أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـات بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا .
غني عن القول أنَّ السنة النبوية تمثل مرجعية عليا في التربية والتعليم ، فضلاً عن كونها مرجعيةً رئيسة في الأحكام والعقائد ، ولهذا فلا بد أن تشتمل السنة على ما يخدم هذه الغاية ، وأقصد بذلك اشتمالها على أساليب تحقق التربية وتثري التعليم ، وتضع القواعد ، وترسم المعالم للمشتغلين في هذا السبيل ، من خلال المواقف والتوجيهات والأساليب الوافرة المتنوعة في هذا الباب ، والمتتبع لأحاديث النبي (صلى الله عليه وسلم ) يلاحظ هذا الأمر جلياً فيها ، بل إنني أزيد بأن السنة النبوية الشريفة قد اشتملت على وسائل في التربية والتعليم لا زالت حتى الآن هي من أنجع الوسائل . ولست هنا بصدد حصر هذه الأساليب لأن هذا ليس مكانه ،وهو أمر ليس بالهين، بل أريد أن أركز في بحثي هذا على أساليب التشويق وإثارة الانتباه التي اشتملت عليها الأحاديث النبوية ، وأقصد بهذا العنوان أساليب التشويق وإثارة الانتباه التي حفلت بها السنة النبوية واستخدمها النبي(صلى الله عليه وسلم ) ، ليثير أصحابه أولاً ، ويوصل إليهم ما يريد بأفضل الطرق وأنجعها ، ويجعل ما يأتي من خلال ذلك محفوظاً لديهم راسخاً في أذهانهم . ولعله من الحكمة أن تحظى هذه الأساليب باهتمام المعلمين والعاملين في الحقل التربوي ، إذ ينبغي أن يحرصوا عليها ، لأنَّ جذب اهتمام السامعين وإثارة انتباههم أمرٌ في غاية الأهمية ، لأنَّ النجاح في هذا الأمر سيكون مقدمة لنجاح أكبر بعد ذلك في ما هو أهم وأعظم . والأساليب المتكلّم عنها عادةً هي؛ أساليب تشويق بصرية ، وأساليب تشويق سمعية ، وهذا ما سيكون محور البحث ، ولكن سأزيد بعض الأساليب التي رأيت أنها من صلب موضوعي ، ولهذا تناول بحثي ثلاثة مباحث أسردها كما هي غير مقلد أي تقسيم يرجع لعلم من العلوم ، لقناعتي أن التقسيم الذي ذكرته أملته طبيعة البحث ، وحسبما توفر عندي من مادة ، وهذه المباحث هي :
المبحث الأول أساليب إثارة الانتباه البصرية في السنة النبوية
يقصد بأساليب الإثارة البصرية تلك الأساليب التي تستخدم لإثارة المستهدفين وتشويقهم من خلال أمور لها تعلقٌ بحاسة البصر ، وقدّمت البصر على غيره لأنه أسرع حواس الإنسان ،وبالتالي تدرك الأشياء من خلاله بشكلٍ أسرع ،لذا استحق صفة التقدم . وعند جمع الشواهد على هذا الأسلوب وجدت أنها تتنوع إلى أساليب تسبق عملية التعليم وأساليب تأتي أثناءها ، وكلها يقصد منها لفت انتباه الحاضرين لما سيقال ، وهذا بيان ما أجملت . المطلب الأول : أساليب تشويق بصرية تسبق العملية التعليمية . ويقصد بها الأساليب التي يلجأ إليها المعلم قبل شروعه بالتدريس لجذب انتباه المتعلمين وشدِّ انتباههم ، وهذا غالباً ما يحصل عندما يكون الأمر المراد إيصاله في غاية الأهمية ، وهو في السنة النبوية كذلك . ومن هذا القبيل الحديث المشهور الذي رواه عمر بن الخطاب ،وأخرجه(1)عددٌ من أصحاب الكتب المعتمدة في السنة النبوية ونصّه : (( بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ذات يوم إذ طلع علينا رجلٌ ، شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر ، لا يُرى عليه أثر السفر ، ولا يعرفه منا أحدٌ .حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ، ووضع كفيه على فخذيه وقال : يا محمد ، أخبرني عن الإسلام ..... )) فهذا الوصف الدقيق الذي ذكره الرَّاوي عن حال القادم الغريب ، يدل على أنَّ المراد قد تحقق ، وأنَّ إثارة الانتباه قد حصلت ، لأنَّ كل ما ذُكر عن حال هذا القادم مثيرٌ للاهتمام والتَّساؤل ، وهذه الأمور كلها كانت بناءً على نظرٍ ومشاهدةٍ ، مما جعلها من قبيل أساليب التشويق البصرية . والأمور التي ذُكرت في هذا الحديث وأثارت انتباه الحاضرين هي : - ظهور رجلٍ غريبٍ في ثياب ٍ بيضاء ناصعةٍ ، ومظهرٍ نظيفٍ . - عدم معرفة أحد بهذا الرجل ، إذ لو كان معروفاً لقيل إنه دخل دار من يعرفه وتنظَّف عنده . - عدم ظهور أثر السفر عليه ، إذ لو كان مسافراً لظهر هذا في هيئته ، من حيث اتساخ الثياب ، وشعث الرأس . - دخوله على النبي صلى الله عليه وسلم بطريقةٍ مخالفةٍ لما عهده الصحابة (رضوان الله عليهم ) ، من طريقة الأعراب وما فيها من جلافة ، وجهل بأصول السؤال والخطاب . فهذه الأحوال كلها تدلُّ على أنَّ هذا الحديث قد اشتمل على مثيراتٍ كثيرةٍ دعت الرَّاوي لأن يسترسل في ذكرها بدقةٍ فائقةٍ ، وهذا ما لاحظه الدكتور الخالدي بقوله(2): (( فقد كانت ثياب الرجل بيضاء شديدة البياض ، وشعره أسود شديد السواد ، وكان أنيق الملابس لا يُرى أثر السفر على ثيابه ولا على شعره ولا على بدنه ، فكأنه خارجٌ من بيتٍ قريبٍ للمكان الذي يجلسون فيه . والغريب أنه لا يعرفه أحدٌ من الصحابة الجالسين ، فلو كان من أهل المدينة لعرفوه ، ولو لم يكن من الدينة ، ولو كان مسافرا قادماً من بعيدٍ ، لكان أشعث أغبر ، فكيف جمع بين أناقة ونظافة مظهره وبين عدم معرفتهم به . بعد ذلك تصرَّف الرجل الغريب المثير تصرفاً أكثر إثارةٍ ، زاد في انفعال وتفاعل الصحابة الجالسين ، فقد اخترق الرجل الصحابة الجالسين ، وأقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جلس إليه ، ثم اقترب منه كثيراً ، بأن أسند ركبتيه إلى ركبتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وضع كفيه على فخذي نفسه ، وجلس أمام الرسول صلى الله عليه وسلم جلسة المتأدب المتعلِّم )). ومن أمثلة هذا اللون من الأساليب أيضاً ما رواه أبو سعيد الخدري حيث قال(3): (( جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر ونحن جلوسٌ حوله .....)) لكن لسائلٍ أن يسأل : ما الشيء اللافت في هذا ، والنبي صلى الله عليه وسلم يخاطبهم دوماً من على المنبر ؟ فالجواب : نعم ، هذا هو الغالب من حال النبي صلى الله عليه وسلم في مخاطبة أصحابه ، ولكن هذا يكون في الخطبة ، فيكون استعمال المنبر في الخطبة طبيعياً ، والأمر هنا ليس كذلك ، لأنَّ الرَّاوي ذكر أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر ، وفي الخطبة لا يجلس الخطيب على المنبر وإنما يقف عليه وقوفاً ، ولهذا كان الجلوس فيه إثارة للانتباه ، مما جعل الرَّاوي ينقل لنا هذا الحال ويصفه . ونظير هذا الحديث ما رواه ابن عباس حيث قال(4) : (( جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يوماً على المنبر عليه ملحفة متوشحاً بها ،عاصباً رأسه بعصابةٍ دسماء ، قال : فحمد الله ...)) وكذلك ما رواه مسلم في صحيحه(5)(( .... فلما قضى رسول الله صلاته جلس على المنبر وهو يضحك ، فقال ليلزم كل إنسان مصلاه ، أتدرون لم جمعتكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم .... الحديث )) فهذه أساليب إثارةٍ بصريةٍ سبقت الحديث ،وآتت ثمارها حيث إنَّ الصحابة قد انتبهوا لهذه الإشارات فنقلوها لنا نقلاً دقيقاً ، بل إنَّ الحديث الأخير اشتمل على أكثر من أسلوب ، حيث ذكر الراوي أنَّه صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر وضحك ،وهذا بحدِّ ذاته وسيلة من وسائل الإثارة. المطلب الثاني : أساليب تشويق تأتي أثناء العملية التعليمية . وهي أساليب تشويقٍ بصريةٍ تأتي أثناء الخطاب ، وقد يرى البعض أنَّ هذا الأمر قد يتناقض مع إثارة الانتباه من خلال البصر ، لأنَّ أساليب الإثارة البصرية غالباً ما تكون قبل بداية الكلام لتلفت الانتباه إليه ، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قد استخدم عدداً من الأساليب أثناء حديثه مع أصحابه ، لتقرير مسائل مهمة ، فأراد شدَّ انتباههم للتركيز على ما سيقال أيفعل . وهذه الأساليب جاءت على صورٍ منها : أولاً : التَّحول من الكلام إلى الإشارة ،من المعلوم أنَّ الكلام والعبارة أكثر إفصاحاً عن مراد المتحدِّث من الإشارة أو الرمز ، لأنَّ الإشارة قد لا ينتبه لها إلا العدد القليل عندما لا يكون هناك داعٍ لاستعمالها ، لكنها تكون أكثر تأثيراً وأوضح دلالةً إذا اقترنت بما يدل عليها ، وهذا بيان ذلك : - قد تأتي الإشارة بعد سؤالٍ وطلبٍ ، ومعلومٌ أنَّ السؤال يحتاج إلى جوابٍ ، وعندما لا يسمع السائل ومن معه الجواب فالتَّصرف التوقع منهم أن تشخص أبصارهم إلى المتكلم ، فيتلقون الإشارة ، وهذا كإشارته صلى الله عليه وسلم ، إلى لسانه عندما سأله سفيان بن عبدالله الثقفي : (( فما أتقي ؟ )) (6) وكذلك عندما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ، علامات الساعة ، فقال:(( يقبض العلم ، ويظهر الجهل والفتن ، ويكثر الهرج ، قيل: يا رسول الله وما الهرج ؟ فقال هكذا بيده فحرفها ، كأنه يريد القتل )) (7). - قد تأتي الإشارة مقترنة بألفاظ تدلُّ عليها ،كقولهصلى الله عليه وسلم : هكذا ، هاهنا ، كهاتين ، .... . وذلك كقوله صلى الله عليه وسلم : ((ويلٌ للعرب من شرٍ قد اقترب ، اليوم فُتح من ردم ، يأجوج ومأجوج هكذا )) ( وأشار بأصبعيه السبابة والإبهام وحلَّق بينهما )(8). فهذه بعض حالاتٍ يظهر من خلالها التحول من الكلام إلى الإشارة ، وكيف أنَّ هذه الإشارة قد حظيت بالاهتمام نظراً لاقترانها بما يدلُّ عليها ، وهناك أمثلةٌ استخدمت فيها الإشارة وكانت دلالتها أشدُّ وضوحاً ، وأكثر تعبيراً من الكلام ، وذلك كقوله(صلى الله عليه وسلم ) : (( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا )) ،( وأشار بالسبابة والوسطى وفرّج بينهما )(9). فهذا الحديث فيه انتقالٌ من الكلام إلى الإشارة بقرينة اللفظة(هكذا) ، ومن ثم وصف الإشارة التي أشار بها النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذه الإشارة قد عبّرت عن المطلوب بدقةٍ واختزلت عدداً من الكلمات ، وأعتقد أنَّ العبارة لاتستطيع أن تفي بما اشتملت عليه الإشارة من التوضيح ولإيجاز ، ولهذا كان استعمالها أكثر جدوى وفائدة ، وذلك لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال :(هكذا) ، لم نعرف على ماذا دلّت الكلمة إلا من خلال وصف الصحابي لها بقوله:(وأشار بالسبابة والوسطى وفرّج بينهما). وهذا الوصف من الصحابي (رضي الله عنه) هو بيت القصيد، وثمرة هذا الأسلوب الرائع ، لذا نقله لنا الصحابي بدقةٍ متناهية غير غافلٍ عن ذكر تفاصيله من خلال قوله : (وفرّج بينهما ) . وبتفحص وصف الصحابي للإشارة وتحليلها يتبين لنا نجاعة هذا الأسلوب وأهميته ، وكيف أنه أضحى أسلوب تشويقٍ وإثارةٍ ، إذ إنَّ الصحابي (رضي الله عنه) قال: ( وأشار بالسبابة والوسطى) أي أنَّ كافل اليتيم مع النبي (صلى الله عليه وسلم) كهذين الأصبعين في هذه اليد معاُ . لكن في قول الصحابي : (وفرّج بينهما )،وفي روايةٍ : ( وفرّق بينهما ) إشارةٌ إلى أنَّ كافل اليتيم قد يشارك النبي (صلى الله عليه وسلّم) في أصل الجزاء وهو دخول الجنة ، لكنه يفترق عنه بالمنزلة ، قال ابن حجر(10)(852هـ) : (( وفرج بينهما :أي بين السبابة والوسطى، وفيه إشارة إلى أنَّ بين درجة النبي (صلى الله عليه وسلم) وكافل اليتيم قدر تفاوت ما بين السبابة والوسطى ، وهو نظير الحديث الآخر : بعثت أنا والساعة كهاتين )) . فبهذا يتبين كيف أنَّ التحول من الكلام إلى الإشارة أثناء الكلام كان له دلالات كثيرة أبلغ وأوضح من العبارة والكلام ، ولهذا استحقت أن يٌقرن بها أسلوب إثارةٍ وتشويق . ثانياً : تغيير الهيئة أثناء الكلام ، أو الإتيان بما يٌستغرب لحث الحاضرين على طلب التفسير . وذلك بأن يكون المتكلِّم على هيئة معينة من جلوس أو وقوف ، فيغيرها ويواصل حديثه من باب لفت الانتباه واستثارة المخاطبين ، في إشارةٍ إلى أهمية وخطر ما سيقال بعد هذا التغير . ولا يخفى أنَّ هذا أسلوب إثارةٍ بصري قصد منه لفت الانتباه ، وقد نتأكد من فعالية هذا الأسلوب من خلال وصف الراوي لهذا التغير ومدى ملاحظته له . ومن ذلك ما رواه البخاري(11) عن أبي بكرة (رضي الله عنه) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر (ثلاثاً)؟ قالوا بلى يا رسول الله ، قال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين، - وجلس وكان متكئاُ – فقال : ألا وقول الزور، ألا وقول الزور، ألا وقول الزور .....)) والشاهد هنا هو قول الراوي:( وجلس وكان متكئاً) وفي بعض الروايات:( وكان متكئاًً وجلس ) ، وهذه الحركة - التحول من الاتكاء إلى الجلوس – هي من باب إثارة الاهتمام والانتباه وشدِّ السامع لما سيقال ، ولهذا قال ابن حجر (12): (( ويشعر بأنه اهتم بذلك حتى جلس بعد أن كان متكئاً )) . والشاهد من هذه الأحاديث أنها اشتملت على أساليب تشويق بصرية حدثت أثناء عملية التعليم أو قبلها حتى تُؤتي أكلها ويتحقق المراد منها ، ولهذا لم ترد في هذا اللون شواهد لأساليب بصرية بعد العملية التعليمية نظراً لعدم جدواها .
ومن الجدير بالذكر أنَّ علماء الحديث تنبهوا لهذا النوع فأفردوه بالذكر وصنفوه في خانة لها تعلق بعلم الحديث ، وذلك ضمن كلامهم على الحديث المسلسل ، ......
المبحث الثاني أساليب التشويق السمعية
وهي تلك الأساليب التي يقصد منها تشويق السامع ولفت انتباهه من خلال مؤثراتٍ تدرك بالسمع يتقصدها القائل لإيصال رسالة أو معلومة مهمة للسامع ، وهذه الأساليب موجودة بكثرةٍ وتنوُّعٍ في الأحاديث النبوية الشريفة ، وهذا بيان ذلك : المطلب الأول : التشويق من خلال تكرار الكلمة أكثر من مرة . من المعلوم أنَّ التكرار يولِّد القرار ، ويُورث الحفظ والفهم ، وقد يكون التكرار لإثارة الانتباه وجذب السامع ، وجعله يصغي لما سيقال ، وتكرار الكلمة كان أسلوباً من أساليب الخطاب النبوي ، إذ روت السيدة عائشة(13) (رضي الله عنها) أنَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) (( كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً حتى تفهم عنه )) وعند مطالعتنا لكتب السُّنة نجد تطبيقاً عملياً لهذا ، إذ روى مسلم(14)وغيره(15) عن أبي ذرٍ (رضي الله عنه) أنَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : (( ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ، ثلاث مرات ، )) ونجد أنَّ هذا الأسلوب قد آتى ثماره إذ إنَّ الراوي وهو أبو ذرٍ قد تفاعل بشدةٍ من خلال تكرار النبي (صلى الله عليه وسلم) لهذه الكلمات ، فقال : خابوا وخسروا ، من هم يا رسول الله ؟ وهناك أمثلة كثيرة على تكرار الكلمة ثلاث مرات(16) . ومما يقرب من هذا الأمر أنَّه (صلى الله عليه وسلم) كان يجعل السائل والمستفسر عن شيء يكرره ثلاث مرات حتى يلفت انتباه من يسمعه من الحاضرين، وبالتالي ينتبهون لما سيجيبه به (صلى الله عليه وسلم) به ، لأنَّ غالب الأمور التي كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يطلب فيها من السائل أو المستفسر الإعادة هي من المهمات ، والتي ينبغي لأكبر عدد ممكن أن يسمعها ويعيها ، لذا كان يطلب التكرار . ومثال ذلك ما رواه مسلم(17) عن أبي هريرة قال: (( خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال : أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا ، فقال رجل : أكل عامٍ يا رسول الله ؟ فسكت حتى قالها ثلاثاً ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم ....)) ونظير هذا ما رواه مسلم كذلك عن أبي هريرة ٌقال : (( ثم قيل للنبي (صلى الله عليه وسلم) : ما يعدل الجهاد في سبيل الله- عز وجلَّ- ؟ قال : لا تستطيعوه ، قال : فأعادوا عليه مرتين أو ثلاثاً ، كل ذلك يقول لا تستطيعونه ، وفي الثالثة قال: مثل المجاهد في سبيل الله كمثل القانت بآيات الله لا يفتر من صيامٍ ولا صلاةٍ حتى يرجع المجاهد في سبيل الله )) وهذا المثال كسابقه من حيث جعل السائل يكرر سؤاله أكثر من مرةٍ ، لكن فيه أسلوب إثارةٍ إضافي وهو أنَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يعقِّب على سؤالهم بقوله : (لا تستطيعونه ) ، ليزيد من انتباههم ويشوقهم لما سيقال . وقد يكون التكرار أكثر من ثلاث مرات ، خروجاً عن المعتاد في التكرار ، ولا شكَّ أنَّ في هذا إثارةً أكبر، وتشويقاً أعظم ، وهذا لا يتكرر ويتأتى إلا لهدف عظيم ؛ لحثٍ على أمرٍ عظيم ، أو لتغيير أمرٍ جدُّ ذميم . ومثال ذلك ما أخرجه البخاري(18)عن أبي بكرة قال : قال النبي (صلى الله عليه وسلم) :(( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر (ثلاثاً) ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، وجلس وكان متكئاً فقال : ألا وقول الزور ، قال فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت )) ونظير هذا ما رواه عبد الله بن عمر (رضي الله عنهما) قال: (( قرأ رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) على المنبر:{ والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون } [الزمر :67]،قال : يقول الله –عز وجل- :أنا الجبار، أنا المتكبر،أنا المتعال ، يمجد نفسه ، قال : فجعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يرددها حتى رجف به المنبر ، حتى رجف به المنبر ، حتى ظننا أنَّه سيخر به )) فهذان الحديثان يظهران أنَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) ظلَّ يكرر هذه الألفاظ حتى يثير انتباه أكبر عدد ممكن ، وهذا ما كان من خلال وصف الراوي لدقائق هذا التكرار . المطلب الثاني : الخروج عن المعتاد في الكلام والتصرفات. والخروج عن المعتاد في الخطاب هو أحد أساليب التشويق وإثارة الانتباه ، ولكن الخروج عن المعتاد يتناوله أكثر من أمرٍ ، ومن ذلك : أولاً : الخروج عن المعتاد في صفة الكلام : حيث إنَّ كلام النبي (صلى الله عليه وسلم) كان فيه ترتيل وترسيل وفصل(19) ، يفهمه كل من سمعه ، فهو ليس بالجهير العالي الّذي يؤذي سامعه ، ولا بالخفيض الّذي لا يسمعه من يقابله ، وإنَّما كان فصلاً ، وكيف يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم على صفة لا يمدحها ولا يحبها ؟ حيث روى الطبراني(20) بإسناد ضعيف وحسّنه السيوطي(21)،عن أبي أمامة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم : (( كان يكره أن يرى الرجل جهيراً رفيع الصوت ، وكان يحب أن يراه خفيض الصوت )) . وقال المناوي(22) في شرح هذا الحديث : (( أُخذ منه أنَّه يُسن للعالم صون مجلسه عن اللغط ، ورفع الأصوات ، وغوغاء الطلبة ، وأنَّه لا يرفع صوته بالتقرير فوق الحاجة ، وقال ابن بنت الشافعي : ما سمعت أبي أبداً يُناظر أحداً فيرفع صوته ، قال البيهقي : أراد فوق عادته ، فالأولى أن لا يجاوز صوته مجلسه )) والخلاصة : أنَّه ينبغي للمتكلِّم والقاريء أن يتكلم بكلام يُسمع فيه نفسه وغيره ، ولا يرفع صوته أكثر مما يحتاجه الموقف ولا يخفضه أكثر من اللازم إلا لسبب وضرورة ، وعليه أن يسلك أمراً وسطاً ، وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولهذا لو كان الكلام بغير هذا لعُدَّ خروجاً عن المعتاد ، واستحق أن يذكر ويُنعت بدقةٍ كأسلوب من أساليب الإثارة والتشويق . ومثال ذلك ما رواه جابر قال(23) : (( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه ، وعلا صوته،واشتد غضبه ،حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومسّاكم )) فعلو الصوت مع اشتداد الغضب واحمرار الوجه ، لم يكن من عادته صلى الله عليه وسلم وإنما كانت تحصل في حالات خاصة لهدف محدد ، قال ابن عثيمين في شرحه للحديث (24): (( وإنما كان يفعل ذلك لأنَّه أقوى في التأثير على السامع )) لهذا كانت مؤثراتٍ تشدُّ السامع لما سيقال ، وبهذا يكون هذا الحديث قد اشتمل على أكثر من مؤثر . ثانيا : الخروج عن المعتاد في التَّصرُّف . ونظير هذا ما رواه الإمام أحمد(24) عن أبي بكر الصديق قال : (( أصبح رسول الله ذات يوم فصلى الغداة ثم جلس ، حتى إذا كان الضحى ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جلس مكانه حتى صلى الأولى والعصر والمغرب ، كل ذلك لا يتكلم ، حتى صلى العشاء الآخرة ثم قام إلى أهله)) ، فقال الناس لأبي بكرٍ :ألا تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شأنه صنع اليوم شيئاً لم يصنعه قط ؟ قال : فسأله ، فقال : (( نعم عرض عليَّ ما هو كائن من أمر الدنيا والآخرة ، فجمع الأولون والآخرون بصعيد واحد ......الحديث )) ففي هذا المثال يتبين كيف أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قد تعمد هذه الإثارة ، وكأنه يشير إليهم أن سلوا ، ولكنهم هابوا أن يسألوا عن حالٍٍ من أحوال النبي صلى الله عليه وسلم فدفعوا أبا بكرٍ لهذه المهمة ، لما يعرفون من مكانته من النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا شك أنهم سينتظرون الجواب بترقبٍ واهتمام ، سيما وأنَّ فترة هذه الإثارة قد طالت – من الفجر إلى ما بعد العشاء – حتى يلاحظها كل أحدٍ ، ويسمع عنها أكبر عددٍ ممكن ، فيأتي ليعرف سبب هذا التصرف غير المعتاد من النبي صلى الله عليه وسلم ويحصل بهذا المقصود . ويلتحق بهذا اللون من التشويق تغيُّر اللون أثناء الكلام ، إذ يُعدُّ ذلك أسلوباً من أساليب الإثارة ، ومن ذلك ما رواه أبو هريرة قال(25) : (( كنا نمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمررنا على قبرين ، فقام فقمنا معه ، فجعل لونه يتغير حتى رعد كم قميصه ، فقلنا : مالك يا نبي الله ؟ قال : أتسمعون ما أسمع ؟ قلنا : وما ذاك يا نبي الله ؟ قال : هذان رجلان يعذبان ...الحديث )) وكذلك ما رواه علي(رضي الله عنه) قال(26) :(( ذكرنا الدَّجال عند النبي صلى الله عليه وسلم فاستيقظ محمرَّاً وجهه فقال: وغير ذلك أخوف عليكم .... الحديث )) فهذان المثالان يدلان على أنَّ تغير اللون أثناء الكلام أسلوبٌ من أساليب التَّشويق وإثارة الانتباه ، ولهذا انتبه لها الرَّاوي فذكرها مع الحديث الذي سيقت لأجله . ومن الخروج عن المألوف مناداة من لا يعقل ، أو من هو في غياب عن الواقع ،كمناداة النبي صلى الله عليه وسلم لقتلى بدر(27) ، عندما ألقاهم في القليب ، مما أثار الصحابة (رضوان الله عليهم) فسألوه : كيف يناديهم وقد ماتوا وجيفوا ؟ ، فيخبرهم النبي (صلى الله عليه وسلم) بأنهم ليسوا بأسمع له منهم ، ولكنهم لا يستطيعون الإجابة فحسب . ثالثاً: الكلام بما لا يعرفه السامع أو لا يفهمه حتى يستفسر عنه : لقد كان من أساليب النبي صلى الله عليه وسلم في إثارة انتباه الصحابة وتشويقهم ، أن يكلمهم ببعض ما لا يعرفون أو يفهمون ، وهو يعلم أنَّهم لا يفهمون كلامه حتى يطلبون التوضيح منه ، والإفادة عما ذكر ، وهذا أسلوب ناجع جداً ، فلو أنَّ المعلم وصل إلى حث سامعيه على الاستفسار لقلنا أنه حقق نجاحاً في مهمته ، فكيف إذا حثهم على التساؤل وأثار فضولهم من خلال ذكره لأمور يجهلونها ولا يعرفونها . ومن ذلك الحديث الذي مرَّ معنا عن علامات الساعة ، وذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم (ويكثر الهرج) ، والهرج كلمة لم تكن معلومة لديهم لذا سألوا عنها ، كما مرَّ معنا عند الاستشهاد بهذا الحديث على التحول من الكلام إلى الإشارة ، وأزيد هنا فأقول : روى البخاري(28) عن أبي موسى راوي الحديث أنَّه قال : (( الهرج ؛ القتل بلسان الحبشة )) . وكذلك ما رواه مسلم(29) عن أبي هريرة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( اتقوا اللعانين، قيل:وما اللعانان يا رسول الله ؟ قال:الّذي يتخلّى في طريق الناس وظلهم)) . ومن ذلك أيضاً استعماله صلى الله عليه وسلم لمصطلحاتٍ لا يعرفونها لإثارة انتباههم والسؤال عنها ، كقوله صلى الله عليه وسلم (30) : (( من استطاع منكم أن يكون مثل صاحب فَرَق الأرز فليكن ، قالوا : يا رسول الله ، وما صاحب فَرَق الأرز ؟ ٌقال ...ثم ساق الحديث )) . ونظير ذلك ما رواه الترمذي(31) عن أبي هريرة قال : قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم :(( تعوذوا بالله من جبِّ الحزن ، قال يا رسول الله وما جبُّ الحزن ؟ قال : وادٍ في جهنم تتعوذ منه جهنم كل يومٍ مائة مرة ....))(32) . ففي هذه الأحاديث ذكرٌ لاصطلاحات لم تكن معلومة لديهم ، وأرى أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم تعمّد ذكرها ليحثهم على التفاعل والتساؤل ، وهذا ما كان ، مما يؤكد أنَّ هذه الطريقة آتت ثمارها . ثالثا : ورود ما يُثير التعجب الاستغراب ، وبالتالي الانتباه والتساؤل . وهي أقوال أو أفعال تثير الاستغراب بين السامعين ، نظراً لعدم توقعم صدورها عمن صدرت عنه ، ومن ذلك حديث جبريل الطويل ، عندما سأل النبي (صلى الله عليه وسلم) عن الإسلام ، فأخبره فقال له : صدقت ، وهذا أمر يثير الدهشة والعجب ،ولهذا عبَّر الراوي بقوله : فعجبنا له يسأله ويصدقه ، إذ من المعلوم أنَّ السائل يسأل النبي (صلى الله عليه وسلم) فيجيبه فيمتثل لما أجابه ، أما أن يُعقِّب على الإجابة بقول : أصبت أو أحسنت ،فهذا يدل على أنَّ السائل يعلم إجابة ما سأل عنه ، وهذا ما أثار استغراب الحاضرين وشوقهم لسماع بقية حواره مع النبي (صلى الله عليه وسلم) ، ومحاولة معرفة هوية هذا السائل الغريب الّذي يسأل ويعرف إجابة ما سأل عنه من خلال تعليقه على الإجابة ، قال القرطبي(33) : (( إنما تعجبوا من ذلك لأنَّ ما جاء به النبي (صلى الله علي وسلم) لا يعرف إلا من جهته ، وليس هذا السائل ممن عرف بلقيه النبي (صلى الله عليه وسلم) ، ولا بالسماع منه ، ثم هو سأل سؤال عارف محقق مصدق فتعجبوا من ذلك تعجب المستبعد لأن يكون أحدٌ يعرف تلك الأمور المسؤول عنها من غير جهة النبي صلى الله عليه وسلم )) ومثال ذلك أيضاً ما رواه البخاري(34)عن عدي بن حاتم قال : قال النبي (صلى الله عليه وسلم) : (( اتقوا النار ، ثم أعرض وأشاح ، ثم قال : اتقوا النار ، ثم أعرض وأشاح (ثلاثاً) ، حتى ظننا أنَّه ينظر إليها ، ثم قال : اتقوا النار ولو بشق تمرة )) .
المبحث الثالث التشويق من خلال أمور خارجة عما مر كالبلاغة أو الترغيب والترهيب
فكما أنَّ التشويق يكون من خلال أساليب لها تعلُّق بالسمع أو البصر – وهو الأكثر- ، فهناك إثارة من خلال صفة الكلام وطبيعته ، من حيث الأسلوب والبلاغة ، وهذا يتذوقه من يعرف العربية ، وله اهتمام بأساليبها ودقائقها ، في حين قد يراه الآخرون أسلوباً عادياً وهو ليس كذلك . المطلب الأول : التشويق من خلال أمور لها تعلُّق بالعربية . من المعلوم أنَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) من أفصح البشر ، وهو مرسلٌ إلى الناس جميعاً وعلى رأسهم العرب أهل الفصاحة والبلاغة ، ولهذا اقترنت الأحاديث النبوية الشريفة بكثير من المباحث اللغوية والبلاغية ، وعند جمعي للأحاديث التي اشتملت على أساليب تشويق وإثارةٍ ، وجدت أنَّ عدداً من الأحاديث يصدق عليها عنوان هذا المبحث ، وذلك من خلال : أولاً : الإجمال ثم التفصيل . والإجمال عندما يرد في أقوال الرسول (صلى الله عليه وسلم) فإنه يكون غالباً لحث السامعين على طلب التفاصيل ، وهو ادعى للإثارة والتشويق ، وذلك كأن يذكر عدداً لخصالٍ أو أصناف ، ثم يذكر هذه الأصناف أو الخصال ، أو يذكر كلاماً مجملاً ويتوقف حتى يقود السامع لطلب تفصيل ما أُجمل . ومثال ذلك ما رواه مسلم(35) عن تميم الداري أنَّ النبي(صلى الله عليه وسلم) قال : (( الدين النصيحة )) ، وفي بعض الروايات أنَّ (صلى الله عليه وسلم ) كرر هذا القول ثلاث مرات ثمَّ سكت ، مما استثار الحاضرين من الصحابة وجعلهم يتساءلون لمن هذه النصيحة ؟ ولهذا جاءت تتمة الحديث : (( قالوا : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين ، وعامتهم )) فبهذه الروايات يكون هناك أكثر من إثارةٍ ، أولها : الإجمال لإلهاب نفس السامعين وتشويقهم لطلب التفصيل ، والثاني : تكرار ما أُجمل ، ولهذا قال ابن حجر الهيتمي ، : (( فيه إشارة إلى أنَّ للعالم أن يكل فهم ما يلقيه إلى السامع ، فلا يزيد في البيان حتى يسأله لتشوق نفسه حينئذ إليه ، فيكون أوقع في نفسه مما إذا هجمه من أول وهلة )) . ومن هذا القبيل كذلك قوله (صلى الله عليه وسلم)(36):(( آمركم بأربع ، وأنهاكم عن أر بع )) ثم أخذ يفصِّل ما أجمله بقوله أربع في كلٍ من المأمورات والمنهيات ، ففي قوله : (آمركم بأربع ) إجمال ، وكذا في قوله :( وأنهاكم عن أربع ) ،قال ابن حجر(37): (( والحكمة في الإجمال بالعدد قبل التفسير ، أن تتشوف النفس إلى التفصيل ثم تسكن إليه ، وأن يحصل حفظها للسامع ، فإذا نسي شيئاً من تفاصيلها طالب نفسه بالعدد ، فإذا لم يستوف العدد الّذي حفظه علم أنَّه قد فاته بعض ما سمع )) ونظير ذلك قوله (صلى الله عليه وسلم)(38) : (( بني الإسلام على خمس )) ثم الشروع في تفصيل هذه الخمس . ثانياً : تقديم الخبر على المبتدأ أو المعمول على العامل . فتقديم ما حقه التأخير وتأخير ما حقه التقديم فيه إثارة وتشويق ، لأنه خروج عن قواعد الكلام المعتادة ، ولا شك أنَّ هذا الخروج لابد أن يكون له سبب ، أو أنه سيق لسبب وغالباً ما يكون إثارة انتباه السامع حتى يصغي لهذا الكلام ، ومثال ذلك الحديث الذي رواه أبو هريرة أنَّ النبي (صلى الله عليه وسلم )قال(39) : (( كلمتان حبيبتان إلى الرحمن ، خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان ، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم )) ، فلفظة كلمتان هي الخبر ،وحبيبتان وما بعدها صفة ، وسبحان الله وما بعدها خبر ، قال الشرقاوي(40) : (( وقدم الخبر ليشوف السامع إلى المبتدأ ، فيكون أوقع في النفس ، وأدخل في القبول ، لأنَّ الحاصل بعد الطلب أعز من المنساق بلا تعب )) ومن ذلك أيضاً قوله (صلى الله عليه وسلم)(41) : (( خلّتان من حافظ عليهما أدخلتاه الجنة ، وهما يسير ، ومن يعمل بهما قليل ، قالوا : وما هما يا رسول الله ؟ قال : أن تحمد الله وتكبره وتسبحه .....الحديث )) ومن التقديم والتأخير ؛ تقديم العقوبة على الذنب المتوعد عليه ، وهذا اللون وإن لم يكن له علاقة بمسائل اللغة إلا أنه يقترب من عنوان هذا المطلب وهو : التقديم والتأخير ، وهاهنا أسلط الضوء على أحاديث في الترغيب والترهيب ، التي تتقدم فيها ذكر العقوبة لتشويق السامع وإثارته ليصغي حتى يعرف الذَّنب الذي اقترن بهذه العقوبة التي تقدمته ، ويمكن أن نذكر حديث أبي ذرٍ (( ثلاثة لا يكلمهم الله )) كمثال على هذا النوع ، حيث إنَّ النبي(صلى الله عليه وسلم) قدَّم ذكر العقوبة وهي: لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب عظيم ، قبل أن يُبين هذه الأصناف المتوعدة ، مما أثار الراوي وجعله يتساءل عن هؤلاء ، ومن هم ؟ وما هو الذَّنب الذي لأجله استُحقت هذه العقوبة ، وبالتالي حصول المراد من هذا الأسلوب . ومن هذا القبيل كذلك تقديم نفي الإيمان ، أو إلصاق الكفر ، أو النفاق ، ثم ذكر الأعمال التي لأجلها استحُق هذا الوصف ، كقول النبي (صلى الله عليه وسلم)(42) : (( أربع من كُنَّ فيه كان منافقاً خالصاً ، ومن كانت فيه خَلَّة منهن كانت فيه خَلَّة من النفاق حتى يدعها ؛ إذا حدّث كذب ، وإذا عاهد غدر ، وإذا وعد أخلف ، وإذا خاصم فجر )) وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم (43): (( والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، قيل : من يا رسول الله ؟ قال : الّذي لا يأمن جاره بوائقه )) فنلاحظ في هذه الأحاديث تقديم نفي الإيمان ، أو تقديم إثبات النفاق ، في أسلوب من الإثارة والتشويق ملحوظ لا يخفى على من له اهتمام بهذا الشأن . المطلب الثاني : التشويق من خلال طرح الأسئلة ، وطلب الإجابة من السامعين . والتشويق من خلال طرح الأسئلة أمرٌ في غاية الأهمية ، وهو واضحٌ جلي ، بل إنَّ الكثيرين لربما لا يستحضرون عند ذكر التشويق من خلال الأحاديث النبوية إلا هذا اللون ، وهو طرح الأسئلة ، نظراً لكثرته وتنوعه في الأحاديث النبوية . وعند الاستقراء وجدنا أنَّ التشويق بطرح الأسئلة على السامعين لاستثارتهم جاء على عدة حالات؛فقد يطرح النبي صلى الله عليه وسلم الأسئلة في أمور معلومة لديهم ليؤكدها لهم ، أو ليبين أنَّ المعنى الحقيقي لما قيل غير ما يعرفون،وإما لأمور لا يعرفونها فيحثهم على طلب معناها والمراد بها . ومن الأمثلة على طرحه صلى الله عليه وسلم السؤال ليؤكد ما عند السامعين من معلوماتٍ قوله (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه في خطبته يوم النحر:(( أي شهر هذا ؟ قالوا الله ورسوله أعلم ، قال: فسكت حتى ظننا أنَّه سيسميه بغير اسمه ، قال : أليس ذا الحجة ؟ قلنا : بلى، قال : فأيُّ بلدٍ هذا ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ، قال : فسكت حتى ظننا أنَّه سيسميه بغير اسمه ، قال : أليس البلدة ؟ قلنا : بلى ، قال : فأيُّ يوم هذا ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ، قال : فسكت حتى ظننا أنَّه سيسميه بغير اسمه ، قال : أليس يوم النحر ؟ قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : فإنَّ دماءكم ، وأموالكم ، وأعراضكم ، حرامٌ كحرمة يومكم هذا ، في بلدكم هذا ، في شهركم هذا ...))(44) ففي هذا الحديث تتبين لنا شدة الإثارة ، عندما يسألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن أمور معلومة لديهم ، كاليوم ، والشهر ، والمكان ، ثم يؤكد لهم ما كان معلوما لديهم في طريقة لا تقلُّ إثارة عن الطريقة التي سأل بها ، نظراً لأهمية ما أراد النبي صلى الله عليه وسلم تقريره ، وهو شدَّة حرمة الأعراض والدماء والأموال ، قال القرطبي(45): ((سؤاله صلى الله عليه وسلم عن الثلاثة وسكوته بعد كل واحد منها ، كان ذلك استحضاراً لفهومهم وتنبيهاً لغفلتهم وتنويهاً بما يذكره لهم حتى يقبلوا عليه بكليتهم ، وليستشعروا عظمة ما يخبرهم عنه )) ، وعلق ابن حجر (46): ولهذا قال بعد هذا كله : فإن دماءكم الخ ، مبالغة في بيان تحريم هذه الأشياء . فهذه الأمور التي ورد ذكرها في الحديث معلومة لديهم ، ولكنهم هابوا أن يُجيبوا خوفاً من أن يكون النبي (صلى الله عليه وسلم) أراد تغييرها . أما الأسئلة التي يعرفون جوابها لكن النبي(صلى الله عليه وسلم ) أجاب بغير ما وقر في أذهانهم فهي كثيرة ، منها ما رواه مسلم(46) عن أبي هريرة أنَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) قال:(( أتدرون من المفلس ؟ قال : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع ، فقال : إنَّ المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي قد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا ، فيعطى هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه ، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ، ثم طرح في النار )) وكذلك ما رواه مسلم(47) أيضاً عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : (( ما تعدون الرقوب فيكم ؟ قال : قلنا : الرقوب الذي لا يولد له ، قال : ليس ذلك بالرقوب ، ولكنه الرجل الذي لا يقدِّم من ولده شيء ، قال : فما تعدون الصرعة فيكم ؟ قلنا : الذي لا يصرعه الرجال ، قال : ليس بذلك ، ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب )) فمن هذين المثالين يتضح لنا أنَّ الجواب كان معلوما لديهم ، ولكن النبي (صلى الله عليه وسلم ) أراد أن يرسخ في أذهانهم المعاني الحقيقية لهذه الكلمات والمصطلحات ، ولهذا استخدم أسلوب الإثارة هذا ، ليحثهم على التفاعل والمشاركة ، ومن ثم الإنصات لما سيقوله النبي (صلى الله عليه وسلم) ، وهذا ما كان . وهناك نوع من طرح الأسئلة ، وهو أن يكون المخاطب خالي الذِّهن عن الإجابة ، فيكون طرح السؤال عليه من باب تشويقه لمعرفة الإجابة ، ومثال ذلك الحديث الّذي رواه البخاري(48)عن زيد بن خالد قال : (( خرجنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عام الحديبية ، فأصابنا مطر ذات ليلة ، فصلّى لنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صلاة الصبح ثم أقبل علينا فقال : أتدرون ماذا قال ربكم ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ، فقال : قال الله : أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي ؛ فأما من قال: مُطرنا برحمة الله ، وبرزق الله ، وبفضل الله ، فهو مؤمن بي كافر بالكوكب ، وأما من قال : مُطرنا بنجم كذا وكذا ، فهو مؤمن بالكوكب كافر بي )) . فمن خلال هذا الحديث يتبين لنا أنَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) ، سألهم عن شيء لا علم لهم به من باب حثهم على التساؤل ومعرفة الإجابة،وهذا ما كان ليتبين أنَّ هذه الوسيلة آتت ثمارها. المطلب الثالث : التشويق باستخدام أمور خارجة عن السمع والبصر وما يتعلق بهما . سبق وذكرت أنَّ غالب أساليب التشويق تعود إما للسمع ، أو البصر ، أو ما يتعلّق بهما ، لأنهما الحاستان الأكثر تفاعلاً مع الإثارة ، وقصدت من هذا المطلب ذكر أمور خارجة يقصد منها إثارة الانتباه ، وذلك كالخطوط والرسوم ، كأن يخط النبي (صلى الله عليه وسلم ) خطوطاً ويشرح لهم ما المراد منها ، وأحياناً كان يرسم رسوماًُ ثم يسألهم عنها وهو يعلم أنَّهم يجهلون ما صنع ، وما ذلك إلا ليثير انتباههم لما سيقال ، والبعض يجعل هذه الرسوم والخطوط وسائل توضيحية ، وهي كذلك ، لكنها كانت قبل ذلك وسيلة إثارة انتباه وتشويق لنزع انتباه السامعين واهتمامهم ، ومن ذلك ما رواه البخاري(49)عن عبد الله (رضي الله عنه) قال : ((خطَّ النبي (صلى الله عليه وسلم ) خطاً مربعاً ، وخطَّ خطاً في الوسط خارجاً منه ، وخطَّ خططاً صغار إلى هذا الّذي في الوسط من جانبه ، وقال : هذا الإنسان ، وهذا أجله محيط به ، أو قد أحاط به ، وهذا الّذي هو خارج أمله ، وهذه الخطط الصغار الأعراض ، فإن أخطأه هذا نهشه هذا ، وإن أخطأه هذا نهشه هذا )) . ومثله ما رواه أحمد عن ابن مسعود قال : (( خطَّ لنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم )خطاً فقال:هذا سبيل الله ،ثم خطَّ خطوطاً عن يمينه وعن شماله ،ثم قال: وهذه سُبل ، وعلى كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ،ثم أصحهما:{ وأنَّ هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل {{الأنعام: 153} ومن أمثلة الرسوم مع السؤال ما رواه احمد(50) عن ابن عباس قال : (( خطَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ) في الأرض أربعة خطوط قال : تدرون ما هذا ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، وآسية بنت مزاحم ، ومريم ابنة عمران )) . ومثله ما رواه البخاري(51) عن أنس (رضي الله عنه) ، قال :(( خطَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) خطوطاً فقال : هذا الأمل ، وهذا أجله ، فبينما هو كذلك إذ جاءه الخط الأقرب )) ، وفي رواية البيهقي(52): ((أنَّ النبي (صلى الله عليه وسلم ) خطَّ خطوطاً ، وخطَّ خطاً ناحية ، ثم قال : هل تدرون ما هذا ؟ هذا مثل ابن آدم ومثل المتمني ، وذلك الخط الأمل ، بينما يأمل إذ جاءه الموت )) وقريباً من الخطوط هناك وسائل أخرى استخدمها النبي(صلى الله عليه وسلم)لإثارة الانتباه ، مثل غرسه(صلى الله عليه وسلم) لعود ثم تعليقه عليه، فقد روى الرَّامهرمزي عن أبي سعيد الخدري : (( أنَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) غرس عوداً بين يديه ،وآخر إلى جانبه ، وآخر بعده وقال : أتدرون ما هذا ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : هذا الإنسان ، وهذا الأجل يتعاطى الأمل فيختلجه الأجل دون الأمل )) فهذه الأمثلة توضح بجلاء أنَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يستخدم الخطوط ، وما يتنزل منزلتها لإثارة الحاضرين وتشويقهم ، فضلاً عن تقريب الصورة لهم ، وقد حصل المرغوب من هذه الأساليب إذ إنَّ الصحابة قد نقلوا لنا طبيعة الخطوط ، وكيف كان يرسمها النبي (صلى الله عليه وسلم) ؟ وماذا تكلّم بعد رسمها ؟.
وبعد : فهذه أساليب ووسائل في التشويق وإثارة الانتباه استخرجتها من بطون الكتب الحديثية ، تبين لنا بجلاء سبق الإسلام في هذا المجال ، كما تبين حرص النبي (صلى الله عليه وسلم) على سلوك كثير من السبل لإيصال المعلومة للصحابة (رضوان الله عليهم) ، واكتساب اهتمامهم لما سيطرح ويقال ، كما تظهر هذه الدراسة وفرة المادة العلمية في كثير من المجالات في الدراسات الإنسانية ، وبخاصة في الدراسات التربوية والنفسية والاجتماعية ، وقد سبق لي أن كتبت مقالاً عن مرجعية السنة النبوية في التربية والتعليم ، وما جاء في هذه الدراسة يؤكد ذلك ويعززه .
ـــ (1) رواه مسلم في صحيحه : 1/37 رقم (7) ، وأبو داود في السنن : 4/223 رقم( 4695) ، والتِّرمذي في الجامع : 5/6 رقم (2610) ، والنّسائي في السنن الكبرى :6/528 رقم (11720) ، وفي المجتبى : 8/97 ، وابن ماجه في السنن : 1/24 رقم (63) ، وأحمد في المسند : 1/435- 436 رقم (367) ، وابن خزيمة في صحيحه : 4/127 رقم (2504) ، وابن حبان في صحيحه :1/390 رقم(168) وغيرهم . (2) الخالدي :صلاح الدين (1418) روايات حديث جبريل ، مجلة الحكمة - لندن ،عدد13، ص249-311 . (3) رواه مسلم في صحيحه : 2/728 رقم(1052) ، والنسائي في السنن الكبرى : 2/48 ، وفي المجتبى : 5/90 ، وأحمد في المسند : 3/91 وأبو نعيم في المسند المستخرج على صحيح مسلم : 3/116،والبيهقي في السنن الكبرى: 2/198 ، وشعب الإيمان : 7/275. (4) رواه البخاري في صحيحه :1/178 رقم(455) ، وابن أبي شيبة في المصنف : 6/401 ، واللفظ له . (5) 4/2262 رقم (2942) . (6) هذا جزء من حديث صحيح رواه مسلم في صحيحه عن سفيان بن عبدالله الثقفي ، دون هذه الزيادة . وهذه الزيادة بهذا اللفظ رواها النسائي في السنن الكبرى : 6/458 رقم (11489) ، ورواها الترمذي في الجامع : 4/607 رقم (2410) بلفظ آخر ، وانظر للمقارنة : الدارمي في السنن: 2/386 ، والحاكم في المستدرك : 4/349 ، والطيالسي في المسند : 171 رقم (1231) . (7) أخرجه البخاري في صحيحه : 1/44 رقم (85) ، وأحمد في المسند : 2/288 ، 2/524 . (8) أخرجه البخاري في صحيحه : 3/1221 رقم (2168) ، و6/2609 رقم (6716) ، ومسلم في صحيحه : 4/2207 رقم (2880)والترمذي في الجامع : 4/480 رقم (2187) ، والنسائي في السنن الكبرى : 6/291 رقم (11311) (9) أخرجه البخاري في صحيحه :5/2032 رقم(4998) ، وفي الأدب المفرد : 60، والترمذي في الجامع : 4/321 رقم (1918) ، وأبو داود في السنن : 4/338 رقم(5150) ، والبيهقي في السنن الكبرى : 6/283 . (10) انظر : فتح الباري : 10/436 . (11) الصحيح :2/939 رقم (2511) ،و 5/2314 رقم (5918) ، وأخرجه كذلك مسلم في : لصحيح : 1/91 رقم (87) و الترمذي في الجامع : 4/312 رقم (1911) . (12) فتح الباري :5/311 . (13) أخرجه البخاري في صحيحه : 1/48 ، والحاكم في المستدرك : 4/403 ولفظه : كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً لتعقل عنه ، وأحمد في المسند :3/213، 221 ،والبيهقي في المدخل إلى السنن : . (14) الصحيح : 1/102 رقم (106) (15) أخرجه النسائي في السنن الكبرى : 4/5 رقم (6050) ، وفي المجتبى : 7/245 ، وأحمد في المسند : 5/148 ، والدارمي في السنن : 2/345 ، وابن حبان في صحيحه : 11/272 رقم (4907) (16) انظر على سبيل المثال : البخاري في صحيحه : 1/48 ، و2/939 ، ومسلم في صحيحه : 1/297 ، و4/2055 . (17) الصحيح : 2/975 رقم (1337) ، والنسائي في السنن الكبرى : 2/319 رقم(3598) ، وفي المجتبى : 5/110 ، وابن خزيمة في الصحيح : 4/129 رقم (2518) ، وابن حبان في صحيحه : 9/180 رقم(3704) . (18) الصحيح : 2/939 وقد مر تخريجه . (19) روى أبو داود في سننه :4/260رقم(4828)عن جابر قال : كان في كلام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ترتيل ، أو ترسيل ، وروى أيضاً : 4/2610رقم (4829) كان كلامه فصلاً يفهمه كل من سمعه (20) مسند الشاميين : 2/40 رقم (880) ، وفي المعجم الكبير : 8/177 رقم (7736) (21) الجامع الصغير :1/358. (22) فيض القدير : 5/242 . (23) رواه مسلم في صحيحه : 2/592 رقم(867) ، والنسائي في السنن الكبرى : 1/550 رقم(1786) ، وفي المجتبى : 3/189 ، وابن الجارود في المنتقى : 83 رقم(217) ، وابن حبان في صحيحه : 1/186 رقم (10) (24) شرح رياض الصالحين : 1/448 . (24) 1/193 يراجع لبقية التخريج (25) أخرجه ابن حبان في صحيحه : 3/106 رقم(824) (26) أخرجه أحمد في المسند : 2/175(جديدة) ، وابن أبي شيبة في المصنَّف : 15/142 ، وأبو يعلى في المسند : رقم (466) . (27) أخرجه مسلم في صحيحه : رقم (2203) وأحمد في المسند : 10/291 (جديدة) (28) الصحيح : 6/2590 رقم (6655) و(6656) . (29) الصحيح : 1/226 رقم (229) . (30) انظر : أحمد – المسند : 10/181 (جديدة) (31) الجامع :4/593 رقم (2383) . (32) وهذا الأسلوب له نظائر كثيرة ، منها : ما رواه أبو داود في السنن : 4/272 رقم (4886) ، والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة : 5/149-150 عن أنس أنَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لأصحابه : أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم ؟ قالوا : وما أبو ضمضم يا رسول الله ؟ ....الحديث . (33) المفهم شرح صحيح مسلم : 1/151 ، وانظر ابن حجر- فتح الباري : 1/120 . (34) الصحيح : 5/2394 ، ورواه كذلك ابن خزيمة في صحيحه : 4/93 (35) الصحيح : 1/74 رقم (55) ، وأبو داود في السنن :4/286 رقم (4944) ، والترمذي في الجامع : 4/324 رقم (1926) ، وأبو عوانة في مسنده : 1/44 ، وأبو نعيم في المستخرج على صحيح مسلم : 1/142، 144 . (36) أخرجه البخاري في صحيحه : 1/195 رقم (500) و2/506 رقم(1334) ، ومسلم في الصحيح : 1/46 رقم (17) ، و1/48 رقم(18) ، وأبو داود في السنن : 3/330 رقم (3692) ، والنسائي في السنن الكبرى : 6/537 رقم(11762) ، والمجتبى : 8/120 ، (37) فتح الباري :1/133- 134 . (38) رواه البخاري في صحيحه : 1/12 رقم(8) ،ومسلم في صحيحه : 1/45 رقم (16)، والترمذي في جامعه : 5/5 رقم(2609) ، والنسائي في السنن الكبرى : 6/531 رقم(11732) ، وفي المجتبى : 8/107 . (39) أخرجه البخاري في صحيحه : (40) فتح المبدي شرح مختصر الزبيدي : 3/390 . وقارن به ما قاله ابن حجر في فتح الباري : 13/540 . (41) أخرجه أحمد في المسند : 11/41 . (42) أخرجه البخاري في صحيحه : 2/868 رقم (2327 ، و3/1160 رقم(3007) ، ومسلم في صحيحه : 1/78 رقم(58) ،والترمذي في جامعه : 5/19 رقم (2635) ، وابن حبان في صحيحه : 1/488 رقم (254) . (43) أخرجه البخاري في صحيحه : 5/2240 رقم (5670) ، وأحمد في المسند : 2/336 . (44) أخرجه البخاري في صحيحه : 1/27 رقم(67) ، و2/620 رقم(1654) ، و4/1599 رقم(4144) ، ومسلم في صحيحه : 3/1305 رقم(1679) ، وابن الجارود في المنتقى : 212 رقم (833) ، وابن حبان في صحيحه : 9/158 رقم (3848) . (45) المفهم : 5/47 . (46) فتح الباري لابن حجر : 1/159 (46) الصحيح : 4/1997 رقم (2581) ، والترمذي في جامعه : 4/613 رقم(2418) ، وابن حبان في صحيحه :10/259 رقم (411) البيهقي في السنن الكبرى : 6/93 . (47) الصحيح : 4/2014 رقم (2608) ، وأب داود في السنن : 4/248 رقم (4779) ، وأحمد في المسند : 1/382 ، وابن حبان في الصحيح: 7/214 (48) الصحيح : 4/1524 رقم(3916) ، ورواه كذلك ابن مندة في كتاب الإيمان : 2/592 رقم (506) . (49) الصحيح : 5/2359 رقم (6054) ، ورواه أيضا : الترمذي في جامعه : 4/635 رقم(2454) . (50) المسند :4/409 رقم (2668) ، و5/77 رقم (2801) ، والنسائي في السنن الكبرى : 5/94 رقم (8364) والحاكم في المستدرك : 2/539 ، و3/174 ، (51) الصحيح :5/2359 رقم (6055) (52) السنن الكبرى : 3/