أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـات بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا .
فضيلة العلامة د. محمد أمان بن علي الجامي رحمه الله تعالى :
شرع الله للمسلمين عيدين اثنين في الإسلام لا ثالث لهما ، فشرع كل عيد بعد عبادة عظيمة وركن من أركان الإسلام . أحدهما : عيد الفطر ، والآخر : عيد الأضحى . أما عيد الفطر ؛ فقد شرع في أول يوم من شهر شوال بعد الفراغ من عبادة الصيام والقيام وغيرهما من أنواع القربات ، التي يتقرب بها العباد إلى الله في شهر رمضان المبارك . أوجب الله تعالى صيام هذا الشهر المبارك وجعله ركنًا من أركان دين الإسلام ، ورتب عليه أجرًا لم يرتبه على عبادة سواها . إذ يقول الرسول - عليه الصلاة والسلام - فيما يرويه عن ربه : ( قال الله - عز وجل - : كل عمل ابن آدم له إلا الصوم ، فإنه لي وأنا أجزي به ) ، وفي رواية البخاري : ( يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي ) . فيا لها من إضافة ما ألطفها وما أعظم شأنها : ( إلا الصوم فإنه لي ) . إضافة تدل على إكرام الله لعبده الصائم وتشريفه إياه . إذ يضيف الرب تعالى عمل عبده إلى نفسه - عز وجل - ، ويخبر : أن الصوم له وأنه سوف يجزي عليه عبده جزاء لا يقدر قدره إلا الله - سبحانه - تفضلاً وإحسانًا . إنه جواد كريم . وقد صح عنه - عليه الصلاة والسلام - أنه قال : ( من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه ) ، كما صح عنه قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه ) . هكذا شرع الله لنا الصيام ورتب عليه ذلك الجزاء - جزاء الصابرين - : ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ . [ الزمر : 10 ] . كما شرع فيه قيام لياليه ؛ وهو سنة مؤكدة سنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وفي ختام هذه النعمة العظيمة التي امتن الله على عباده : شرع لهم عيد الفطر . يفطرون فيه بعد أن كانوا صائمين ، ويتمتعون فيه بطيبات أحلها الله لهم ، ويخرجون إلى المصلى بأجمل ما لديهم من اللباس ، مكبرين الله تعالى ومهللين وحامدين شاكرين - هكذا - حتى يصلوا ركعتي العيد . فعيد الفطر إذًا : شكر لله تعالى على تلك النعمة الجسيمة - التي سبق أن وصفناها آنفا - هكذا يتم العيد ثم ينصرفون من المصلى بعد أن استمعوا إلى الخطبة التي تلقى بهذه المناسبة العظيمة . ينصرفون وقد غمرهم الفرح بنعمة الله تعالى . وفقهم إلى الصيام فصاموا ؛ فيسر لهم القيام فقاموا ؛ ثم أدوا صلاة العيد شكرا لله على هذا التوفيق والتيسير . نعم ينصرفون من مصلى العيد يهنئ بعضهم بعضًا بالعيد السعيد - هكذا ينتهي العيد - ليتبعوا صوم رمضان بست من شوال تطوعًا لعل الله يجبر بصوم الست من شوال ما قد يحصل من النقص والخلل في صيام رمضان ، بل ليكون الصائم بذلك كصائم الدهر . إذ يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من صام رمضان واتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر ) . ولئلا تتمادى به فرحة العيد إلى حد الإسراف والترف . هذا هو عيد الفطر ، وهذا معناه وحقيقته والله وأعلم . وأما عيد الأضحى ؛ فقد شرعه الله لنا بعد عبادة - هي بحق جهاد لا قتال فيه - ، وهي عبادة حج بيت الله الحرام ، وقد صح هذا المعنى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث عائشة - رضي الله عنها - عند البخاري حين سألت رسول الله - عليه الصلاة والسلام - : هل على النساء من جهاد !؟ فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( عليهن جهاد لا قتال فيه : الحج والعمرة ) . وقبيل الانتهاء من أعمال هذه العبادة العظيمة - حج بيت الله الحرام - شرع الله لعباده عيد الأضحى في العاشر من ذي الحجة بعد أن منَّ الله على حجاج بيته بوقوف يوم عرفة متضرعين تائبين خاشعين . وبعد أن أدى غير الحجاج في ذلك اليوم عبادة الصيام . الصيام الذي يكفر الله به السنة الماضية والسنة الباقية . فهو عيد عظيم بعد يوم عظيم . يوم شكر لله المنعم المتفضل على ما أنعم به من حج وصيام . وفي هذا اليوم يتقرب عباد الله إلى الله حجاجًا كانوا أو غير حجاج بذبح الهدى والأضاحي ليطعموا البائس الفقير بعد أن يأكلوا منها ما تيسر لهم اتباعًا لنبيهم محمد - عليه الصلاة والسلام - وشكرًا لربهم ، ويقضون هذا اليوم وثلاثة أيام بعده في ذكر الله تعالى مع التنعم والتمتع بطيبات أحلها الله لهم من الطعام والشراب والطيب وغير ذلك من نعم الله التي لا تعد ولا تحصى ، هكذا تتجلى المعاني السامية والحكمة البالغة في العيدين الإسلاميين عيد الفطر ، وعيد الأضحى . وأما تلك الاحتفالات المبتدعة في مناسبات مختلفة التي ابتدعها بعض الناس بعد انقراض القرون المفضلة المشهود لها بالخير . ابتدعوها ثم أطلقوا عليها اسم " أعياد إسلامية " فليست من الإسلام في شيء بل هي محدثة وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة . وهي بعد ذلك كله مجالات لاختلاط الجنسين وميدان للفساد الخلقي ولهو ولعب . دفوف وطبول ورقص وتصفيق . وهكذا إلى آخر الأعمال الجاهلية التي يعرفها كل مطلع . وإطلاق اسم " أعياد إسلامية " بعد هذا كله على هذه الاحتفالات المبتدعة - يعتبر في نظري - جناية على الإسلام . وهو أمر لا يخفى على كل ذي بصيرة في دينه ودارس للفقه الإسلامي ، ومن أمثلة تلك الاحتفالات المبتدعة : الاحتفال باسم " المولد النبوي " ، والاحتفال : بـ " ليلة الإسراء " ، وبـ " ليلة النصف من شعبان " ، وأخيرًا أضيفت أعياد جاهلية أخرى كـ " عيد الحسين وزينب " ، و " عيد البدوي " ، وغيرها من الاحتفالات الجاهلية التي زينها الشيطان لأهلها ، - وللأسف الشديد - : أن عوام المسلمين وأشباه العوام أنشط في إقامة هذه الاحتفالات منهم في أداء الفرائض والعبادات المشروعة والله المستعان .