحًا، سعدي أبو جيب، دار الفكر، الطبعة الثانية، 1408هـ.
القواعد، ابن رجب، مكتبة الرياض الحديثة.
كشاف اصطلاحات الفنون، التهانوي، مطبعة النهضة المصرية، 1383هـ.
كشاف القناع عن متن الإقناع، للبهوتي، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض.
كشف الأسرار على أصول البزدوي، عبد العزيز البخاري، الطبعة الأولى.
لسان العرب، لابن منظور، دار الفكر.
مجمع الزوائد منبع الفوائد، الهيثمي، دار الفكر.
المجموع شرح المهذب، للنووي، دار الفكر.
مجموع فتاوى ابن تيمية، جمع عبد الرحمن بن قاسم، دار عالم الكتب، الرياض، 1412هـ.
المحلى لابن حزم، دار الفكر.
المدخل الفقهي العام، مصطفى الزرقا، دار القلم، الطبعة الأولى، 1418هـ.
مرآة الأصول شرح مرقاة الوصول، ملا خسرو، الطبعة الأولى.
المستدرك للحاكم، دائرة المعارف العثمانية.
مسند أحمد، المكتب الإسلامي.
مشارق الأنوار للقاضي عياض، دار الفكر.
مشكلة التحليل النفسي، محمد فتحي بك، مطبعة مصر.
معجم لغة الفقهاء، محمد قلعه جي، دار النفائس.
المعونة للقاضي عبد الوهاب، نزار مصطفى الباز.
المغني شرح الخرقي، لابن قدامة، دار هجر.
مغني المحتاج شرح المنهاج، الخطيب الشربيني، مكتبة الرياض الحديثة.
المهذب للشيرازي، دار الفكر.
الموافقات في أصول الشريعة، الشاطبي، مكتبة الرياض الحديثة.
مواهب الجليل شرح مختصر خليل، الحطاب، دار الفكر.
الموسوعة الطبيّة الفقهيّة، د. أحمد كنعان، دار النفائس، بيروت، الطبعة الأولى، 1420هـ.
الموسوعة الفقهية الميسرة، محمد رواس قلعه جي، دار النفائس، الطبعة الأولى، 1421هـ.
الموطأ للإمام مالك، دار الفكر، الطبعة الأولى، 1409هـ.
نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية، للزيلعي، الطبعة الثانية، مكتبة الرياض الحديثة.
نظرية الضمان للزحيلي، دار الفكر، 1418هـ.
نهاية المحتاج شرح المنهاج، الرملي، المكتبة الإسلامية.
الهداية شرح البداية، للميرغيناني، طبع مصر، 1355هـ.
_____________
(1) الأمراض النفسية والأمراض العقلية، د. سناء محمد سليمان ص 21 .
(2) المرجع السابق .
(3) انظر : المرجع السابق؛ الطب النفسي المعاصر، د. أحمد عكاشة،ص 17؛ مشكلة التحليل النفسي، محمد فتحي، ص 110؛ الموسوعة الطبية الفقهية، د.أحمد كنعان، ص 908؛ أصول المفاهيم النفسية في التراث الإسلامي، د.الزبير طه، وأحمد الحسن ص 259 ضمن أبحاث المنهجية الإسلامية للعلوم السلوكية .
(4) كشف الأسرار على أصول البزدوي، عبد العزيز البخاري، (4 /263 ) .
(5) كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي ( 1 / 380 ) .
(6) القدرات العقلية، خليل ميخائيل معوض، بواسطة الأمراض النفسية والعقلية، سناء سليمان ص 24 .
(7) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، للزيلعي ( 5 / 195 )
( كشاف اصطلاحات الفنون (2/380)؛ كشف الأسرار (2/264).
(9) عوارض الأهلية عند الأصوليين لحسين خلف الجبوري ص197 .
(10) شرح التوضيح (2/191)؛ فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت (1/164).
(11) جواهر الإكليل شرح مختصر خليل .
(12) مرآة الأصول شرح مرقاة الوصول، ملا خسرو ص349 .
(13) كشاف اصطلاحات الفنون (1/656).
(14) معجم لغة الفقهاء ص85 .
(15) انظر: المدخل الفقهي العام تأليف : مصطفى الزرقا (2/788) .
(16) المرجع السابق، وانظر: تيسير التحرير (2/249)؛ عوارض الأهلية حسين الجبورى ص114؛ الأهلية ونظرية الحق لعبد الله العجلان ص23 .
(17) القاموس الفقهي سعدي أبو جيب ص41 .
(18) الهداية شرح البداية (3/284)، كشاف القناع (3/443)، المحلى لابن حزم (1/125) .
(19) انظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (3/293)؛ نهاية المحتاج (4/347)؛ والمراجع السابقة .
(20) بواسطة: كشاف القناع (3/443) .
(21) فتح الباري شرح صحيح البخاري (5/277) .
(22) سنن أبي داود(4387)، سنن ابن ماجه(2041)؛ سنن النسائي (7/156)؛ مسند أحمد (6/117)، المستدرك للحاكم (2/59) وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا. مجمع الزوائد (6/251)، نصب الراية (4/164) وقد صححه الألباني في إرواء الغليل (2/4).
(23) انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية (10/345) .
(24) القاموس الفقهي ص258 .
(25) التلويح على التوضيح للتفتازاني(2/167)؛ عوارض الأهلية للجبوري ص169 .
(26)موسوعة الطب النفسي،عبدالمنعم خفاجي،2\1067
(27) انظر: كشاف القناع (4/444)؛ قوانين الأحكام الشرعية لابن جزى ص349؛ روضة الطالبين للنووي(4/180) .
(28) انظر: المدخل الفقهي العام (2/820)؛ عوارض الأهلية لحسين الجبوري ص417 .
(29) انظر: جامع العلوم والحكم لابن رجب ص376، زاد المعاد (5/205)، القواعد لابن رجب ص322 .
(30) روضة الطالبين للنووي (4/177)؛ جمل الحكام للناطفي ص252، رحمة الأمة في اختلاف الأئمة ص271 .
(31) تيسير التحرير (2/420)؛ مغنى المحتاج للشربيني (1/432) .
(32) الحاوي للماوردي (9/132)؛ مواهب الجليل للحطاب (5/307)؛ شرح الزركشي على مختصر الحزقي (5/98) .
(33) أصول السرخسي (2/340) .
(34) مجموع فتاوى ابن تيمية (10/345) .
(35) بداية المجتهد لابن رشد (2/138)؛ المجموع المهذب للنووي (13/380) .
(36) إعلام الموقعين (3/95،105،121) .
(37) بدائع الصنائع (3/159)؛ حاشية الدسوقي (2/365)؛ مغني المحتاج (3/279)؛ شرح منتهى الإرادات (3/120) .
(38) بدائع الصنائع (3/158)؛ فتح القدير لابن الهمام (3/315).
(39) المعونة للقاضي عبد الوهاب (2/80)؛ بداية المجتهد (3/345) .
(40) روضة الطالبيين (7/21)؛ مغنى المحتاج (3/279) .
(41) المغني لابن قدامة (10/346)، شرح منتهى الإرادات (3/120) .
(42) بدائع الصنائع (3/158)؛ فتح القدير لبن الهمام (3/345) .
(43) المهذب (2/77) .
(44) المغني (10/347)؛الفروع لابن مفلح (5/367) .
(45) المحلى لابن حزم (10/208) .
(46) فتح القدير لابن الهمام (3/346) .
(47) مجموع فتاوى ابن تيمية (33/106) .
(48) الموطأ (1588)؛ سنن الدار قطني (3/166)؛ سنن البيهقي الكبرى (8/312) قال ابن حجر: منقطع وفي صحته نظر.التلخيص الحبير (4/83)، وضعفه الألباني في إرواء الغليل (8/46).
(49) المحلى (10/209).
(50) صحيح مسلم (1322) .
(51) سبل السلام للصنعاني (4/14) .
(52) انظر: جامع العلوم والحكم ص376، تكملة فتح القدير (8/166) طلاق المكره والغضبان لهاني الجبير بحث في مجلة البحوث الإسلامية العدد50 .
(53) زاد المعاد لابن القيم (5/215)؛إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان ص39؛ كشاف القناع (5/235)، حاشية ابن عابدين (2/427) .
(54) انظر: طلاق المكره والغضبان بحث بمجلة البحوث الإسلامية العدد 50 ص348 .
(55) مسند أحمد (6/276)؛ سنن أبي داود (2193)؛ سنن ابن ماجه (2046)؛ المستدرك للحاكم (2/198)؛سنن الدار قطني (4/36) والحديث حسن. )((56)إرواء الغليل برقم (2047).
(57) انظر: مشارق الأنوار للقاضي عياض (1/134)؛ الفائق في غريب الحديث للزمخشري (3/72)؛ تهذيب السنن لابن القيم (6/187)؛ لسان العرب(5/383) .
(58) إعلام الموقعين (3/94) .
(59) انظر: علم الأمراض النفسية، ريتشارد سوين، ترجمة أحمد سلامة ص 71؛ الطب النفسي المعاصر أحمد عكاشة ص 67.
(60) انظر: التشريع الجنائي الإسلامي عبد القادر عودة (1/585)؛ أثر الاختلالات العقلية والاضطرابات النفسية في مسائل الأحوال الشخصية ص 39.
(61) الأمراض النفسية والعقلية د. سناء محمد سليمان ص 25.
(62) مجموع فتاوى ابن تيمية (10/346)؛ وانظر: الموافقات للشاطبي (2/153).
(63) القرارات القضائية في الأحوال الشخصية لعبد الفتاح العمرو بواسطة: أثر الاختلالات العقلية والاضطرابات النفسية ص 38.
(64) التشريع الجنائي الإسلامي لعبد القادر عودة (1/588)؛ الموسوعة الفقهيّة الميسّرة لمحمد رواس قلعه جي (1/652).
(65) انظر: الطب النفسي المعاصر لأحمد عكاشة ص 16؛ الصحة النفسية من منظور إسلامي صالح الصنيع ص 13؛ بحوث في الفقه الطبي عبد الستار أبو غدة ص 135.
(66) التشريع الجنائي الإسلامي (1/592).
(67) مجموع فتاوى ابن تيمية (31/384).
(68) الإثبات بالخبرة، عبد الناصر شنيور ص 219.
(69) انظر: كشاف القناع للبهوتي (5/235)؛ جامع العلوم والحكم ص 148؛ الطب النفسي والقانون لطفي الشربيني ص 108.
(70) المغني لابن قدامة (11/482)؛ التشريع الجنائي الإسلامي، عبد القادر عودة (1/589)؛ الطب النفسي والقانون، لطفي الشربيني، ص 108.
(71) المغني لابن قدامة (11/599)؛ نظرية الضمان للزحيلي ص 324.
(72) المغني لابن قدامة (11/498).
الموضوع الأصلي :
موضوع: آثار تصرفات المرضى النفسيين الكاتب :
عبد النورالمصدر :
منتديات طموح الجزائر