درس في الكهرباء السياسية
قد نحتاج الى خبير كهربائي لتحديد مفهوم علمي للفواصل المنصهرة ، ولا أكذب الله فعلمي بهذا الشيئ يوشك أن يكون هلاميا منذ أيام الدراسة ...
فالفواصل المنصهرة هي تلك القطعة التي تُثبت في أي دارة كهربائية لحماية الجهاز من ارتفاع التيار الذي
قد يعرضه .. للتلف أوالعطب ..
لا أستطيع أن أجزم يقينا أن حكامنا في البلاد العربية والقائمين على تلك الانظمة التي أعلنت إفلاسها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ، كانوا قبل أن يستووا على كراسيهم .. خبراء كهربائين أو لهم صلة بالكهرباء ...
ومن السذاجة السياسية أن نختصر الانظمة العربية في تلك الظلال الآدمية التي نصطلح على تسميتها بالحكام العرب ..
بل من الخطأ البَيّنِ أن يصبح تحرك الشارع العربي والاسلامي من أجل الاطاحة برجل وجد نفسه بقدرة قادر يتحكم في الرقاب والأموال ويتصرف فيها كأنه وصي عنها لا ينازعه في ذلك الحق منازعٌ ولو بصفة المشاورة ...
أشعر برغبة في الإنطواء على نفسي بعيدا عن أعين الناس وأنا أتابع ذلك الفرح الساذج الذي يجتاح القلوب والعيون .. تنقله لنا أبواق الإعلام المأجور .. في أثواب ربيعية الألوان بادية السفور ..
فرح .. يتهافت عليه السذج والمغفلون ….
فرح .. هو أشبه بفرح الاطفال بهدية في يوم عيد
فرح يملأ المكان ويستغرق شيئا من الزمن غير يسير .. ، توحي فيه تلك الآلهة المعبودة .. في القرن الواحد والعشرين الى عبيدها أن الوقت قد حان لتغيير الفاصلة المنصهرة .. لحماية الكيان والدارة السياسية من الاحتراق تحت ضغط التيار العالي .. خلف أسوار دار الندوة ..
وفي نفس اللحظة والزمان .. وفي نفس المكان .. تَسرقُ تلك الفواصل الساسية المنصهرة الابتسامة البريئة في صمت وخلسة .. من جفون البسطاء في هذه الأمة المغلوبة على أمرها ..
منذ زمن بعيد لم يتغير شيئ في حياة الناس ..كل ما تغير هو الأسماء والأسماء وحدها فقط ..
وقد تتغير الوجوه بين الفينة والأخرى حفاظا على تلك النُّظم من ارتفاع الضغط في الشارع العربي ..
ويطلع علينا في كل مرة وجه قد ألفنَاهُ .. وحفظنا تقاطيعه وتجاعيده .. ليبشرنا أن المرحلة القادمة تتطلب إعادة النظر في كثير من الفواصل المنصهرة والتي لم تعد تصلح لحماية الجهاز من خطر ارتفاع التيار ..
فالحكومة فاصلة منصهرة ..
وأعضاء البرلمان فواصل تعمل بنفس الآلية والطريقة التي تعمل بها الحكومة
وشخص الحاكم أو من يقوم مقامه أهم فاصلة في النظام والجهاز كلّه
واستجابة لمتطلبات المرحلة القادمة نفسها .. فلا بد من تغيير جذري في الدارة الكهربائية السياسية كلها
و قد نظطر الى تغيير كثير من تلك الفواصل المنصهرة .. وربما تغييرها بالكلية سيكون أنفع لحماية النظام والجهاز معا ... لكي يُؤدي عمله بشكل أحسن من ذي قبل
اعترف صراحة أن التطور والثبات في حياة الناس مسألة معقدة ... ومعقدة جدا
فقد نحتاج الى التطور والتغيير في كل شيئ .. الا في المبادئ والافكار والقيم ..
وعندما نعلن إفلاسنا الفكري .. يصبح التطور في تصورنا محصورا في تغيير تلك الفواصل السياسية
والحقيقة التي يتهرب منها كثير من المثقفين والمفكرين أن الامة في حاجة الى جهاز جديد .. والى دارة كهربائية جديدة .. والى نظام جديد .. وأن الصراع في جوهره لا يمثل أحد قطبيه .. مسؤول بعينه أوحاكم بأمره .. أو شخص في شكله وذاته .. إنما هو صراع
بين نظامين مختلفين
وجهازين مختلفين
ومنهجين على طرفي نقيض
صراع بين فكرة وفكرة
وحق وباطل
وحقيقة مُغَيَّبَة عن عقول النَّاس .. وأخرى فرضتها تلك النظم الآيلة الى السقوط بحكم التقادم والإفلاس
وقد يُخَيَّلُ إلينا في لحظة من الزمن أن تغيير الحكام أو سمهم ما شئت أن تسمهم - إن وافقتني الرأي
في كونهم ليسوا أكثر من فواصل منصهرة - سيحل كثيرا من مشاكل مجتمعاتنا العربية والاسلامية ... وقد تسألني ولما لا ... ؟
فاستطيع أن أقول لك بشيئ من ثقة كبيرة وصراحة أكبر ..
سيدي الفاضل إن جهازك معطَّلٌ عن استيعاب فكرة الصراع في أوطاننا العربية والاسلامية
ونحتاج الى درس جديد بثوب جديد ومعانٍ متجددة لنشرح من خلاله ..
حقيقة الصراع في أوطاننا العربية والاسلامية
فتابع معنا الدرس القادم إن شاء الله
تحية طيبة بقوة التيار المتدفق في قلوبكم لتغيير أوضاعنا المزرية
كتبه تحت الضغط العالي ... أخوكم سراي علي من الجزائر
الــــــــى الملتقى
الموضوع الأصلي :
درس في الكهرباء السياسية الكاتب :
عبد النورالمصدر :
منتديات طموح الجزائر