[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]شغل
فريق من علماء لغتنا العربية المعاصرين بمناقشة طريفة دارت حول أي
الأسلوبين أدل على التواضع وعدم الاعتداد بالنفس : أن تقول وأنت تتحدث عن
نفسك : أنا أرى كذا، وأنا أحب كذا، مستعملا ضمير المفرد "أنا" أو أن تقول
: نحن نرى كذا ، ونحن نحب كذا ، مستعملا ضمير الجمع "نحن" . وقد كان الظن
الشائع أن استعمال المتكلم لضمير الجمع في التعبير عن نفسه فيه تعظيم
للنفس ، كأن يقول : نحن نرى كذا ، ونحن نفعل كذا .
لكن
الطريف أن بعض علمائنا يرون أن استعمال المتكلم المفرد لضمير الجماعة إنما
يشعر بالتواضع خلافا للمعهود من أن يكون لتعظيم النفس ، وأن إفراد الضمير
فيه تأكيد للذات وتعظيم للنفس ، عندما يقول القائل : أنا أرى كذا ، وأنا
أفعل كذا .
ويرون
أن هذا هو ما جرت عليه أساليبنا العصرية ، فعندما نقول مثلا : تجيء عندنا
ونزورك ، تكون مقبولة أكثر من قولك : تجيء عندي وأزورك . كأنهم يستشعرون
أن المتكلم لما استعان بغيره أصبح بريئا من الأثرة والأنانية ، وأن
استعمال المتكلم لضمير الجمع بدلا من ضمير المفرد يدل على إظهار التعاطف
مع المخاطب تخفيفا لقسوة التكلم عن النفس ، فعندما يتكلم المتكلم في مجال
الخطابة أو الحديث إلى الجماهير ويقول : نحن نرى كذا.. فإنه لا يتواضع
فقط، بل هو يشرك معه سامعيه في الرأي بدلا من فرضه عليهم .
هذا
الأسلوب البلاغي العصري من أساليب لغتنا العربية مبني على قاعدة نفسية
معروفة ، هي أن المتكلم يبذل كل جهده لجذب المستمع إلى جانبه ، بإشراكه
معه في الحكم بدلا من فرضه عليه، فأنت تشرك المستمع معك في الموضوع عندما
تقول له : نحن نرى كذا ونحب كذا ونوافق على كذا ، وتجانب التواضع عندما
تقول : أنا أرى كذا وأحب كذا وأوافق على كذا.