[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] إنّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالن
من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]الشخصية في رواية "صوت الكهف" لعبد الملك مرتاض
إن
رواية "صوت الكهف" رواية جزائرية استطاعت بحق أن تجعل الكثير من النقاد
يلتفتون إليها، لأنها وفقت في توظيف تقنيات الرواية الجديدة، سنقف عند
جمالية الشخصية في هذه الرواية، وربما سمحت لنا فرصة أخرى بالوقوف عند
مكونات البنية السردية الأخرى فيها.
لعل
من نافلة القول أن نشير إلى أن الرواية الجديدة تعتمد على تدمير تلك
الشخصية الروائية التقليدية، وتطرح بديلاً لها. فنتالي ساروت، وهي من
مؤسسي الرواية الجديدة، تؤكد في كتابها "عصر الشك" أن الشخصية فقدت شيئاً
فشيئاً كل ما يعنيها كتشكيل أجدادها، وبيتها المبني بعناية والمتنوع
بالأشياء المختلفة، من قبو البيت مروراً بأدوات الزينة إلى كل ما يملكه
هذا البيت.. فقدت ذلك الشيء الثمين الذي تتميز به وهو اسمها. فالشخوص
كالتكوينات التشكيلية تناهت..
لقد
كانت الشخصية في هذه الرواية عنصراً مهماً من عناصر البنية السردية، فقد
تم الإعلان عن انتهاء تلك الفرضيات حيث الشخصية نمطية، وطرح بديل لها حيث
تلاعب المؤلف بالضمائر لطمس معالم الشخصية وبذلك يضمن للقارئ المشاركة في
إبداع النص وبنائه. يقول في (ص11) وأنت تتبخترين عبر الزمان السحيق.
بألف
اسم وألف وجه بألف حركة وألف تاريخ. وأنت حاضرة في كل ربوة. وأنت جاثمة في
كل هضبة. وأنتم عنها تبحثون. وأصواتكم تتعالى تهز سقف السماء الرحاب. تمزق
آفاق الأرض. تملأ الفضاء ضجيجاً وعجيجاً. كلكم يتساءل: أين حدهم؟ فقط أين
الصوت الذي يدلنا عليها؟ فقط أين الطريق الذي نسلكه إليها؟ حدهم.. فهل
ضاعت منا إلى الأبد؟ فهل اغتصبوها؟ يا ويلتنا كلهم يريد أن يعرفك وهو أنت.
وكلهم يريد أن يسمع صوتك وهو مسمعك. وأنت هم فهل تدرين ويدرون؟
ونحن
عندما نفصل هذا العمل. نجد الأهالي وهم سكان الربوة، وفئة المستعمرين
والقائد، ولدينا فئة ثالثة، وهي فئة العمال، وهي وسط بين الأولى والثانية
بين الأهالي والمستعمرين. وفي مقام آخر لدينا الطاهر وبيبكو وزينب فكيف
استطاع هذا الروائي تقديم الطاهر وبيبكو وزينب والفئات الثلاث، شخصية
متناهية، شخصية لا اسم ولا أجداد ولا شيء؟
إن
هذه الشخصية هي شخصية من ورق، ولم تأت لتقدم حلولاً، بل جاءت لتطرح قضية.
لقد قدمها المؤلف في صيغة ثنائية: زينب والطاهر /جاكلين وبيبيكو، وهي
شخصيات ليس لها معالم محددة، فلا ماضي لها، ولا مستقبل لها إلا في إطار
البنية السردية، ولا إمكانات مادية، أو بمعنى آخر. ولا وجود للمزاج الذي
يملي عليها أفعالها. فزينب قد تماثل أو تطابق شخصيات أخرى تختلف عنها في
الاسم فقط، فزينب هي تارة زوليخة، وتارة هي الطاهر، ورابح الجن قد يصبح
ابنه. وصالح الذيب هو صورة أخرى لبيبيكو. فهذه الشخصيات لا تملك خصائص
اجتماعية فكرية وثقافية، وحتى إن وجدت عندها، فهي مشكوك فيها، بل مشكوك
حتى في الشخصيات نفسها. فزينب، هذه أتعبت الغدير. هذه مجنونة؟ أتعبتني
بحركتها النشيطة؟ أهي سمكة بشرية؟ ماذا أقول لها؟ لا أقوى على دفعها. لا
أقدر على ابتلاعها لنفسي، لو أستطيع الاستئثار بها" (ص18) هي أنثى دون أن
تكون أنثى، ولعل المرأة هنا لا تمثل إلا وجهاً آخر لزينب، وهي طوراً
الأرض، يقول في (ص56-57) لم يكن لديه إلا الأرض الذهب. أعز ما يملك. أغلى
ما تملكون. أرض زينب. زينب الأرض، أرضها الخصبة، الجملة، أعز ما تملكون.
هل لكم رأي غير هذا؟ أبداً، لا. وهي طورا آخر شيء "خرافي لو شاهدتك حلومة،
وأنت تحلقين من فوق الربوة العالية، أو علم الجزائر ملأة واحدة فضفاضة
خضراء بيضاء حمراء وهي ما كان ليس إلا أنت مجرد زينب. مجرد مكان تكالبوا
عليه. أنت كائن ارتدى لباس البشر (ص؟) فشخصية زينب وإن بدت في البداية
بمعالم تكاد تكون واضحة، تفقد في كل وضع كل ملمح محدد ومؤطر لشخصيتها،
إنها ذلك الشيء الذي لا يقبض عليه، إنها تتجدد باستمرار. وهذا ما يربك
القاريء ويجعل خيوط الرواية تنفلت من بين أصابعه. ذلك أن هذه الشخصية غير
محدودة بمعالم وبفكر وبمزاج وعواطف ولها تاريخ وميلاد ومكان وتواجد.
وفي
موقع آخر من الرواية يقول السارد: "يا أصحاب الربوة. زينب خرافة العقد
خرافة. أنت بالذات خرافة. خرافة في خرافة. هل تفهم؟ هذه هي الحقيقة" (ص77)
فزينب ليست ههنا شخصية إنها وظيفة داخل السرد. وقد سبقنا إلى تحديد مفهوم
الشخصية عند الروائي من خلال دراسة لنا حول رواية الخنازير، إلى أن
الشخصية عنده هي مفهوم، وكل من تقمص ذلك المفهوم فإنه تلك الشخصية. وكذلك
الأمر ههنا، فشخصية زينب هي مفهوم يقوم بوظيفة سردية يستثمرها السارد في
تشكيل البناء الفني للعمل. وقد تصبح زينب هذه شخصية أسطورية لا وجود لها
فهو بعد أن ذكرها وأعطاها مميزات كاد القارئ أن يصل إلى تحديد معالمها،
يمحو كل هذا وينقلب على القارئ، إنها خرافة. وهذا ما يؤكد على أن الشخصيات
في الرواية الجديدة هي كائنات ورقية يشكلها المبدع كيف ما شاء، وإذا كان
الأمر كذلك فهل تنفلت الشخصية من سلطة المبدع؟ وإلا فإنها قد تصبح لسان
حال داخل النص الروائي، ويصبح الكلام والحديث الذي يدور داخل النص السردي
ليس حديث الشخصية، وإنما حديث الروائي. إن للشخصية دوراً واحداً، وهو دور
السرد، فالوظيفة السردية هي التي تتحكم في كل شيء، وهي التي تجعل الشخصية
في مكان معين، ولعل هذا الارتباط هو الذي يسهم في بناء الحدث بالمفهوم
الجديد. يقول في
(ص21)
إنما ماذا تفعل؟ أنت تخادع نفسك. من أنت؟ هل أنت إلا مجرد راع؟ ترعى مواشي
أمك.. أبوك؟ ماذا تعرف عنه؟ تسمع الآخرين فقط يتحدثون عنه كالماضي الميت.
كالزمن الضائع من قبضة التاريخ، أبوك.." فهل أن هذا النص يؤكد على مبدأ أن
الشخصية هي من كارتون أو من ورق يكيفها الروائي كما يشاء؟ أو أن هناك نوع
من الانفلات والتحرر من قبضة الروائي؟ كلنا يعرف أن الرواية الجديدة تدعو
القارئ إلى المشاركة في إبداع النص، فهي نص مفتوح على تعدد القراءة.
والمبدع يعمل على مشاركة القارئ في العملية الإبداعية، فهو شريك لا يستغنى
عنه. ومن هنا فإن توظيف الشخصية يخضع لخصائص سردية حيث يخدم السرد الذي
تسير عليه الرواية، وقد صرح الروائي قائلاً" أنت شخصية من ورق، بمعنى أنها
قابلة لإعادة التشكيل والترتيب، في حين أن شخصية الرواية التقليدية تأخذ
معالم مكتملة وخصائص ومميزات وفكر واجتماع ومن ثم يصعب إعادة تشكيلها مرة
ثانية. ومن هنا نقول إن الشخصية في هذا النص السردي هي فرضت أن تأتي على
هذه الصورة، إن المقام لا يسمح بالوقف عند كل الشخصيات، ولهذا سعينا إلى
أن نقدم صورة عنها.
لقد
ارتبط وجود الشخصية ههنا بزمن الثورة الجزائرية، فهل كان الروائي يقصد من
وراء طمس معالم الشخصية التأكيد على أن هذه الثورة هي ثورة أمة ثورة شعب
وليست ثورة فرد أو شخص؟ قد يكون هذا سبباً من الأسباب التي جعلت هذا
المبدع يختار هذا النوع من التقنية في كتابة هذا النص الذي انتهى من
كتابته عام 1982، وطبع سنة 1986 بدار الحداثة بيروت، ويقع في 215 صفحة من
حجم 12/18.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وفي الاخير لا يسعني الا بان اشكركم لأتحافكم موضوعي هذا ,,,,
سأل المولى عز وجل بان يعلمنا العلم النافع ,,,
وان يرزقنا من حيث لا نحتسب ,,,
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...