الحمد لله
"إذا
عزم المسلم على السفر إلى الحج أو العمرة استحب له أن يوصي أهله وأصحابه
بتقوى الله عز وجل ، وهي : فعل أوامره ، واجتناب نواهيه .
وينبغي أن
يكتب ما له وما عليه من الدين ، ويشهد على ذلك ، ويجب عليه المبادرة إلى
التوبة النصوح من جميع الذنوب ؛ لقوله تعالى : (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ
جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) النور/31.
وحقيقة
التوبة : الإقلاع من الذنوب وتركها ، والندم على ما مضى منها ، والعزيمة
على عدم العود فيها ، وإن كان عنده للناس مظالم من نفس أو مال أو عرض ردها
إليهم ، أو تحللهم منها قبل سفره ؛ لما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال
: (من كانت عنده مظلمة لأخيه من مال أو عرض فليتحلل اليوم قبل أن لا يكون
دينار ولا درهم ، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته ، وإن لم تكن له
حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه) .
وينبغي أن ينتخب لحجه وعمرته
نفقة طيبة من مال حلال ؛ لما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إن
الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا) ، وروى الطبراني عن أبي هريرة رضي الله
عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا خرج الرجل حاجا بنفقة
طيبة ووضع رجله في الغرز فنادى : لبيك اللهم لبيك ، ناداه مناد من السماء
: لبيك وسعديك ، زادك حلال ، وراحلتك حلال ، وحجك مبرور غير مأزور . وإذا
خرج الرجل بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز فنادى : لبيك اللهم لبيك ،
ناداه مناد من السماء : لا لبيك ولا سعديك ، زادك حرام ، ونفقتك حرام ،
وحجك غير مبرور) .
وينبغي للحاج الاستغناء عما في أيدي الناس والتعفف
عن سؤالهم ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (ومن يستعفف يعفه الله ، ومن
يستغن يغنه الله) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : (لا يزال الرجل يسأل الناس
حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم) .
ويجب على الحاج أن يقصد
بحجته وعمرته وجه الله والدار الآخرة ، والتقرب إلى الله بما يرضيه من
الأقوال والأعمال في تلك المواضع الشريفة ، ويحذر كل الحذر من أن يقصد
بحجه الدنيا وحطامها ، أو الرياء والسمعة والمفاخرة بذلك ، فإن ذلك من
أقبح المقاصد وسبب لحبوط العمل وعدم قبوله ، كما قال تعالى : (مَنْ كَانَ
يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ
أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ
الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا
صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) هود/15-16 . وقال
تعالى : (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا
نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا
مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا
سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا)
الإسراء/18-20 .
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : قال الله تعالى : (أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه) .
وينبغي له أيضا أن يصحب في سفره الأخيار من أهل الطاعة والتقوى والفقه في الدين ، ويحذر من مصاحبة السفهاء والفساق .
وينبغي
له أن يتعلم ما يشرع له في حجه وعمرته ، ويتفقه في ذلك ويسأل عما أشكل
عليه ؛ ليكون على بصيرة ، فإذا ركب دابته أو سيارته أو طائرته أو غيرها من
المركوبات استحب له أن يسمي الله سبحانه ويحمده ، ثم يكبر ثلاثا ، ويقول :
(سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ *
وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ) الزخرف/13-14. اللهم إني أسألك
في سفري هذا البر والتقوى ، ومن العمل ما ترضى ، اللهم هون علينا سفرنا
هذا ، واطو عنا بعده ، اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل ،
اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر ، وكآبة المنظر ، وسوء المنقلب في المال
والأهل ؛ لصحة ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أخرجه مسلم من حديث ابن
عمر رضي الله عنهما .
ويكثر في سفره من الذكر والاستغفار ، ودعاء الله
سبحانه ، والتضرع إليه ، وتلاوة القرآن وتدبر معانيه ، ويحافظ على الصلوات
في الجماعة ، ويحفظ لسانه من كثرة القيل والقال ، والخوض فيما لا يعنيه ،
والإفراط في المزاح ، ويصون لسانه أيضا من الكذب والغيبة والنميمة
والسخرية بأصحابه وغيرهم من إخوانه المسلمين .
وينبغي له بذل البر في أصحابه ، وكف أذاه عنهم ، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة على حسب الطاقة" انتهى .
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
"مجموع فتاوى ابن باز" (16/32- 37) .
الموضوع الأصلي :
نصائح للحاج قبل سفره إلى الحج الكاتب :
المدير{ع~المعز}العامالمصدر :
منتديات طموح الجزائرالمدير{ع~المعز}العام : توقيع العضو
|