يبدو
أن كلمات الإعجاب والحب التي كانت تدغدغ مشاعر الفتيات فقدت تأثيرها
السحري، وهو ما جعل كثيرا من الشباب يلجئون هذه الأيام لاستخدام العبارات
الدينية الأكثر تأثيرا في بداية أي علاقة ارتباط، أولها: عفوا لا أصافح
الفتيات، وآخرها: سأتقي الله فيك وأعاملك كما كان الرسول الكريم يعامل
زوجاته..
ولكن
عند أول اختبار لأخلاق الخطيب المقبل على الزواج، أو رفض الفتاة لرغباته
التي قد تتعارض مع الدين يظهر حقيقة التزامه، ونجده يتحول للنقيض معلقا
أخطاءه على شماعة الظروف المادية، تاركا خلفه قصة عاطفية بدأت بـقوله"كتير
بسأل نفسي قد كده ربنا راضي عني عشان كده رزقني بإنسانه زيك"، وانتهت
بـقولها "يا منجي من المهالك يااااااااااالله".
سقطات اللسان
"انتبهي عزيزتي لسقطات لسان عريسك في الغضب والفرح"..
كانت
هذه نصيحة الحاجة "سعادة" لحفيدتها "ريم" حينما لمحت شحوب وجهها بعد
خطبتها على "خالد"، وعندما سألتها أجابت "ريم" من فورها: أشعر أنه غريب
عني!! في الماضي كان كتابا مفتوحا أمامي يروي لي سير الصحابة، ويثني على
عدم خروجي بمفردي، وقربي من أسرتي التي يتمنى أن يكون فردا منها، صحيح كان
يتحفظ على بعض ملابسي إلا أننا اتفقنا على أن أرتدي ملابس أوسع بعد الزواج.
سكتت
لحظات ثم أردفت: كان يعاملني كأميرة.. فحناني يشبه حنان الأم، ووقوفي
بجانبه وإيماني بطموحه وإقناع أهلي بظروفه المادية يجعلني جديرة به، لكن
بعد الخطبة تحول للنقيض في أسلوب حديثه وطلباته التي لا تتفق مع التزامه،
حتى اتهمني بالسلبية لعدم تذمري على رفض أمي خروجنا بمفردنا وتحادثنا
هاتفيا لأوقات متأخرة.
ومع
اقتراب موعد الزفاف فوجئت ريم بخالد يطالبها بأن تكتب له تنازلا عن مؤخر
الصداق وقائمة المنقولات دون علم أهلها، لتثبت له أنها تحبه لذاته من
ناحية.. ولأن طلب أسرتها يعتبره تشكيكا في حسن نيته من ناحية أخرى، علما
بأنه لم يحضر إلا غرفة صغيرة فقط!! عندها تذكرت ريم نصيحة جدتها وأدركت أن
شخصية الإنسان الحقيقية تظهر في سقطات لسانه التي طالما غضت الطرف عنها.
إنسان بلا مبدأ
رفضت
"هند" طلب "كريم" بارتداء ثياب سبق أن منعها من ارتدائها، وقالت له:
المبدأ واحد ما دامت ثيابا لافتة للنظر فلا يصح أن أرتديها عند الخروج معك!
ثار
كريم واتهمها بالبرود وبأنها لا تحترم مشاعره ولا تثق فيه، وعندما رفضت أن
يمسك يدها فاجأها بقوله في سخرية أهانتها "يتمنعن وهن الراغبات".
قارنت
"هند" بين تصرفاته في بداية تعارفهما حتى هذه اللحظة، "عمل المرأة حرام"،
"أريدها شخصية قوية مع الناس ومعي أمينة وأنا سي السيد"، "لا أسمح لأي فتاة
أن تعزمني ولكن منك الأمر له طعم آخر"، "لو قلت أسلفك فلوس تبقى بتشتميني
بس المرة دي سماح"، "مش خطيبة كريم اللي تلبس بنطلون"، ثم "أول ما أعجبني
فيك أنك استايل"، "لا أؤمن بالأبراج"، ثم "مشكلتي إن عيني زايغة كما يقول
برجي"، "عفوا لا أسلم على بنات والآن يريد الإمساك بيدي".
تساءلت "هند": إذا كان هذا حاله قبل خطبتنا فكيف أأتمنه على نفسي وهو إنسان بلا مبدأ؟!
عفوا أنا لا أكسر
أخيرا
أدركت "مريم" أن طموح "حازم" ومشاعره الفياضة واحترامه لمشاعرها وإدخالها
في كل تفاصيل حياته، والتي كانت كفيلة بتعويضها عن أي اختلافات مادية
بينهما، لم تكن إلا ستارا يخفي خلفه تمردا وعصيانا على واقعه، بل حالة من
عدم الانضباط النفسي وعدم القدرة على تحمل المسئولية، فهو الآن يمارس عليها
عدة ضغوط نفسية، ويقلل من شأنها أمام الجميع على الرغم من كلام الحب
المغلف بالعبارات الدينية المنمقة التي كان يمطرها بها ليل نهار، وكلما حدث
بينهما خلاف رجع قائلا: وماذا نكون نحن فقد كان الرسول يغضب من زوجاته، من
غيرك يتحمل طباعي الصعبة.. فداك نفسي.
لكل كلمة معنى ومغزى
عن
مشاعر الفتيات وتأثرهن بمقولات الشباب يحدثنا المدرب "نهاد رجب" مؤسس
الشبكة العربية للتنمية البشرية وأول مدرب عربي في فن الإقناع والتأثير
بالتنويم الضمني:
في
الوقت الذي تحافظ فيه كل فتاة ملتزمة على مبادئها وقيمها، تظل محتفظة
بمشاعر تخشى من إظهارها لمن لا يستحق، وبالتالي تنجذب للإنسان الملتزم الذي
يعدها بالزواج، وهو الوتر الحساس الذي يلعب عليه كثيرون، وبعد فترة وعند
وقوع الشاب في خطأ لا يتفق مع التزامه المزعوم يبدأ في إبداء المبررات،
أولها: أعلم أن الإمساك بيدك خطأ وحرام، لكن الله أعلم بالنوايا فأنا لن
أتركك، وإذا جاء حديث عن الزواج العرفي مثلا قال معاذ الله كيف يرضى الرجل
على الإنسانة التي ائتمنته على نفسها هذا الوضع المشين؟!! ولا مانع من أن
يمتنع عن محادثتها لعدة أيام عقابا وتأديبا لنفسه، ويقول أشعر أن الله لن
يبارك لي فيك لماذا نستعجل الحلال وأكون سببا في إبعادك عن الله، وعند
تكرار الخطأ أو تماديه في أخطاء أخرى يقول ماذا أفعل لا أستطيع التحكم في
مشاعري فأنت أول من حركها!
ولكي
لا تقع الفتاة الملتزمة في شرك إنسان يتظاهر بالتدين عليها -كما ينصح مدرب
التنمية البشرية- أن تعرف أن الفطرة ثابتة، والمبادئ مكتسبة تتغير نتيجة
الملل أو الإلحاح، وأن طرق التأثير الضمني على الإنسان كثيرة، أهمها: "عادة
الموافقة على القيم"، أي موافقة الشاب على كلام الفتاة والتحدث في القضايا
العامة، فتنشأ بينهما ألفة وانسجام يجعلها مستعدة لقبول أي اقتراح من
الإنسان الذي تألفه، حتى إن كان مخالفا لقيمها، كأن يقول الشاب للفتاة: "لم
أتوقع أن أشتاق لرؤية فتاة مثلك، أن أتحدث مع الفتاة التي لم يتمكن أي شاب
في المجموعة من محادثتها، لماذا تحرمينا من مقابله لنصف ساعة في مكان عام
كأي اثنين ناضجين وندرس علاقتنا ببعض"، أو: "أحيانًا نرفض أشياء أساسية في
حياتنا لأسباب غير وجيهة ونحن نريدها وبعدها نندم هل حدث هذا معك؟"، ثم
يقول: "عندي طلب منك وأرجو ألا ترفضي.. إذا شعرت أنك بحاجة لمقابلتي في أي
مكان عام كحضور ندوة أو حتى الذهاب لدار أيتام لا تترددي في إخباري".
ويستمر
مدرب الإقناع: ثم تأتي طريقة "زرع الأفكار على مراحل": "لا أدري هل تشعرين
بمدى ارتياحي لك"، "نحن بحاجة لرؤية من نرتاح لوجودهم لكي تقوى علاقتنا
بهم.. ألا توافقينني الرأي"؟ وفي النهاية: "ما رأيك أن نتقابل صدفة في ندوة
الكاتب فلان أو معرض...؟"
زرع الشك
ويشرح
المدرب: إذا رفضت الفتاة يتجه الشاب لطريقة "زرع الشك" فيقول: "هل أي فتاة
تتحدث مع شاب تكون غير مؤدبة؟ ها نحن نتحدث هل في كلامنا ما نخجل منه أو
يحاسبنا الله عليه؟"..
هنا
إما أن تكون الفتاة أكثر جرأة فهي لا تفعل شيئًا خطأ، أو تشك في نفسها هل
هي مؤدبة أم لا فتبتعد بالكلام عن منطقة الأدب وتتجه لسبب آخر، هنا لا
يعارضها الشاب فهذا يعني أنها يمكن أن توافق بعد فترة؛ لذا يجب على الفتاة
التمسك بموقفها حتى يشعر الشاب بقوة شخصيتها وثقتها من نفسها فيبتعد عنها.
وأخيرًا
يحذر "نهاد رجب" من طريقة "رواية القصص" فالعقل يستقبلها ويتأثر بها أسرع
من أي طريقة أخرى، حيث يبدأ الشاب في سرد قصص تعني أنه ولد محترم جدا ولا
يتعرف إلا على الفتيات المحترمات ذوات العقول الراجحة، وأنهن يوافقن على أي
طلب منه.
ولأن
كل فتاة تحتاج لرجل بمعنى الكلمة نجدها تتأثر بالفتى الشجاع القوي ذي
السلطة المحترم ممن حوله، أو الشاب الملتزم الذي تعرض لأزمة عاطفية بسبب
فتاة لم تقدر طموحه وحبه وخوفه واحترامه للإنسانة التي سيرتبط بها، وهذا
أيضا من خلال سرد القصص، وبالتالي تتمنى أن تحظى هي بهذا الإنسان النبيل،
دون أن تعرف أنها ستكون هي الأخرى، إذا لم تتمسك بدينها ومعتقداتها بطلة
لقصة عاطفية يرويها نفس الشاب لفتاة أخرى!!
الموضوع الأصلي :
العبارات الدينية.. المفتاح الجديد لقلوب البنات الكاتب :
المدير{ع~المعز}العامالمصدر :
منتديات طموح الجزائرالمدير{ع~المعز}العام : توقيع العضو
|