الواجبات في الحج
الواجبات في الحج قسمان : قسمٌ لا يصحُّ الحجُّ بدونها، وقسمٌ يصح الحج بدونها.
فالتي لا يصح بدونها تُسمى الأركان، وهي :
1
ـ الإحرام وهو نية الدخول في الحج لقول الرسول صلى الله عليه وسلّم: «
إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى»، ووقته من دخول شهر شوال
لقول الله تعالى : {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَـتٌ
فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ
فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ
وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يأُوْلِي
الأَلْبَـبِ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَـتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ
رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ
خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ
التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يأُوْلِي الأَلْبَـبِ }، وأول هذه الأشهر شوال، وآخرها آخر ذي الحجة.
وأمكنة الأحرام المُعينة خمسة وهي :
* ذو الحليفة ( وتسمى أبيار علي ) لأهل المدينة.
* الجحفة ( وهي قرية قرب رابغ ) وقد خَربت، فجعل الإحرام من ( رابغ ) بدلاً عنها لأهل الشام.
* يلملم ( وهو جبل أو مكان في طريق اليمن إلى مكة ) لأهل اليمن، وتُسمى ( السعدية ).
* قرن المنازل ( ويسمى السيل ) لأهل نجد.
* وذات عرق ( وتسمى الضريبة ) لأهل العراق.
من مر بهذه المواقيت فهي ميقات له وإن لم يكن من أهلها.
2 ـ الوقوف بعرفة لقول الله تعالى : {فَإِذَآ
أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَـتٍ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ
الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُمْ مِّن قَبْلِهِ
لَمِنَ الضَّآلِّينَ أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَـتٍ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ
عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُمْ
مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ }، ولقول النبي صلى الله عليه وسلّم : « الحج عرفة، من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك».
ووقته
من زوال الشمس من اليوم التاسع من ذي الحجة إلى طلوع الفجر من اليوم
العاشر، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم وقف بعد زوال الشمس وقال : « من
جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك».
وقيل : يبتدىء وقته من طلوع
الفجر من اليوم التاسع، ومكانه عرفة كلها لقول النبي صلى الله عليه وسلّم
: « وقفت ههنا وعرفة كلها موقف».
3 ـ الطواف بالبيت لقوله تعالى : {وَلْيَطَّوَّفُواْ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ }،
ولأن النبي صلى الله عليه وسلّم قال حين أخبر بأن صفية حاضتَ : « أحابستنا
هي ؟» فقالوا : يا رسول الله إنها قد أفاضت وطافت بالبيت ثم حاضت بعد
الإفاضة ! قال : « فلتنفر إذن»، فقوله : أحابستنا هي ؟ دليلٌ على أن طواف
الإفاضة لا بد منه وإلا لَمَا كان سبباً لحبسهم، ولهذا لما أُخبر بأنها
طافت طواف الإفاضة رخص لها في الخروج.
ووقته بعد الوقوفِ بعرفة ومزدلفة لقوله تعالى : {ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُواْ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ }، ولا يكون قضاء التفث ووفاء النذور إلا بعد الوقوف بعرفة ومزدلفة.
4 ـ السعي بين الصفا والمروة لقوله تعالى: {إِنَّ
الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ
أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن
تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ الصَّفَا
وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ
اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ
خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ }، ولقول ابن عباس رضي
الله عنهما : ثم أَمرنا ـ يعني رسول الله صلى الله عليه وسلّم ـ عشية
التروية أن نُهل بالحج، فإذا فَرَغنا من المناسك جِئنا فَطُفنا بالبيت
وبالصفا والمروة، وقد تم حجنا. وقال النبي صلى الله عليه وسلّم لعائشة رضي
الله عنها : « يجزىء عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك». وقالت
عائشة رضي الله عنها : ما أتم الله حج امرىء ولا عُمرته لم يطف بين الصفا
والمروة.
ووقته للمتمتع بعد الوقوف بعرفة ومزدلفة وطواف الإفاضة، فإن
قدّمه عليه فلا حرج، لا سيما إن كان ناسياً أو جاهلاً، لأن النبي صلى الله
عليه وسلّم سأله رجلٌ : سعيت قبل أن أطوف ؟ قال : « لا حرج».
وأما القارن والمفرد فلهما السعي بعد طواف القدوم.
فهذه الأربعة : الإحرامُ، والوقوف بعرفة، وطواف الإفاضة، والسعي بين الصفا والمروة لا يصح الحج بدونها.
وأما الواجبات التي يصح الحج بدونها فتسمى اصطلاحاً بـ ( الواجبات ) وهي :
1
ـ أن يكون الإحرام من الميقات المُعتبر شرعاً، لقول النبي صلى الله عليه
وسلّم : « يُهل أهل المدينة من ذي الحليفة...» إلى آخر الحديث. وهو خَبَرٌ
بمعنى الأمر، بدليل الرواية الثانية عن ابن عمر رضي الله عنهما حين سُئل :
من أين يجوز أن أعتمر ؟ قال : فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلّم لأهل
نجد قرناً... إلى آخره.
والروايتان في « البخاري» عن ابن عمر رضي الله عنهما.
2
ـ استمرار الوقوف بعرفة إلى غروب الشمس يوم التاسع من ذي الحجة، لأن النبي
صلى الله عليه وسلّم وقف إلى الغروب وقال : « لتأخذوا عني مناسككم»، ولأن
في الدفع قبل الغروب مشابهة لأهل الجاهلية، فإنهم كانوا يَدفعون قبل غروب
الشمس.
3 ـ المبيت بمزدلفة ليلة عيد النحر، لقوله تعالى : {فَإِذَآ
أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَـتٍ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ
الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُمْ مِّن قَبْلِهِ
لَمِنَ الضَّآلِّينَ }، ووقته إلى صلاة الفجر، لقول النبي صلى الله
عليه وسلّم لعروة بن مضرس رضي الله عنه : « من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا
حتى ندفع وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه».
ويجوز
الدفع في آخر الليل إلى منى للضعفة من النساء والصبيان ممن يشق عليهم زحام
الناس ليرموا الجمرة قبل وصول الناس إلى منى؛ لأن ابن عمر رضي الله عنهما
كان يُقدّم ضعفة أهله فمنهم من يَقدُم منى لصلاة الفجر، ومنهم من يَقدُم
بعد ذلك، فإذا قَدمُوا رَموا الجمرة، وكان يقول : أَرخَصَ في أولئك رسول
الله صلى الله عليه وسلّم.
وكانت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما (
تنتظر حتى يغيب القمر ثم ترتحل إلى منى فترمي الجمرة، ثم ترجع فتصلي الصبح
في منزلها، وتقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أذن للظُعُنِ )
أخرجهما البخاري في « صحيحه». ومزدلفة كلها موقف، ويجب على الحاج أن يتأكد
من حدودها لئلا ينزل خارجاً عنها.
4 ـ رمي جمرة العقبة يوم العيد، ورمي الجمرتين الأُخريين معها في أيام التشريق في أوقاتها، لقوله تعالى : {وَاذْكُرُواْ
اللَّهَ فِى أَيَّامٍ مَّعْدُودَتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِى يَوْمَيْنِ فَلاَ
إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى
وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}.
والأيام المعدودات : أيام التشريق.
ورمي
الجمار من ذكر الله تعالى لقول النبي صلى الله عليه وسلّم : « إنما جُعل
الطواف بالبيت، وبالصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله».
5 ـ
الحلق أو التقصير للرجال، والتقصير فقط للنساء، لقول النبي صلى الله عليه
وسلّم : « ليس على النساء الحلق، إنما على النساء التقصير».
6 ـ
المبيت بمنى ليلتين، ليلة إحدى عشرة وليلة اثنتي عشرة لمن تعجل، فإن تأخر
فليلةَ ثلاثَ عشرة أيضاً، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم بات بها، وقال :
« لتأخذوا عني مناسككم».
وروى ابن عمر رضي الله عنهما أن العباس بن
عبدالمطلب رضي الله عنه استأذن من النبي صلى الله عليه وسلّم أن يبيت بمكة
ليالي منى من أجل سقايته فأذن له.
وفي لفظ : فرخص له.
والتعبير بالرخصة دليل على وجوب المبيت لغير عذر.
فهذه الأمور الستة واجبة في الحج، لكن الحج يصح بدونها.
وفي تركها عند الجمهور من العلماء فدية شاة أو سُبع بدنة أو سُبع بقرة تُذبح في مكة وتُعطى فقراء أهلها، والله أعلم.
فأما
طواف الوداع فهو واجب على كل من خرج من الحجاج من مكة إلى بلده، لقول ابن
عباس رضي الله عنهما : « أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه
خُفف عن الحائض».
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه طاف بالبيت حين خُروجه من مكة في حَجة الوداع
الموضوع الأصلي :
الواجبات في الحج الكاتب :
المدير{ع~المعز}العامالمصدر :
منتديات طموح الجزائرالمدير{ع~المعز}العام : توقيع العضو
|