ولو أنهم إستمعوا إلى نداء المصلحين لما أبتلوا بتلك
النهاية المريعة. وهكذا كل أمة لا تفلح إلا إذا عرفت قيمة
المصلحين، فإستمعت إلى نصائحهم، وإستجابت لبلاغهم وإنذارهم.
لهذا الدور تصدى أوسط اصحاب الجنة، فعارضهم في البداية حينما
أزمعوا وأجمعوا على الخطيئة، وذكرهم لما أصابهم عذاب الله
بالحق، وحملهم كامل المسؤولية، وإستفاد من الصدمة التي أصابتهم
في إرشادهم إلى العلاج الناجع.
(قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون) من هذا الموقف نهتدي إلى
بصيرة هامة ينبغي لطلائع التغيير الحضاري ورجال الإصلاح أن
يدركوها ويأخذوا بها في تحركهم إلى ذلك الهدف العظيم، وهي: إن
المجتمعات والأمم حينما تضل عن الحق وتتبع النظم البشرية
المنحرفة، تصير إلى
الحرمان، وتحدث في داخلها هزة عنيفة (صحوة) ذات وجهين، أحدهما
القناعة بخطأ المسيرة السابقة، والآخر البحث عن المنهج الصالح.
وهذه خير فرصة لهم يعرضوا فيها الرؤى والأفكار الرسالية،
ويوجهوا الناس اليها.
من هذه الفرصة إستفاد أوسط اصحاب الجنة، بحيث حذر أخوته من
أخطائهم، وأرشدهم إلى سبيل الصواب.
(قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين* فأقبل بعضهم على بعض
يتلاومون* قالوا ياويلنا إنا كنا طاغين* عسى ربنا أن يبدلنا
خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون).
وقصة هؤلاء شبيه بقوله تعالى:
((وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً
مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ
مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ
لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ
وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ
فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ))
قيل: هذا مثل مضروب لأهل مكة . وقيل: هم أهل مكة أنفسهم،
ضربهم مثلا لأنفسهم. ولا ينافي ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم.
الموضوع الأصلي :
قصة أصحاب الجنة الكاتب :
المدير{ع~المعز}العامالمصدر :
منتديات طموح الجزائرالمدير{ع~المعز}العام : توقيع العضو
|